“فوكس نيوز”: الأسد آخر رجل يقف وسط انتفاضات عربية جديدة
في الموسم الثاني من “الربيع العربي” يقف رئيس النظام السوري، بشار الأسد، كآخر رجل بين مجموعة من المستبدين العرب، بعد موجة جديدة من الاحتجاجات أطاحت بالزعماء الجزائريين والسودانيين من المناصب التي شغلوها لعقود.
وتمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بصور الزعماء في مؤتمرات القمة العربية السابقة، جميعهم تقريبًا تم عزلهم الآن باستثناء الأسد، ويقول البعض من النشطاء إنه من المفارقات أن آخر رحلة قام بها البشير خارج السودان، في كانون الأول 2018، كانت إلى دمشق، حيث التقى بشار الأسد.
شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية نشرت تقريرًا مطولًا اليوم، السبت 13 من نيسان، تحدثت فيه عن نقاط القوة التي يمسكها بشار الأسد حاليًا للبقاء في الحكم، خاصة بعد عزل جميع القادة العرب، إثر الاحتجاجات الشعبية التي خرجت بالموسم الجديد من “الربيع العربي”.
وقالت الشبكة، بحسب ما ترجمت عنب بلدي، إن الأسد نجا من انتفاضة وحرب مدمرة استمرت لسنوات و”خلافة” إسلامية نشأت على أجزاء من سوريا المحطمة، ومع دخول النزاع السوري عامه التاسع، “يبدو أن الأسد البالغ من العمر 53 عامًا أكثر أمانًا وثقة من أي وقت منذ بدء التمرد ضد حكمه في عام 2011″.
لكن الحرب في سوريا لم تنته بعد، والطريق إلى الأمام مليء بالصعوبات.
وفي معظم بلدان الربيع العربي، تمت إزالة وجوه النظام القديم، لكن النخبة الحاكمة التي كانت وراءهم بقيت في مكانها أو تلاها الفوضى.
في سوريا، احتفظ الأسد ودائرته الداخلية بسيطرتهم، ونجحوا في النجاة من ثماني سنوات دموية، و”قد تبقيه هذه المرونة في السلطة لسنوات قادمة حتى مع العديد من التحديات، بما في ذلك الاقتصاد المتدهور بسرعة والتمرد المستمر في الشمال الغربي (إدلب)”.
ما هي قوة الأسد المتبقية؟
بحسب الشبكة الأمريكية “لقد نجا الأسد عن طريق مزيج من العوامل الفريدة له (…) إن حكمه هو الأقلية، وقد استفاد من قاعدة دعم قوية والولاء الثابت لطائفته العلوية، التي تخشى على مستقبلها في حال خلعه”.
امتد هذا الدعم إلى ما وراء قاعدته إلى طوائف الأقليات الأخرى في سوريا، وبعض السنة من الطبقة الوسطى والعليا ممن يعتبرون حكم أسرته بمثابة حصن للاستقرار في مواجهة “المتطرفين الإسلاميين”.
وعلى الرغم من انشقاقات كبيرة في وقت مبكر من الثورة السورية، لم تظهر في الأجهزة الأمنية والعسكرية تصدعات بنيوية، بل نمت الميليشيات الموالية وأصبحت قوة خاصة بها.
حتى عندما سقطت أجزاء شاسعة من سوريا عن سيطرته أو تحولت إلى حقول قتال، احتفظ الأسد بنظامه الأساسي.
وأوضحت الشبكة في تقريرها أن أكبر رصيد للأسد هو مكانة سوريا باعتبارها محورًا جغرافيًا على البحر المتوسط وفي قلب العالم العربي، إذ اجتذب ذلك تدخلات أجنبية، خاصة من روسيا وإيران، التي دعمت مساعدتها السياسية والعسكرية الأسد، وقلبت مجرى الحرب لصالحه.
ويتناقض الدعم الثابت من الأصدقاء الأقوياء بشكل حاد مع الرد المشوش من جانب الإدارة الأمريكية، ولم يستفد شيء من القادة العرب الآخرين في نضالهم ضد خصومهم.
هل هو خارج الغابة تمامًا؟
في الوقت الحالي، يبدو الأسد آمنًا بمساعدة روسيا وإيران، حيث استعاد سيطرته على أجزاء رئيسية من سوريا، ويبدو أن العالم قد قبل حكمه المستمر، على الأقل حتى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2021.
