أستانة تفشل.. قطار جنيف يعود

camera iconمسؤولون يحضرون جلسة محادثات السلام حول سوريا في نور السلطان كازاخستان- 26 أبريل 2019 (رويترز)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خاص

جولة أخرى من جولات محادثات “أستانة” الاثنتي عشرة، تفشل في تقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع النظام والمعارضة السورية فيما يخص تشكيل اللجنة الدستورية، بعد قرابة عام ونصف من “محادثات ماراثونية” حول تشكيلها، بعد اقتراحها في مؤتمر أطلقت عليه موسكو “الحوار الوطني” في مدينة سوتشي في 20 من كانون الأول 2018.

بعد محادثات استمرت ليومين في العاصمة الكازاخية في 25 و26 من نيسان الحالي، بين عدة أطراف، أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، فشل المشاركين في التوصل لاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية السورية، لتفشل معها مساعي روسيا في إعادة مسارها السياسي إلى الواجهة.

الروس يفشلون في فرص مسارهم السياسي

ومنذ 23 من كانون الثاني 2017 أطلقت روسيا إلى جانب تركيا وإيران محادثات “أستانة”، وحاولت من خلالها “ضرب عصفورين بحجر واحد“، الأول على الأرض باستعادة أجزاء واسعة من مناطق المعارضة بعد تجميد جبهاتها، وحققت غايتها عبر سيطرة قوات الأسد على مساحات واسعة من مناطق المعارضة، كان آخرها المنطقة الجنوبية في تموز 2018.

أما الثاني فهو سياسي، والذي تمكنت فيه من حرف الرؤية السياسية لسوريا عن مسار “جنيف” ومحاولتها إيجاد حل للملف السوري بحسب رؤيتها بعيدًا عن قرار مجلس الأمن والأمم المتحدة، ما يعطيها نصرًا سياسيًا أمام المجتمع الدولي بإنهاء ملف ربما يعتبر من أعقد الملفات بسبب الأطراف المتصارعة فيه.

لكن الروس لم ينجحوا في فرض رؤيتهم السياسية في “أستانة”، وسط تمسك الولايات المتحدة الأمريكية، التي أعلنت فشل الجولة الماضية في تشرين الثاني 2018، والاتحاد الأوروبي بضرورة إيجاد حل للملف السوري ضمن إطار محادثات جنيف وتحت إشراف الأمم المتحدة، ما يحكم على مسار “أستانة” بالفشل.

ومن المؤشرات التي توحي بفشل “أستانة” ما تتضمنه البيان الختامي من الجولة الثانية عشرة بترحيل الدول الضامنة مسألة تشكيل اللجنة الدستورية إلى “جنيف”، والاتفاق على عقد الجولة المقبلة من “أستانة” في جنيف، دون تحديد موعدها، وسط التأكيد على الجاهزية الكاملة لدعم جهود المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، بما في ذلك الحوار الفعال مع الأطراف السورية.

وكانت جنيف احتضنت ثماني جولات من المفاوضات بين النظام والمعارضة، كان آخرها في تشرين الثاني 2017، قبل عقد جولة تاسعة في كانون الثاني 2018، ليعود قطار جنيف مجددًا بجولة عاشرة مجهولة حتى الآن.

نقل المحادثات إلى جنيف يعتبر اعترافًا ضمنيًا من قبل روسيا والدول الضامنة بعدم إمكانية التقدم في المسار السياسي في “أستانة”بمعزل عن المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ما يفتح مرحلة جديدة من الصراع السوري يكون عنوانه محاولة تثبيت النفوذ لكل دولة في سوريا.

وكانت الاتحاد الأوروبي وجه في مؤتمر بروكسل، الذي انعقد في 14 من آذار الماضي، رسالة إلى روسيا عندما خلا البيان النهائي من ذكر “أستانة” أو الحديث عنه أو دعمه، على خلاف النسختين السابقتين، والتأكيد على حل المسألة السورية ضمن إطار الأمم المتحدة وقرار جنيف 2254.

اتهامات متبادلة وبوتين يصعّد لهجته السياسية

في ظل صمت تركي حول اللجنة الدستورية، وعدم وجود تصريحات تركية حول محادثات “أستانة” على خلاف الجولات السابقة، اكتفى مبعوث روسيا الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، بالإعلان عن فشل تشكيل اللجنة دون توجيه مسؤولية ذلك لأي طرف، معتبرًا أن النظام وجماعات المعارضة والجهات الداعمة للطرفين يمكن أن يتفقوا على تشكيل لجنة دستورية في الأشهر المقبلة.

في حين اتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر صحفي على هامش فعاليات منتدى “الحزام والطريق” في الصين السبت 27 من نيسان، المعارضة السورية بإفشال تشكيل اللجنة الدستورية، معتبرًا أن النظام السوري لا يعرقل تشكيلها ولا يحاول فرض موقفه فيما يتعلق بقوائمها.

لكن رئيس هيئة التفاوض السوري، نصر الحريري، اعتبر ردًا على تصريحات بوتين، عبر حسابه في “تويتر”، أن “النظام السوري، بدعم من روسيا وإيران، هو المسؤول المباشر عن تعطيل تشكيل اللجنة الدستورية باختلاق ذرائع وحجج من أجل عدم إحراز تقدم حقيقي في الجهود السياسية”.
كما وجه بوتين رسالة ضمنية، بعد فشل “أستانة”، إلى المعارضة السورية من خلال اعتباره أن “الحكومة السورية خرجت منتصرة”، وأن “المعارضة السورية تعتبر أن حكومة الرئيس بشار الأسد منتصرة وهذا الأمر صحيح وواقع”.

في حين قال الحريري إن النظام السوري “لم ولن ينتصر” وتصريحات روسيا، إن كانت صحيحة، لا تمت للواقعية ولا للموضوعية بشيء، مضيفًا أنه لولا التدخل الروسي والإيراني واستمرار وجودهما إلى جانب النظام لانهار النظام مباشرة.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة