كشفت الصور المسربة للشهداء الذين قضوا تحت التعذيب في سجون الأسد، عن مقتل53 شهيدًا من أبناء داريا المعتقلين، وبينهم الشيخان نبيل الأحمر وأحمد جلال عليان، وهما مديران لاثنين من أكبر المعاهد في مساجد المدينة.
وبدأ الأهالي بالتعرف على صور ذويهم المعتقلين في فرع المخابرات الجوية، من الصور التي سربتها الجمعية السورية للمفقودين ومعتقلي الرأي يوم الأحد 8 آذار، مع صورة للأستاذ المربي أحمد جلال عليان (أبو عمر)، ما لبث أن تبعها صورةٌ أخرى للشيخ نبيل الأحمر (أبو الوليد). وحتى يوم الأحد 15 آذار تعرف الأهالي على 53 شهيدًا وفق توثيق المركز الإعلامي في المدينة، الذي أكّد أسماء الشهداء من ذويهم.
واعتقل الشيخ نبيل الأحمر (من مواليد 1970) في 24 كانون الثاني 2012، مع اثنين من إخوته في حي الميدان الدمشقي بعد كمينٍ من قوات الأسد، وأفرج عن أخويه في وقت لاحق.
وعرف الشيخ بلقب “صوت الحق” بين أهالي داريا وناشطيها، إذ أظهر موقفه الواضح ضد نظام الأسد وممارسته بحق المتظاهرين منذ بداية الثورة السورية عام 2011، استكمالًا لخطبه التي طالب فيها قبل الثورة بتلافي الفساد السياسي والإداري في الحكومات المتعاقبة.
أما الشيخ أحمد جلال عليان، فشهدت حياته نصيبًا كبيرًا من النشاطات التوعوية والشبابية، فأنشأ معهدًا لتحفيظ القرآن وتعليم المناهج المدرسية في مسجد النبي حزقيل حيث خرّج عددًا من أبناء داريا في اختصاصات عليا في الجامعات أو حفظة للقرآن الكريم.
كما أنشأ مسبح ومدرسة الفارس للتعليم الأساسي، المنتزه الذي نظّم الفعاليات والنشاطات لطلاب مساجد المدينة، وأشرف على الدورات التعليمية فيه.
واعتقل أبو عمر (من مواليد 1961) خلال اقتحام قوات الأسد لداريا في 24 آب 2012 من روضة الأطفال التي يديرها غرب المدينة، تزامنًا مع مجزرة راح ضحيتها قرابة 700 شهيد.
وتراوحت فترات اعتقال الشهداء بين سنة و3 سنوات، لكنّ ما يجمعهم هو آثار التعذيب الكبيرة على وجوههم، في حين عرف من بين الصور 11 شهيدًا من أهالي مدينة التل شمال دمشق، وآخرون متفرقون في عموم سوريا.
ولا يزال في سجون المخابرات الجوية عددٌ من مشايخ وأساتذة العلوم الشرعية في داريا، أبرزهم المربي عبد الأكرم السقا، والأستاذ محمد خيرو الدباس، المعتقلين منذ أكثر من 3 سنوات مع نخبةٍ من منظمي مظاهرات المدينة مطلع الثورة، وآخرين كالشيخ فيّاض وهبي والأستاذ رياض شحادة، المعتقلين منذ أكثر من عام، أثناء المفاوضات بين مقاتلي المدينة والأسد حول تهدئةٍ للقتال.
وشهدت سجون الأسد في وقت سابق مقتل عددٍ من معتقلي المدينة أولهم الشهيد زاهر المبيض مطلع حزيران 2011، والشيهد غياث مطر في أيلول 2011 الذي قتل بعد أيام قليلة على اعتقاله مع يحيى ومعن شربجي اللذَين ما زالا معتقلين إلى اليوم.
وكانت الجمعية السورية للمفقودين ومعتقلي الرأي نشرت قبل أيام 3000 صورة لشهداء التعذيب في أقبية الأسد، سربها المنشق عن نظام الأسد “سيزار” وفق قائمة تحتوي على 11 ألف شهيد موثقين بـ 55 ألف صورة. كما أظهرت الصور معتقلين وشموا على أجسادهم صورًا للأسد وحسن نصر الله، لكن ذلك لم يشفع لهم أمام سطوة سجاني الأفرع الأمنية.
يذكر أن الجمعية تأسست قبل سنتين وتعتبر صور “سيزار” العمود الفقري للملف بالإضافة إلى صورٍ من مصادر أخرى، وفق ما أفاده محمد عياش من مكتب الجمعية في اسطنبول، في حديث إلى عنب بلدي، مؤكدًا أن نشر الصور مستمر في الأيام القادمة.
وفي بيان للجمعية نشر عبر موقعها الإلكتروني أكدّت “أنها أخذت على عاتقها فضح ممارسات النظام، والعمل على تجريم القتلة الذين ارتكبوا هذه الفظائع”، حتى يحقق الملف غاياته “في إدانة القتلة وإطلاق سراح جميع المعتقلين”.
ولفتت إدارة الملف أنها تقدمت إلى محكمتين في أوروبا لرفع دعاوٍ على مرتكبي الانتهاكات، لكنها هذه الدعاوى لا تكتمل إلا بمشاركة أهالي الضحايا؛ وعليه، تطلب من الأهالي التواصل معها عبر الموقع الإلكتروني: www.safmcd.com .
يذكر أن الجمعية السورية لحقوق الإنسان قدرت في حصادها عن 4 سنوات من الثورة عدد المعتقلين في سوريا بما لا يقلّ عن 215 ألفًا، بينهم قرابة 6580 امرأة إضافة إلى قرابة 9500 طفل.