خطيب بدلة
أنا لستُ منحبكجيًا، آنستي الكريمة، إنما أنا محبٌّ للسيد الرئيس بشار الأسد، مؤمن أنه الوحيد القادر على قيادة دفة السفينة العربية السورية إلى بر الأمان، لذلك دعيني هنا، في هذه العجالة، أن أردَّ على تَخَرُّصَاتِ المعارضين، المتآمرين، المرتبطين بالأجندات الاستعمارية الصهيونية العميلة، وبالأخص قولهم إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتعامل مع قائدنا وحبيب قلوبنا الرئيس المناضل بشار الأسد باستخفاف و”استضراط”..
حكيت لك، في مقابلة سابقة، عن قواعد الاشتباك الجديدة التي خلقها الرئيس الأمريكي الأحمق دونالد جون ترامب في المنطقة -دون قصد منه- عندما تبرع للمحتل الإسرائيلي بالجولان السوري، ضمن عملية استعراضية حمقاء، معتقدًا أن فعلته ستمر مرور الكرام، ولكنه، بذلك، فتح على أمريكا وإسرائيل أبواب جهنم، وأصبح القاصي والداني في بلادهم يقول لأخيه إن هذا الضرب “ما هو ضَرْبْ أصحابْ”، وإن قوة ردود أفعال محور الممانعة الذي يتألف من السوري والإيراني والحزبلَّاهي جاءت مزلزلةً مدمرة، وأكبر بكثير مما كنا نتوقع، أو نتخيل، أو نحتمل..
والآن، أريد أن أنتقل بكِ، آنستي الكريمة، إلى عملية الربط بين الأمرين، بطريقة قد تُبْهِرَكِ وتجعل شعرَك الأشقر هذا يقف من طوله، فأقول إن الوضع الراهن قد خلق قواعد اشتباك غير عسكرية، أعني قواعد اشتباك سياسية ودبلوماسية مستجدة، ليس على صعيد منطقتنا وحسب، بل على صعيد العالم، وهذا ما لم يستطع محللو الطرف الآخر استيعابَه، أو النفاذَ من بين ثناياه، أو الوقوفَ على كنهه، باعتبار أنهم ينظرون عادةً إلى الظاهر السطحي من الأمور، ويعجزون عن الغوص في المجاهيل العميقة، ومن هنا أقول لك إن وقفة السيد الرئيس بشار الأسد وراء الخط، بين حراس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومرافقيه، وعناصر المراسم، في قاعدة حميميم السورية، لم يأت اعتباطًا، إنما هو مقصود لذاته، هذه المقصودية تنطلق من كون أرض قاعدة حميميم سوريةً أبًا عن جد وكابرًا عن كابر، والأخ بوتين ضيف عزيز على هذه الأرض، وبموجب قواعد الاشتباك الدبلوماسية الجديدة، يجبُ أن يكون الضيف في المقدمة، وأما صاحب الأرض فيجب أن يركّز بصرَه في دُبُرِ الضيف تمامًا، ويتراجع إلى الخلف مسافة لا تقل عن عشرين مترًا، ويبقي بصره مزروعًا في الدبر، وهذه الوضعية ستكون بالغة الانسجام مع بيت الشعر العربي الذي يقول:
يا ضيفنا لو زرتَنا لرأيتَنا- نحن الضيوف وأنت ربُّ المنزلِ
في المَقْلَب الآخر، وأنت سيدتي الكريمة خيرُ مَن يعرف ما هو المَقْلَب، يمكننا العودة إلى أحد أطراف قواعد الاشتباك (السياسو- عسكرو- دبلوماسية) الجديدة، وأعني الإيراني الذي شاء أن يعطي للقاء (الأسدو بوتيني) الذي جرى في طهران بُعْدًا ملحميًا بالغ الأهمية، فكانت هناك حركات احتفائية زائدة بالسيد الرئيس الأسد، هذه الحركات ليست سوى صفعة للحلف الأمريكي المتصهين، ورسالة للرجعية الداخلية المرتبطة بالحلف العثماني الرجعي، بأن الرئيس الذي بدا لكم أنه أهين هناك، قد رُفع إلى مصاف رؤساء العالم الكبار هنا، وأنه لم يكن هناك ازدراء ولا احتقار ولا استضراط، وإنما هو تكتيك يصعب على عقولكم القاصرة استيعابه!