أعادت دول الخليج فتح السفارات بعد سنوات من المقاطعة، وزارت وفود من العراق ولبنان والأردن في الأشهر الأخيرة، وناقشت استئناف التجارة، واستئناف الاتفاقيات التجارية والإفراج عن السجناء.
وعلى الرغم من أن جامعة الدول العربية قالت إنه لم يحن الوقت بعد لاستعادة عضوية سوريا في المنظمة التي تضم 22 عضوًا، فقد نوقشت هذه القضية في قمتهم السنوية لأول مرة منذ حرمان سوريا من مقعدها قبل ثماني سنوات.
وأشارت الشبكة إلى أن الكثير مما يحدث بعد ذلك يعتمد على قدرة الأسد على الحفاظ على غطاء من الاستياء المتزايد مع تدهور مستويات المعيشة، وما إذا كان قادرًا على الحفاظ على دعم روسيا وإيران.
اقتصاد متهالك
بعد سنوات من الحرب وتشديد العقوبات الأمريكية، أصبحت الأزمة الاقتصادية السورية أكثر إيلامًا، إذ تعاني خزائن حكومة النظام السوري من نقص الموارد، وتقدر الأمم المتحدة أن ثمانية من كل عشر أشخاص يعيشون تحت خط الفقر.
النقص في الغاز والوقود متفش في دمشق واللاذقية وحلب هذا الشتاء، وعقدت مجموعات وسائل الإعلام الاجتماعية مسابقات حول المدينة التي لديها أطول خطوط في محطات الوقود، مما اضطر إلى مناقشة القضية في مجلس الشعب، بحسب الشبكة الأمريكية.
وقالت إن حكومة النظام فرضت تقنين الغاز، وحددت مخصصات سائقي السيارات على 20 لترًا كل 48 ساعة، فيما تفاقمت الأزمة عندما انتشرت التقارير حول ارتفاع وشيك في الأسعار، مما دفع “طوابير” مئات السيارات إلى الامتداد لأميال خارج محطات الوقود.
وتصف الأمم المتحدة مستوى الحاجة في سوريا بأنه “مذهل”، حيث يحتاج 11.7 مليون سوري إلى المساعدة، ما يقرب من 65% من الأشخاص البالغ عددهم 18 مليون نسمة الذين ما زالوا في الداخل، والذين نزح ملايين منهم من ديارهم، وفر أكثر من خمسة ملايين آخرين إلى الخارج أثناء الحرب.
السنوات الأولى تعيد نفسها
المظاهرات في سوريا التي تذكرنا بالسنوات الأولى للثورة عادت إلى الظهور، تشير الشبكة.
وتؤكد ذلك بما حصل في درعا، حيث خرج المئات إلى الشوارع مؤخرًا بسبب إقامة النظام السوري تمثال للأسد الأب، وحدثت احتجاجات أخرى في بعض مناطق المعارضة السابقة التي استولى عليها النظام، بعد فرض التجنيد العسكري رغم الوعود بالتأجيل.
لا يزال يتم الإبلاغ عن عمليات الاعتقال والاحتجاز في المناطق التي تمت إعادة السيطرة عليها، مما زاد من المخاوف من أن ما يسمى بصفقات المصالحة بين النظام وسكان مناطق المعارضة السابقة ليست سوى واجهات لاستمرار القمع والاستبعاد.
عسكريًا، أغلقت هزيمة “الخلافة” في تنظيم “الدولة الإسلامية”، آذار الماضي، “فصلًا وحشيًا” من الحرب، لكنها فتحت الباب أمام مجموعة من النزاعات المحتملة الأخرى.
وأوضحت الشبكة أن “هزيمة الجماعة المسلحة” تمهد الطريق أمام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب لبدء سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، ومن المتوقع أن يؤدي الانسحاب إلى بدء سباق لملء الفراغ.
وتتركز الأنظار أيضًا على إدلب، آخر معقل لفصائل المعارضة في سوريا، حيث يعيش ما يقدر بنحو ثلاثة ملايين شخص، تحت سيطرة “المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة”، بحسب توصيف الشبكة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :