يعتبر الصراع الوحشي في سوريا الذي دخل عامه الخامس رعبًا حقيقيًا، بالإضافة إلى أن الموت والدمار والتشريد لم يلق بظلاله على سوريا فقط بل امتد في الوقت الحالي إلى العراق، وهذا ما يمكننا من اعتبار هذا الأمر هو الأزمة الإنسانية المميزة لهذا القرن؛ بينما ومع كل هذا الوضع السيء يبدو أن العالم لم يعد مباليًا بالبؤس البشري المتزايد هناك.
وفي ضوء الوضع المتردي في سوريا يمكن لأمريكا رفع سقف دعمها، وخصوصًا فيما يخص أمر استيعاب اللاجئين السوريين على مدى العامين المقبلين.
وفي ظل الجمود السياسي المفزع في الإجابة على الأسئلة الكبيرة فيما يخص أمور الحرب والسلم، يجب أن يكون هناك خطوات لتفعيل الأدوات اللازمة لتخفيف معاناة السوريين التي هي في النهاية ضمان قوة الغرب.
ومن الجيد بالنسبة للولايات المتحدة ودول غربية أخرى زيادة التزامها بإعادة توطين اللاجئين السوريين، وعلى الرغم من أن إعادة التوطين لن تنهي الحرب إلا أنها من الممكن أن تنقذ بعض الضحايا الأكثر ضعفًا، كضحايا الاغتصاب والتعذيب التي تشمل النساء والأطفال، وهؤلاء الذين يحتاجون لعناية طبية فائقة.
وحتى الآن، امتد هذا العبء الكبير ليؤثر على جيران سوريا، إذ استقبلت لبنان والأردن والعراق وتركيا قرابة 4 ملايين لاجئ، وقد ازداد التعداد السكاني للبنان فقط قرابة 25 بالمائة.
بينما أعادت الولايات المتحدة توطين 546 لاجئ سوري على مدى السنوات الأربع الماضية، كما أن غيرها من الدول الغربية لم تفعل ما هو أفضل منها بكثير، على الرغم من تعهد ألمانيا باستقبال 35 ألفًا من أصل 130 ألفًا طلبت وكالة الأمم المتحدة للاجئين من المجتمع الدولي إعادة توطينهم قبل عام 2016.
ويقول الجميع أن أمريكا وعبر برنامج إعادة توطين اللاجئين فيها، والذي يساعد قرابة 70 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم، تستطيع القيام بثلاث خطوات أساسية لضمان مساعدة السوريين الأكثر حاجة عبر هذا البرنامج.
أولًا: في ضوء الوضع المتردي في سوريا يمكن رفق سقف الـ 70 ألف فيما يخص استيعاب اللاجئين السوريين على مدى العامين المقبلين؛ ووفقًا للمعايير التاريخية فإن على الولايات المتحدة الالتزام باستقبال 65 ألف أو مايقارب 50 بالمئة من هؤلاء الذين حددتهم الأمم المتحدة لإعادة توطينهم بحلول نهاية عام 2016.
ويتطلب تحقيق ذلك زيادة في الموارد لكي تستطيع وزارة الأمن الداخلي في أمريكا معالجتها بشكل أسرع، والذي يشمل أكثر من 10 آلاف لاجئ ينتظرون مقابلاتهم بخصوص توطينهم في البلاد، فضلًا عن ألف اسم تستقبلهم من الأمم المتحدة كل شهر.
وثانيًا: يجب أن تقوم الوزارة بتوجيهات فيما يخص الدعم المادي الذي تم اعتماده عام 2014، وبالتالي تتجنب تأخير وترحيل السوريين الذين لم يرتكبوا الأخطاء حيث تعتبر أمثال هذه التوجيهات غائبة، إذ يمكن اليوم ترحيل التاجر السوري من وضع اللجوء فقط لأنه يبيع الطحين للفصائل التي تحارب ضد نظام الأسد.
ثالثًا: إن العديد من السوريين الحاملين للجنسية الأمريكية في أماكن مثل كاليفورنيا وميشيغان وبنسلفانيا بحاجة ماسة لمساعدة أفراد أسرهم وأصدقائهم في سوريا للوصول إلى الولايات المتحدة؛ هذه المجتمعات المحددة بالأطباء والأخصائيين الاجتماعيين والمعلمين وأصحاب الأعمال الصغيرة مستعدون لاستقبال اللاجئين السوريين.
وهنا يمكن للولايات المتحدة توسيع خياراتها في إعادة التوطين من خلال إنشاء “برنامج اللاجئين” بآلية لم شمل الأسرة وتمكين السوريين الأمريكيين من جلب أسرهم المشتتة إلى بر الأمان بسرعة أكبر.
يذكر أن الولايات المتحدة كانت ملاذًا للاجئين الفارين من الاضطهاد منذ فترة طويلة ويجب عليها ألا تحيد عن هذا المسار.
كل يوم هناك العديد من الناجين من التعذيب في ظل النزاع في سوريا منهم النساء والأرامل والأطفال المصابين بصدمات نفسية جراء الحرب، وأمريكا في وضعها الحالي يمكنها مساعدة هؤلاء من خلال زيادة سرعة إعادة توطين أمثالهم، وتشجيع الدول المانحة الأخرى على أن تحذو حذوها؛ الخيار الأخلاقي واضح.. وهذا هو الدرس التاريخي.
ترجمة: عنب بلدي، لمشاهدة المادة باللغة الإنكليزية اضغط هنا