الإنجازات الهائلة للبروباغندا
السيطرة على الإعلام
الإعلام هو وسيلة وأداة مهمة في يد الحكومات الديمقراطية، التي تفهم دورها بمنع الشعب من إدارة شؤونه، مع التلاعب بإرادته وتوجيهه وفق ما ترغب، هكذا يرى الكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي، مفهوم الديمقراطية ويعرض طريقة استخدامها للإعلام كوسيلة تشويش وتضليل تعمد للسيطرة على الشعوب الغافلة.
ويستخدم تشومسكي تاريخ الولايات المتحدة لعرض تلاعب حكوماتها وقادتها في الرأي العام الأمريكي، منطلقًا من بداية القرن الماضي ونجاح الحكومة بتحويل الشعب الأمريكي المسالم، الذي لا يرى أي داعٍ لتدخل بلاده بالحرب في أوروبا، إلى “مواطنين تتملكهم الهستيريا والتعطش للحرب، والرغبة في تدمير كل ما هو ألماني، وخوض حرب، وإنقاذ العالم!”.
وتابع بعرض فترة الحرب والتهويل من الخطر الشيوعي، والذي حقق قمعًا كبيرًا لحرية الصحافة والأحزاب والنقابات، واستخدام الفزاعة السوفيتية، وحتى الحرب على الإرهاب.
ولم يعمد تشومسكي إلى نقد التوجه الأمريكي وحده، فقد بيّن أن مفهوم السيطرة والتلاعب بالإعلام يوافق التوجه الشيوعي أيضًا، معتبرًا أن التلاعب ينبع من هدف “دفع الجماهير الغبية الدهماء باتجاه مستقبل غير قادرين أو مؤهلين لفهمه، أو وضع تصور له، لشدة غبائهم وعدم أهليتهم لفعل ذلك”.
وتحدث عن وجود طبقتين للنظم الديمقراطية، طبقة متخصصة تقوم بالتفكير والتخطيط للمصالح العامة، وطبقة القطيع الضال (الشعب)، مهمتها أن تكون مشاهدة لا مشاركة في القرار، ولكن يُسمح لها، من حين لآخر، بتأييد أحد أفراد الطبقة المتخصصة بالقول “نحن نريدك قائدًا لنا”.
إن تشويش الحقائق ودفنها تحت طبقات من الأكاذيب لتشويه نظرة الشعب إلى الوقائع العالمية، وإلهائه بالأفلام والعنف والجنس، مع نصب فزاعة دائمة ليخاف منها، هو تصور الديمقراطية، بحسب تشومسكي.
كما قدم في كتابه تصورًا لصحفي آتٍ من المريخ، يتبع البديهيات الأخلاقية، يسعى لتغطية الحرب الأمريكية المزعومة على الإرهاب.
أول ما سيقع به صحفي المريخ هو ملاحظة تكرار ذريعة الإرهاب التي يقودها المسؤولون ذاتهم بين ثمانينيات القرن الماضي وبدايات القرن الحالي، وسرعان ما سيغرق في تتبع “نفاق” الدعايات الأمريكية وازدواجيتها في تحديد الإرهاب والإرهابيين.
تعريف الحكومة الأمريكية المعلن لذلك الإرهاب هو “الاستخدام المحسوب للعنف، أو التهديد باستخدامه، لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية في الأساس، من خلال التخويف وإدخال الذعر والإجبار”، وهو ما يطابق تمامًا سياساتها بحسب الكاتب.
يوصل هذا الكتاب فكرة أهمية الدعاية الإعلامية في تحقيق أهداف الحكومات، عبر وصفها بالقول إن “الدعاية في النظام الديمقراطي هي بمثابة الهراوات في الدولة الشمولية (الاستبدادية)”.
نعوم تشومسكي هو عالم لغويات وفيلسوف ومؤرخ وناشط سياسي، يبلغ من العمر 90 عامًا، ألف ما يزيد على 100 كتاب.
تُرجم كتابه هذا ونُشر من قبل مكتبة الشروق الدولية في القاهرة عام 2003.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :