الخوف يخنق حياة الرقيين والتنظيم يتدرع بهم

  • 2015/03/15
  • 10:25 م

«عندما يبكي الفرات حزنًا على حال أبنائه الذين انتثروا كنجوم في سماء الغربة الواسعة» بهذه الكلمات يصف أحد ناشطي الرقة حال المدينة بعد ازدياد أعداد النازحين عنها.

الناشط الذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية يؤكّد لعنب بلدي أن «الخوف من تنظيم الدولة الإسلامية وقوانينها التي تزداد تطرفًا وعنفًا» دفع الأهالي إلى النزوح، خصوصًا وأن هذه القوانين ارتفعت وتيرتها ضد المدنيين وشرائح المجتمع المختلفة، إضافةً إلى قرارات متوقعة تجاه الموظفين لدى حكومة الأسد بحسب عناصر مقربة من التنظيم.

أسباب عديدة أخرى ضاعفت أعداد النازحين بحسب الناشطين في المدينة، ومنها غلاء الأسعار وارتفاع وتيرة القصف الجوي الذي ينفذه طيران التحالف، والذي يقترب بشكل متواصل من المدينة ومن مقرات التنظيم فيها.

رعب يومي

أصوات طيران التحالف تنغص سكون الليل الرقي، ومشاهد الطائرات التي تحلق فوق المدينة يجعل من سمائهم لوحة مخيفة لموت قد يستهدفهم في أي لحظة؛ هذا ما يعبر عنه جميع الأهالي هنا مع اختلاف مواقفهم السياسية.

ويقول فهد ابن حي التوسعية لعنب بلدي «صباحاتنا هنا مشوهة بعناصر التنظيم المتنقلين بيننا ناشرين الذعر أينما حلوا، خوفًا منهم وخوفًا من استهداف الطيران لهم».

قصف مزدوج تعاني منه المدينة يتناوب عليه كلٌ من طيران النظام السوري وطيران التحالف، ما جعل التنظيم يحاول إيجاد تكتيكات مناسبة لتفادي أضرار الضربات وما تخلفه من خسائر بشرية ومادية، ومن ذلك توزيع عناصره على مجموعات صغيرة تسكن كل منها في بيوت متفرقة استولى عليها التنظيم.

ويروي فهد كيفية إخلاء أبنية كاملة مؤلفة من عدة طوابق في أغلب أحياء الرقة ليستقر فيها عناصر التنظيم الذين تم نشرهم بين المدنيين، كما نقلت أغلب المستودعات العسكرية إلى مناطق مدنية، ليضيف وهو يقلب بصره في شوارع حي الثكنة، الذي بات مربعًا أمنيًا محاطًا بالحواجز، «نحن اليوم دروعٌ بشرية يختفي وراءها الداعشيون، دون أن يحاول أحد حمايتنا أو يضع حياتنا في الحسبان».

الابتعاد عن مقرات التنظيم

انتشار مقرات التنظيم العسكرية والمدنية بين بيوت الأهالي جعل العديد منهم يهجرون بيوتهم إلى مناطق أكثر بعدًا عن مراكزه، كما تقول أم حسن لعنب بلدي، وهي إحدى ساكنات حي الدرعية على بعد عشرات الأمتار من مقر الحسبة، «كنت أعيش مع أولادي في حالة مريرة، نحن لا ننام ليلًا خوفًا من قصف الطيران».

أم حسن هجرت بيتها بعد عشرات السنوات بسب المقر القريب الذي بات خطرًا محققًا، لتضيف وهي تشرح معاناة أغلب نساء الحي «تحملنا أذية عناصر التنظيم وإساءاتهم المتكررة لنا، إلا أننا لا نستطيع الجلوس هنا منتظرين الصاروخ القادم إلينا».

ألوان جديدة

بالأبيض والأزرق لوّن عناصر «الدولة» ساحة الساعة ولم يحاولوا ترميم النصب الذي كان يعلو الساعة بعد أن دمرته ذات الأيدي، محاولين إضفاء ألوان زاهية على شوارع الرقة وساحاتها دون معرفة سبب التغيير المفاجئ.

يقول الناشط الإعلامي أحمد «ذات ليل غطى السواد شوارع الرقة.. ولا يزال»، مؤكدًا أنه رغم التغييرات التي يجريها التنظيم إلا أن تغيير أفكار العناصر وانفتاحهم على العالم أمر مشككٌ به، مستدلًا بانتهاج التنظيم لذات السياسة المتشددة.

لا يعرف معظم الأهالي هنا ما ينتظرهم وما سيؤول إليه حال مدينتهم ولا يملكون سوى الترقب لمعرفة القادم من رحم الغيب، فالرعب اليومي الذي يعيشونه لا ينازعه إلا قلة موارد الرزق وشظف العيش والاعتقالات المستمرة التي يشنها عناصر التنظيم بين فترة وأخرى.

 

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا