ليلة سقوط بغداد.. دماء وديمقراطية كاذبة وشنق الديكتاتور
ينقل التلفاز، على الهواء مباشرة، مشاهد لسقوط الصواريخ على المدن العراقية، كأنه فيلم السهرة العربي.
جندي أمريكي، ربما لم يسمع بالعراق يومًا ولا بحضارته ولا بتاريخه، يقف أمام تمثال الرئيس الأسبق صدام حسين في ساحة الفردوس في قلب بغداد، واضعًا العلم الأمريكي على وجه التمثال، معلنًا عهدًا جديدًا في منطقة عانت الويلات، ومحضرًا العالم لمستقبل مجهول ينتظر بلاد الرافدين.
لم يصدق المشاهدون العرب ما يحصل، فمحمد سعيد الصحاف، وزير الإعلام العراقي، كان يؤكد أن ما يجري ليس سوى أوهام، العراق صامد، وسينجو، وسيرتد “العلوج” إلى بلادهم خائبين.
وفي ظل غياب الإحصائيات الرسمية عن عدد القتلى في الحرب، تقول “هيئة إحصاء القتلى العراقيين” إن عدد القتلى العراقيين الذين سقطوا في العراق حتى شهر حزيران من عام 2010 يتراوح ما بين 97461 و106348 شخصًا.
بينما تصل تقديرات جهات أخرى إلى نحو مليون قتيل، وهو رقم لا يزال محل جدل.
وتقدر منظمة الهجرة العالمية عدد الذين اضطروا لمغادرة ديارهم بنحو 1.6 مليون شخص عاد منهم 400 ألف، بحسب ما ذكرت BBC في 15 من كانون الأول 2011 على موقعها الإلكتروني.
سقوط بغداد
تعد معركة “أم قصر” إحدى أشهر وأهم المعارك التي دارت في أثناء غزو العراق، نظرًا للمقاومة الشديدة التي واجهتها قوات التحالف في تلك البلدة الجنوبية الصغيرة، لقرابة 12 يومًا، قبل الانتقال إلى بغداد.
بعد الحرب، تحدثت قناة “الجزيرة” القطرية أن المقاومة في أم قصر كانت من القوات العراقية وليست من سكان البلدة، بحسب ما ذكرت على موقعها الإلكتروني بتاريخ 20 من آذار 2004.
وصلت القوات الأمريكية في 5 من نيسان عام 2003 إلى مطار بغداد، لتخوض هناك قتالًا ضاريًا، وتعرف هذه المعركة “بمعركة المطار”.
كان وزير الإعلام العراقي الأسبق، محمد سعيد الصحاف، يؤكد للصحافة والعالم أن “العلوج الأمريكان”، بحسب تعبيره، سيسقطون على أسوار بغداد، وأن مطار العاصمة سيكون مقبرة كما كل المدينة.
وتكبدت القوات الأمريكية خسائر نتيجة المعارك في مطار بغداد والتي استمرت عدة أيام، قبل أن تنهار المنظومة الدفاعية العراقية، وتسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على المطار، والذي يبعد عن قلب مدينة بغداد 20 كيلومترًا فقط.
سقوط بغداد جاء سريعًا، على عكس المتوقع، بسبب التجهيزات العسكرية للدفاع عنها، إلا أنها وعلى عكس “أم قصر” لم تصمد، وسقطت لتنطلق أعمال السرقة والنهب ويسود الفلتان الأمني، وسط حراسة القوات الأمريكية لوزارتي النفط والداخلية فقط.
أين اختفى القياديون؟
صاحب الإعلان عن سقوط بغداد ومتابعة القوات الأمريكية زحفها باتجاه الموصل وتكريت، اختفاء أبرز القيادات العراقية العليا.
صدام حسين
عثر على صدام حسين في منطقة نائية، قرب تكريت، مختبئًا في حفرة تحت الأرض.
ألقت القوات الأمريكية القبض عليه في مساء 6 من كانون الأول من عام 2003، وتم إعدامه في 30 من كانون الأول 2006، بعد محاكمته أمام القضاء العراقي، والحكم عليه بالإعدام شنقًا.
عزة الدوري
بعد إعدام صدام حسين، أعلن نائبه عزت الدوري تسلم قيادة حزب البعث العراقي، ليصبح الأمين العام له، رغم صدور قرار في العراق بحل الحزب.
