عروة قنواتي
ترددت في الأيام الأخيرة الماضية، وإبان اختتام بطولة الأندية العربية الأبطال (كأس زايد)، تصريحات لرئيس اتحاد الكرة لدى النظام السوري، السيد فادي دباس، مفادها أن الاتحاد العربي لكرة القدم قد منح مقعدين لأندية النظام السوري في البطولة المقبلة، التي أطلق عليها اسم العاهل المغربي “محمد السادس” في النسخة الثانية للأندية العربية بعد التحديثات.
المشهد لم ولن يكون غريبًا في طبيعة التعاطي العربي مع أي قضية تخص الشعوب العربية، فهذا الأمر متوقع وخاصة مع الضجة التي أحدثها الإعلام العربي (الخاص والعام) احتفالًا بمنتخب النظام السوري في تصفيات كأس العالم 2018 وكأس أمم آسيا 2019، بالرغم من أنه لا شيء جديد على المشهد الكروي في سوريا غير الخيبة والهزيمة والخروج المستمر من المسابقات وتغول الأفرع الأمنية في الملاعب والأندية وكل الجسد الرياضي، إلا أن الفرصة مناسبة للإعلام العربي ومسؤولي الرياضة العرب لتسمية ما يحدث في سوريا حربًا واقتتالًا وسكب الشعارات التي تتحدث عن الإنسانية والسلام للشعب السوري عبر الرياضة والمنتخب والأندية.
لن نختلف الآن على التسمية، حيث يطلق الشارع المناهض والثائر ضد نظام الأسد وإجرامه كل التوصيفات التي تحكي وبإسهاب ما حدث للشعب السوري وملاعبه وشوارعه ومدنه ومناطقه وأبنائه على مر السنوات، بينما يسمي “أغلب” العرب ما يحدث حربًا، من دون النظر إلى الضحايا والكشف عن المجرم في خطوة تغزو السياسة ومصالح الدول والأقطاب والمحاور على حساب مشهد الإنسانية، فتعود العبارة “أحضروا الأندية السورية لكي تشارك تحت ظل العرب”.
هل يفيد مع هؤلاء أن تطلب منهم معرفة ما حدث داخل ملاعب اللاذقية والحمدانية ودير الزور والعباسيين ودرعا البلدي، هل فعلًا لا يعلمون كيف تحولت هذه الملاعب مع صالات البلاد الرياضية إلى مراكز تصفية للشعب السوري ومعسكرات اعتقال لعدد كبير من شباب وسيدات وأطفال سوريا؟
إذا لم يكن أيٌّ منا طرفًا محايدًا أو مخولًا بنقل ملف انتهاكات يقبل بها المسؤول الرياضي العربي ويسأل من يحكم الرياضة في سوريا عن صحة أو عدم صحة الملف، فهل ما تم عرضه على أهم شاشات الكرة الأرضية من خروج لدفعات الصواريخ وقذائف الدبابات وإقلاع المروحيات من داخل الملاعب لا يفي بالغرض؟
كيف سيسمع الاتحاد العربي لكرة القدم أو كيف سيؤمن بأن 100 لاعب ومدرب ومسؤول كروي في سوريا قد قتلوا بعدة أساليب خلال سنوات الحرب التي يحلو للعرب مؤخرًا تسميتها “الحرب السورية”؟
فقط عند العرب يدخل المجرم ومعاونوه إلى الصدارة مجددًا ويتلقون هتافات المباركة والتحية، بينما يقوم العرب بإخفاء الجثة ورميها بعيدًا عن موطنها الأصلي، فالقاضي والمحكمة والمحقق داخل عرس الأندية العربية يتبادلون التهاني بعودة الفارس سالمًا بعد قضائه على المؤامرة وصموده في وجه المخربين وأعوانهم وحلفائهم، كما التوصيف العروبي المخادع والتحليل القومي الميت.
وأخيرًا.. هنيئًا للعرب بمجرميهم.