تفرض ثلاث دول عربية هي مصر والسودان وليبيا حالة الطوارئ، التي تطبق عادة إثر وقوع أحداث استثنائية في البلاد تهدد الأمن العام، وتعطى خلالها السلطات الإدارية صلاحيات استثنائية، تخولها المس ببعض الحريات والحقوق الأساسية الفردية والجماعية، كالحق في التجمع والتظاهر والتنقل وحرية الصحافة وغيرها.
وفُرضت حالة الطوارئ في مصر بدءًا من الساعة الواحدة من ظهر اليوم، الخميس 25 من نيسان، لمدة ثلاثة أشهر، وفق ما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس الأربعاء.
وأصدر السيسي أمس القرار الجمهوري رقم 208 لسنة 2019، الذي ينص على أن “تعلن حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، لمدة ثلاثة أشهر اعتبارًا من الساعة الواحدة من صباح يوم الخميس الموافق الخامس والعشرون من أبريل عام 2019 ميلادية”.
كما نص القرار في مادته الثانية، على أن “تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ أرواح المواطنين”.
ويفوض رئيس الوزراء باختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وفقًا للمادة الثالثة من القرار.
كما تتضمن المادة الرابعة من القرار أنه “يعاقب بالسجن كل من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 المشار إليه”.
ويعد هذا الإعلان تمديدًا لحالة الطوارئ التي كانت قد فرضت للمرة الأولى في تشرين الأول من عام 2014، في محافظة شمال سيناء، كما أعلنت في عموم البلاد لأول مرة بتاريخ 10 من نيسان 2017، وذلك ردًا على هجومين تبناهما تنظيم “الدولة الإسلامية” وأوقعا 45 قتيلًا على الأقل استهدفا آنذاك كنيستين شمالي البلاد هما مار جرجس في طنطا ومار مرقس بالإسكندرية.
وبموجب حالة الطوارئ يحق للسلطات المصرية توسيع صلاحيات الشرطة والجيش، وفرض حظر تجول في المناطق ومراقبة وسائل الاتصال والصحف ومصادرتها.
ويأتي فرض حالة الطوارئ في مصر من جديد عقب إقرار تعديلات دستورية تتيح للرئيس عبد الفتاح السيسي الاستمرار في منصبه حتى عام 2030 وذلك بعد موافقة البرلمان، و88% من المشاركين في استفتاء أجري على هذه التعديلات.
ووفق التعديلات، تم تغيير المادة (140) من الدستور المصري التي تمدد الفترة الرئاسية إلى ست سنوات، وتسمح للرئيس بتمديد فترة ولايته الحالية ومدتها أربع سنوات تنتهي في عام 2022، لمدة عامين.
وإلى جانب تمديد فترة حكم السيسي، تضمنت التعديلات المقترحة دورًا أكبر للجيش في الحياة السياسية، إذ نصت التعديلات على أن “القوات المسلحة ملك الشعب، مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها وصون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها”. التعديلات طالت أيضًا هياكل السلطة القضائية، ومنحت صلاحيات جديدة للرئيس فيما يتعلق بتعيين القضاة والنائب العام، كما دعت لإنشاء غرفة ثانية للبرلمان باسم مجلس الشيوخ يضم نحو 180 عضوًا يعين الرئيس ثلثهم، وتمثيل للمرأة يزيد على 25% في البرلمان.
حالة الطوارئ في السودان
وفي السودان أعلن وزير الدفاع عوض بن عوف، يوم 11 من نيسان الحالي، انقلابه على الرئيس عمر البشير وإعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر.
وقال ابن عوف في بيان “أعلن اقتلاع النظام والتحفظ على رأسه بعد اعتقاله في مكان آمن”.
وأقر ابن عوف تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى فترة الحكم لمدة عامين، وتعطيل العمل في دستور 2005 وحل مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والمجلس الوطني ومجلس الولايات وحكومات الولايات.
كما أعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وفرض حظر التجوال لمدة شهر في أنحاء البلاد.
ورغم استقالة ابن عوف إلا أن حالة الطوارئ ما يزال معمولًا بها.
وقبلها أعلن الرئيس السوداني عمر البشير حالة الطوارئ لمدة عام وذلك يوم 22 من شباط الماضي بعد أكثر من شهرين من التظاهرات والاحتجاجات ضد الحكومة والمطالبة بإسقاط النظام بعد 30 عامًا من حكمه المستمر.
وفي أوامر عاجلة تنفيذًا لقرار إعلان حالة الطوارئ حظر البشير، التجمعات والاحتجاجات، والإضرابات والتوقف عن العمل أو الخدمة، كما حظر حركة الأشخاص والأشياء ووسائل النقل والاتصال في أي منطقة أو زمان، وإقامة الندوات والتجمعات والفعاليات المختلفة والأنشطة، كما فوّض القوات النظامية بدخول أي مبانٍ أو تفتيشها أو تفتيش الأشخاص.
الوفاق الليبيبة تعلن حالة الطوارئ
وفي ليبيا فرض المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني حالة الطوارئ بطرابلس وضواحيها، في أيلول الماضي وذلك بعد اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى وخلفت أضرارًا مادية فادحة في الممتلكات العامة والخاصة.
وتشهد ليبيا صراعًا على الشرعية والسلطة بين حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا غربي ليبيا وتتخذ مدينة طرابلس الساحلية عاصمة لها، تحت قيادة رئيس الوزراء فايز السراج منذ عام 2016، وبين خليفة حفتر المدعوم من مجلس النواب بمدينة طبرق شرقي البلاد.
وتقف كل من مصر والإمارات وروسيا بصف حفتر، في حين تدعم الأمم المتحدة وقطر وتركيا حكومة الوفاق.
ما هي حالة الطوارئ؟
وتعرف حالة الطوارئ بأنها تلك الحالة الاستثنائية التي تتعرض فيها الدولة لظروف استثنائية تبرر ضرورة تسلح السلطة التنفيذية بسلطات استثنائية لمواجهة ما تمثله من أخطار.
وتتضمن دساتير الدول عادة مواد تنص على إعلان حالة الطوارئ وتطبيق الأحكام العرفية على البلاد بموجب قوانين.
ومع أن إعلان حالة الطوارئ يُعطي الحكومة صلاحيات واسعة في تفويض الأجهزة الأمنية لمواجهة الأوضاع الطارئة، إلا أنه توجد موانع تحول دون استمرار الأوضاع إذا لُوحظت تجاوزات أو تصرفات استبدادية من جانب الحكومة.
حالة الطوارئ في القانون الدولي
وحدد “العهد الدولي للحريات المدنية والسياسية”، الصادر عام 1966، الشرط الأساسي لفرض حالة الطوارئ بوجود خطر عام واستثنائي يتهدد وجود الأمة، على أن يتم إعلانها بشكل رسمي.
ونص على ألا تكون التدابير المتخذة متعارضة مع التزامات الدولة المعنية بموجب القانون الدولي، كما حذر من أن تأخذ إجراءات الطوارئ نزعة تمييزية قائمة على العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين.
ويُشدد العهد الدولي على ألا تكون حالة الطوارئ، في أي حال من الأحوال، ذريعة لحرمان الأفراد من حقوقهم الأساسية مثل الحق في الحياة، والحق في التفكير والاعتقاد، كما لا يجب أن تكون ذريعة لترخيص الممارسات غير الإنسانية أو الحاطة بالكرامة الإنسانية أو التعذيب أو العبودية والاضطهاد.
–