أدى ذلك إلى اعتراضات من بعض القيادات لينقسم الحزب إلى جناحين، أحدهما بقيادة محمد يونس أحمد، والثاني بقيادة عزة الدوري.
أحاطت بالدوري العديد من الإشاعات، منها أنه قائد المقاومة العراقية، دون أي تأكيدات، سواءً منه أو من جهات مطلعة، كما لاحقته إشاعات الموت، قبل أن يصدر له تسجيل مرئي في ذكرى تأسيس حزب “البعث”، 7 من نيسان 2018، وما زال مكانه مجهولًا حتى اليوم.
طارق عزيز
سلم وزير خارجية العراق في عهد صدام حسين، طارق عزيز، نفسه للقوات الأمريكية، في 24 من نيسان من عام 2003.
وتمت محاكمته إلى جانب صدام حسين، ليتوفى في العراق عام 2015، ويدفن في الأردن.
علي حسن المجيد
تم إلقاء القبض على وزير الدفاع الأسبق، المعروف “بعلي الكيماوي” في مدينة “سامراء” العراقية، في 21 آب من عام 2003.
حكم عليه بالإعدام نتيجة إدانته بمجازر بحق الكرد، وتم إعدامه بتاريخ 25 من كانون الثاني 2010.
قصي وعدي صدام حسين
اختفى ولدا صدام، قصي وعدي، بعد سقوط بغداد، قبل أن تعلن القوات الأمريكية مقتلهما في مدينة الموصل في عام 2003، بعد معركة استمرت 6 ساعات.
أسباب الحرب
شنت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأستراليا الحرب، تحت ذريعة الحرب على الإرهاب وتدمير أسلحة الدمار الشامل، والتي نفى العراق امتلاكها.
وبعد سيطرة القوات الأمريكية على العراق، لم تجد الحكومة الأمريكية دليلًا على امتلاك العراق لهذا الأسلحة.
كما اتهمت الولايات المتحدة العراق بدعم تنظيم القاعدة، الذي شن هجمات 11 إيلول على مدينتي نيويورك وواشنطن في عام 2001، واعتبرت أن الوقت حان لتخليص العراق من الديكتاتورية وتحرير شعبه.
بينما تواجه الإدارة الأمريكية انتقادات واتهامات تدور حول أن سبب الحرب على العراق سياسي (فيما عرف بالشرق الأوسط الجديد)، وللسيطرة على مقدرات العراق النفطية.
اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين في أثناء وبعد الحرب على العراق، خاصة فيما يخص سجن أبو غريب، وانتشار صور لأسرى وسجناء عراقيين عراة، تم تصويرهم من قبل الجيش الأمريكي.
العراق اليوم
بعد انتهاء عهد صدام، تحول العراق إلى النظام الفيدرالي، ما أعطى الحق بشكل مباشر لإقليم كردستان لحكم نفسه بشكل مباشر ضمن قوانين الاتحاد مع بغداد.
سرعان ما تدهورت العلاقة بين الجانبين، خاصة فيما يتعلق بملف النفط، ما أدى في نهاية المطاف إلى تنظيم الإقليم لاستفتاء للانفصال عن الحكومة المركزية في العاصمة، وهو ما فشل لأسباب متعددة أبرزها الرفض الإقليمي وللحكومة في بغداد.
يعاني العراق اليوم من أزمات اقتصادية وسياسية، بدايةً من أعمال العنف الطائفية ما بين السنة والشيعة، بعد تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في شباط 2006، والتي استمرت قرابة العامين.
كما شهد العراق تطور الجماعات الجهادية وصولًا إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”، واستيلائه على أراض عراقية وسورية، في عام 2014، قبل أن يشن التحالف الدولي للقضاء على التنظيم والجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي هجمات انتهت بإعلان تحرير المدن العراقية والقضاء على التنظيم في العراق.
وفي ظل هذه المعارك وعدم الاستقرار تزايدت أزمات الكهرباء والبطالة، وتوسع فساد الحكومات المتعاقبة.
كما كان لتمدد النفوذ الإيراني في بغداد بالغ الأثر على الوضع السياسي، سواء من خلال دعم شخصيات سياسية محسوبة عليها، أو من خلال دعم قوات منفصلة عن الدولة، ماعرف لاحقًا بالحشد الشعبي، وإقرار الدولة العراقية دخوله إلى البرلمان العراقي، ليتحول إلى قوة سياسية وعسكرية في آن معًا.
وبلغت الديون الخارجية للعراق التي بلغت أكثر من 100 مليار دولار.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :