الأسد يقود شخصيًا حملة لنهب أراضي السوريين

  • 2019/04/14
  • 12:00 ص
منصور العمري

منصور العمري

منصور العمري

أظهرت وثائق صادرة عن وزارة المالية السورية، في 11 من تشرين الثاني 2018، قرار حجز احتياطي للأموال المنقولة وغير المنقولة لـ 86 سوريًا وزوجاتهم وأبنائهم وبناتهم، من دوما. أوضحت وزارة المالية أن القرار صدر بموجب المرسوم التشريعي 63 الذي أصدره الأسد عام 2012، والمرسوم 203 الذي أصدره الأسد عام 2016، والقانون رقم 1 الذي أصدره الأسد أيضًا عام 2016.

جاء هذا القرار أيضًا حسب الوثيقة بناء على كتاب صادر عن “مكتب الأمن الوطني” الذي يشرف على جميع الأجهزة الأمنية، ويشرف عليه الأسد.

يعني الحجز الاحتياطي قانونًا، منع التصرف بالممتلكات والأموال إلى أن تصدر المحكمة حكمًا نهائيًا في القضية المتعلقة، لكن هذه الوثائق تنصّ على: “ثبوت تورطهم في الأعمال الإرهابية التي يشهدها القطر”، وهو ما يعتبر حُكمًا يحيل قرار الحجز الاحتياطي إلى مصادرة الأملاك ونقلها إلى ملكية “الجمهورية العربية السورية”. يبدو أن حكم “ثبوت التورط في الأعمال الإرهابية” صدر عن محكمة الإرهاب المختصة بقضايا يعتبرها النظام “إرهابًا”.

يسرد القرار أيضًا أسماء 51 من الزوجات والبنات والأبناء، بما يعني مصادرة الممتلكات المسجلة بأسمائهم أيضًا.

من بين الأسماء إعلاميون وكوادر طبية وموظفون مدنيون في جهات معارضة وقيادات عسكرية معارضة وآخرون، أي أن الأسد مستمر في معاقبة معارضيه وكل من نشر معلومة أو ساعد جريحًا أو محتاجًا غير موالٍ له.

ينتهك هذا القرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويعتبر مشاركة في عملية المصادرة التعسفية للممتلكات والتغيير الديموغرافي.

أخبرني عبد الستار شرف، أحد المهجرين من عربين، والذي زودني بوثائق قرار الحجز، أن هناك أيضًا قرارات وقوائم أخرى خاصة بأهالي بلدته وبلدات أخرى في الغوطة.

ذكرت وسائل إعلام أن هناك 70 ألف حالة مصادرة ملكية في عامي 2016 و2017. كما أصدر النظام السوري سابقًا قرارات بمصادرة أملاك وأموال معارضين وفنانين وسياسيين ومنشقين وإعلاميين وغيرهم.

تأتي هذه المصادرات التعسفية في إطار حملة ممنهجة واسعة النطاق للاستيلاء على الممتلكات والأموال ومن بينها الأراضي، تحت مظلة التغيير الديموغرافي وإعادة الإعمار المفترضة، التي قد تشارك فيها الصين وإيران وروسيا، ودول أو مستثمرون عرب وخليجيون.

يمكن دراسة هذه القضية بالتفصيل من قبل محامين مختصين ومحاولة رفع دعاوى ضد أي دولة أو شركة أو مستثمر يشارك في البناء أو الاستثمار في هذه الأراضي أو الممتلكات التي تمت مصادرتها تعسفيًا بما ينتهك المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنصّ على أنه “لا يجوز تجريدُ أحدٍ من مُلكه تعسُّفًا”. كما تنتهك هذه الممارسات التزامات الدولة السورية بـ “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، التي تدين كل من يساعد بشكل مباشر أو غير مباشر أو يُسهّل أو يجني أرباحًا من البناء أو الاستثمار على أراض مسلوبة، أو مصادرة تعسفيًا.

قال سابقًا وزير الاتصالات والتقانة، علي الظفير، إن قرارات الحجوزات الاحتياطية ستصبح إلكترونية بتاريخ 2 من كانون الثاني 2019، وأضاف الظفير أن الحجوزات الاحتياطية الإلكترونية تفيد بدقة وسرعة الوصول للبيانات، بحسب موقع “الاقتصادي”.

تنظيم عملية إصدار قرارات الحجوزات الاحتياطية، وإعداد منظومة إلكترونية متكاملة، يشير إلى الكم الهائل من هذه القرارات بما استدعى الحاجة لتنظيمها. يؤكد هذا أيضًا نية النظام وحكومته الاستمرار في مصادرة الممتلكات وانتهاك حقوق الملكية التي تكفلها جميع الشرائع. يستخدم النظام هذه القرارات للضغط على المعارضين والصحفيين والسياسيين والفنانين وغيرهم، وللانتقام منهم، وحرمانهم من ممتلكاتهم، بسبب تعبيرهم عن آرائهم أو مشاركتهم الفعالة في المعارضة السياسية أو الدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم ضد القتل والاعتقال القسري. لم يحترم نظام الأسد أي قانون إنساني ولا حقوق مواطنيه، وتندرج هذه المصادرات بما يتسق مع منهجيته الوحشية المستمرة في تهجير الناس وهدم بيوتهم، والقانون رقم 10 الذي يسمح بإنشاء مناطق تنظيمية في جميع أنحاء سوريا، وقرارات الحجز والمصادرة للانتقام من السوريين وسرقة ممتلكاتهم.

قيادة الأسد شخصيًا لهذه الحملة من خلال إصداره المراسيم وإشرافه على مكتب الأمن الوطني، تشير إلى أهمية مصادرة الأراضي وتثبيت ملكيتها “قانونًا” للدولة تمهيدًا لإجراءات الاستثمار أو إعادة الإعمار. اعتاد نظام الأسد على إصدار مراسيم أو قوانين مفصلة على قياس مخططات رامي مخلوف الاستثمارية، واليوم يصدر الأسد هذه المراسيم والقوانين على ما يبدو بطلب من الدول الراعية له والمستثمرين المحتملين.

وثائق قرار وزارة المالية بالحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لأهالي دوما:

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي