هناك العديد من الأشكال التي قد تتخذها العلاقة بين الطفل ووالديه على نحو غير سوي، وفي هذه الحالة يقوم الوالدان بدور غير الدور الحقيقي الذي يتوجب عليهما القيام به، وقد يُدخِل الطفل في صراعات وتناقضات عديدة.
على سبيل المثال، بعض الأمهات تعمل طوال الوقت على إصلاح أطفالها وكأنها تلعب دور المعلمة التي تعلق على تصرفات التلميذ في المدرسة. لا تتوقف عن إلقاء الخطب التوعوية والإرشادات، هذا يصح وهذا لا يصح، قم بغسل يديك، لا تذهب…إلخ. طبعًا هذا لا يتعارض مع أهمية توجيه الملاحظات والتعليقات المناسبة للطفل على تصرفاته، وإنما الخطأ هو قيام الأم طوال الوقت بدور المدرّسة، وإعطاء الملاحظات والأوامر بكميات كبيرة وبطرق غير مناسبة، الأمر الذي يكرس عند الطفل أن وظيفة أمه هي فقط تعليم الصح والخطأ، وهذا غير صحيح، وهو انتقاص من دور الأم الحقيقي الذي يتجاوز ذلك إلى أفق أوسع بكثير.
ولكي تفهمي الفرق هنا، حاولي أن تضعي نفسك مكان طفلك واسألي نفسك التالي: ما هو الكم من تعليقات الآخرين الذي أستطيع تحمله على تصرفاتي؟ ما هو الكم الذي أستطيع تحمله من الانتقادات بدون تشجيع؟ هل بإمكاني أن أكون محل تقييم من قبل الآخرين طوال الوقت؟ وكيف؟
هناك احتمال أن يتعلم الطفل من كثرة تكرار الانتقادات والمحاضرات الدائمة، لكن لو بقي الوضع على ذلك وزادت الضغوطات والانتقادات والأوامر الموجهة إليه فمن المؤكد أن العلاقة بينه وبين والدته سوف تتحول إلى مجرّد علاقة تعليمية بحتة، ومع الوقت سوف يشعر الطفل بالملل وربما يتوقف عن التعلم في بعض الحالات.
يجب الانتباه إلى أن هذا النوع من العلاقات سوف يؤذي الطفل أكثر مما يساعده على المدى البعيد، لأنه سيرى في نفسه على أنه مجموعة من التصرفات التي يجب أن تبقى صحيحة حتى تبقى والداته راضية عنه، وذلك سوف يجبره طوال الوقت على الحاجة إلى تحقيق وتنفيذ هذه المهام مما يسبب الإرهاق والتعب والنمو بطريقة غير طبيعية.
أيضًا هناك نمط آخر من أنماط العلاقة المريضة مع الطفل، وهي عندما تكون العلاقة بين الوالدين غير مستقرة ومليئة بالمشاكل والصراعات، فالأم بعيدة في هذه العلاقة عن الأب، والطرفان غير مشبعين عاطفيًا. في هذه الحالة يسعى كل طرف إلى كسب حب الطفل عن طريق إرضاء رغباته وحاجاته وتجاهل أخطائه. وهنا تنعكس خطورة هذه العلاقة على الطفل الذي يصبح دوره مجرد إرضاء احتياجات والديه. ويتحول دور الأم من المربية إلى المحتاجة، والمعتمدة عاطفيًا على طفلها للتعويض عما ينقصها.
أسلوب آخر من أساليب العلاقة غير السوية بين الأهل والطفل هو التعامل مع الطفل بالطريقة التي تربَّى عليها الوالدان، فالأم التي عانت من الحرمان في صغرها تراها تغدق على طفلها بهذه العاطفة، أو العكس، فبعض الآباء يريد أن يطبق نفس الأسلوب المتبع في تربية والده له على ابنه، وكذلك الحال بالنسبة للأم، وهنا تتحول العلاقة التربوية وكأنها ترجمة أو محاولة لعلاج مشاكل الطفولة لدى الوالدين على حساب أطفالهم.
يجب الحذر خلال بناء العلاقة مع الطفل بالابتعاد عن أي قرار صادر عن ردود أفعال أو تجارب غير سارة أو مخاوف عانى منها الوالدان أو إساءات تعرضوا لها أنفسهم في طفولتهم، كما يجب أن يبتعدو عن ممارستها مع أطفالهم فذلك سوف يسبب الأذى لهم، حيث إنه ليس هناك قواعد واختيارات واضحة ومعدّة مسبقًا لتمارس مع الطفل.