مع غياب شمس السبت آخر أيام الأسبوع في تركيا، تبدأ الجماهير التركية في مدينة اسطنبول بالتوجه إلى ملاعب أنديتها، كل حسب ما يعشق ويشجع، فتعج محطات الميترو بالمشجعين.
منهم من يحمل راية بيشكتاش وآخرون يرفعون أعلام غلطة سراي، بينما يقيم معظم مشجعي نادي فناربخشة في القسم الآسيوي للمدينة الضخمة، أما نادي باشاك شهير، والمعروف بنادي بلدية اسطنبول، فينشط في منطقة باشاك شهير المستحدثة.
لا تقل كرة القدم التركية بجماهيريتها وأهميتها عن كرة القدم الأوروبية، فعمر أقدم أنديتها، بيشكتاش، من عمر كبار الأندية الأوروبية، وأكبر من بعضها أحيانًا.
في اسطنبول لا تنفصل الرياضة عن السياسة، والانتماءات الرياضية لا تنفصل عن الانتماءات الحزبية.
الرياضة ليست بمنأى عن الأحداث السياسية
في كرة قدم اسطنبول، لا تنفصل السياسية عن الرياضة، فتغلب ألوان التحزبات على هتافات الجماهير، وتظهر انتماءاتهم السياسية واضحة جلية، دون تغطية أو مواربة، هناك حيث تعشق الجماهير الكرة وتمارس السياسة.
خلال مواجهة باشاك شهير سبور ونادي بيشكتاش التركي، منتصف نيسان الحالي، هتفت جماهير الأخير بأصوات عالية تنادي بتسليم مرشح المعارضة (أكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري) رئاسة بلدية اسطنبول بعد فوزه بالانتخابات المحلية، بعد أن رفض الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) النتائج الصادرة وقدم اعتراضاته عليها.
هتفت الجماهير “أعطونا وثيقة الفوز، أعطوا إمام أوغلو الوثيقة”، بحضور أكرم إمام أوغلو جالسًا بجانب رئيس النادي في منصة شرف النادي التركي العريق.
أما بالنسبة لنادي باشاك شهير متصدر الدوري الحالي، فظهر كقوة جديدة على الساحة في أكبر المدن التركية، ولدى إدارته علاقات وثيقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
تأسس النادي سنة 1990، كفريق للهواة، وارتقى بسرعة من خلال تسلسله في بطولات الدوري التركي، ووصل إلى الدرجة الأولى عام 2007، وفي 2014، بدأت ثروة النادي التركي الحديث تتغير، عندما تولت مجموعة من رجال الأعمال، المقربين من حزب العدالة والتنمية الحاكم، رئاسة الفريق.
يتولى رئاسة النادي غوكسيل غمشداغ، وهو من أقارب أمينة أردوغان، زوجة الرئيس التركي، ويتولى إدارة النادي مدرب المنتخب التركي السابق عبد الله أفجي.
وافتتح رجب طيب أردوغان ملعب باشاك شهير سبور بنفسه عام 2017، في عرض احترافي من الرئيس التركي الذي كان لاعبًا سابقًا، غير محترف.
وعلى صعيد آخر، اعتقلت السلطات التركية رئيس نادي فناربخشة، عام 2011، على خلفية تلاعب بالنتائج، وفي عام 2016 اعتقلت السلطات نحو 30 شخصًا من نادي فناربخشة تقول الحكومة إنهم على صلة بفتح الله غولن الذي قاد محاولة انقلاب على الرئيس التركي حينها، وأعلن النادي آنذاك أن ما يحصل هو محاولة تشويه لسمعة النادي ورئيسه.
فناربخشة وغلطة سراي.. الديربي الأكبر
يعتبر ديربي ناديي فناربخشة وغلطة سراي الأكبر بين ديربيات مدينة اسطنبول، إذ يمثل غلطة سراي النخبة التي شكلها طلاب من مدرسة غلطة سراي الثانوية، الأقدم في تركيا، بينما ينظر إلى نادي فناربخشة على أنه “نادي الشعب”.
الفريقان فازا بمجموع 40 لقبًا من السوبر ليغ التركي من أصل 62 لقبًا منذ تأسيسه.
ولكن اليوم اختلفت القوى بين الناديين وتوسعت الفجوة إذ يصارع غلطة سراي على القمة، بينما يصارع فناربخشة لتفادي الهبوط، ويعتبر الأخير في أسوأ أيامه منذ 20 عامًا، لا سيما بعد عقوبات الاتحاد الأوروبي عليه (بسبب التلاعب) التي حدت من قدراته المالية.
وعلى الرغم من كل ذلك لم يتمكن غلطة سراي من هزيمة فناربخشة في المباراة التي جمعتهما، منتصف نيسان الحالي، والتي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق.
وبهذا التعادل يكمل النادي، الواقع في القسم الآسيوي من مدينة اسطنبول، مسيرته دون هزيمة على أرضه أمام غلطة سراي منذ عام 1998.