قرروا الموت ليعيشوا..
ثلاثة شباب يعملون في مجال الإغاثة ذهلوا أمام الكم الهائل من الشهداء خلال ساعات بسيطة من اقتحام جيش النظام لمدينة داريا فشاهدوا الكثير من الدمار والأشلاء وأمضوا معظم يومهم بين جمع الجثث ومعالجة المرضى.
وفي مساء 22 آب 2012 وصلتهم أنباء بوجود مجزرة كبيرة في مسجد أبو سليمان الداراني تحوي حوالي 160 شهيدًا بينهم أطفال ونساء، وأن جيش النظام وشبّيحته قد ابتعدوا عن المسجد وتوجهوا إلى مناطق أخرى، فما كان من الشبّان الثلاثة إلا أن سارعوا لاستطلاع الوضع الميداني في المسجد علهم ينقذوا من بقي منهم على قيد الحياة.
لكن ما إن دخلوا المسجد وشاهدوا المناظر المروعة والمؤلمة حتى عادت عدد من السيارات التابعة لجيش النظام محملة بالشبيحة وداهموا المسجد المتواجدين فيه مجددًا بحثًا عن جثث ربما تكون رصاصاتهم قد أخطأتها، فما كان من الشبّان الثلاثة إلا أن تمددوا بين عشرات الجثث وقاموا بتمثيل دور الميّت.
لكن شبيحة النظام جلسوا في المسجد لوقت طويل وكانوا بين الحين والآخر يدوسون بأقدامهم على الجثث ويركلونها ثم يقلبونها علهم يجدون بينها حيا يكون شاهدًا على وحشيتهم فيصفونه! حاول الشبان الصمود والصبر قدر الإمكان كي لا يفتضح أمرهم وقد نجحوا في ذلك إلى حد كبير إلى أن ذهب الشبيحة وتركوا المسجد فنهضوا وتابعوا عملهم.
هذه الحيلة لم تكن فريدة فشبان آخرون قاموا بنفس الفعل في أماكن أخرى من المدينة حيث اعتقلت قوات النظام عددًا كبيرًا منهم ووضعتهم في صفوف ليتم إعدامهم ميدانيًا وقد استطاع بعضهم التحايل والصمود على هيئة الأموات بين جثث الشهداء، منهم آخرون دفنوا أنفسهم بالتراب وهم أحياء ليخفوا أجسامهم عن أنظار قوات النظام!
هكذا كان حال المسعفين والأطباء والإغاثيين أثناء الحملة العسكرية على مدينة داريا… قرروا الموت ليعيشوا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :