محمد رشدي شربجي
لقد بات السيناريو مكررًا حتى الملل، انتفاضة شعبية ومظاهرات مليونية، يتحرك إثرها الجيش ليعزل رأس النظام، مشكلًا مجلسًا عسكريًا برئاسته ليشرف على المرحلة الانتقالية التي يحرص فيها الجيش على التلاعب بالقوى السياسية حتى يعود إلى السلطة بوجه جديد.
ولكن ما كان سهلًا على الجيش المصري لقلة خبرة الشعوب حينها، لم يعد كذلك بالنسبة للجيشين الجزائري والسوداني، فليست الجيوش فقط بل الشعوب أيضًا تعلمت من الموجة الأولى من الربيع العربي.
وهناك في مسلخ البشرية وقيح العالم لطالما حلم ملايين تحاصرهم براميل الأسد ومجرمو محور المقاومة مصاصو الدماء بما رفضه أشقاؤهم في السودان والجزائر عن حق، انقلاب عسكري يطوي صفحة الأسد ويطلق ولو عن غير قصد ديناميكية داخلية قد تستغلها قوى الثورة لتحقيق شيء ما.
هناك في خيمة غارقة بالوحل، في قارب تحاصره الأمواج وقطعان العنصريين، في مجموعة من الهاربين من الإرهاب وحرب أمريكا اللعينة عليه، في قبر لا نعرف مكانه ولا نراه يضم يحيى ونبيل وإسلام ومعن والأستاذ عبد الأكرم وأبو النور ومحمد خير ومحمد علي وألوف غيرهم.
هناك كنا وما زلنا نحلم بلحظة في ساحة الأمويين محتفلين بسقوط الطاغية. بعاجل بالخط العريض على شاشة الجزيرة: الشعب السوري أسقط النظام.
الربيع العربي أظهر أن لا فرق بين الثورات العربية، الشعوب العربية متشابهة، الفرق هو فقط في الأنظمة، حظ السوريين العاثر أوقعهم تحت سيطرة نظام طائفي يسيطر على بلد استراتيجي وجار لإسرائيل، حظ الثورة العاثر أنها جاءت في وقت تستعيد فيه روسيا موقعها في العالم وتعيد واشنطن تموضعها فيه. ولكن هذا قدرنا، أن نفرح لإخواننا ونبكي لحالنا، هذا قدرنا نحن أبأس أهل الأرض وأتعسهم.