أمريكا تحذر من توريد المحروقات للأسد.. وحلفاؤها يدعمونه

  • 2019/04/07
  • 12:31 ص

قافلة من شاحنات النفط تمر بنقطة تفتيش تابعة للشرطة الكردية في محافظة الحسكة- 4 من نيسان 2018 (AP)

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

في الوقت الذي تحذر فيه الولايات المتحدة الأمريكية مجتمع شحن البترول البحري من نقل شحنات إلى النظام السوري، تخترق أنابيب النفط العائمة ضفتي نهر الفرات لنقل النفط من الآبار الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، المدعومة من قبل أمريكا، إلى الضفة المقابلة لتُعبأ بشاحنات وتُوزع في مناطق سيطرة النظام.

كما تنطلق شاحنات محملة بالمحروقات، عبر معابر مخصصة، من المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الكردية، عبر وسطاء أدرجتهم وزارة الخزانة الأمريكية على قائمة عقوباتها بسبب تورطهم سابقًا في توريد النفط من مناطق تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى النظام، عندما كان مسيطرًا على آبار النفط قبل سيطرة “قسد” عليها.

تنافس بين غرفة صناعة حلب ودمشق على تأمين المحروقات

خلال الأشهر الماضية شهدت مناطق سيطرة النظام السوري أزمة محروقات خانقة تجسدت في الوقوف لساعات طويلة في طوابير للحصول على غالون مازوت لدرء برد الشتاء أو غالون بنزين للسيارات، وأسهمت الأزمة في ارتفاع أسعار المواد الأساسية بسبب توقف المصانع عن العمل، بحسب تصريح رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق، سامر الدبس، لصحيفة “الوطن” المحلية، في 5 من آذار الماضي، بأن الفترة الماضية شهدت انقطاعات في تأمين المشتقات ما أدى إلى التوقف عن العمل والإنتاج في المنشآت الصناعية.

ونتيجة ذلك أصدر رئيس الحكومة، عماد خميس، في 4 من آذار، قرارًا سمح بموجبه لغرف الصناعة والصناعيين باستيراد مادتي الفيول والمازوت برًا وبحرًا لمدة ثلاثة أشهر بحسب شروط وزارة النفط، بهدف تأمين كميات إضافية تعزز استمرار العملية الإنتاجية، وتدعم توريدات المشتقات النفطية بما يلبي حاجة المواطنين.

وفي 30 من الشهر نفسه أعلنت غرفة صناعة دمشق وريفها انتهاء أزمة المازوت للمنشآت الصناعية، بعد وصول أول دفعة من صهاريج المحروقات، إلا أن الغرفة لم توضح مصدر شاحنات الوقود وآلية وصولها، واكتفت بتحديد سعر الليتر الواحد بـ 475 ليرة سورية.

وبعد ساعات أصدرت “شركة BS”، وهي إحدى شركات “مجموعة القاطرجي الدولية” التي يديرها الأشقاء الثلاثة، محمد براء وحسام ومحمد آغا قاطرجي، بيانًا أعلنت فيه توافر المازوت لأصحاب الفعاليات الاقتصادية (الصناعية، التجارية، الحرفية، السياحية) بأسعار تنافسية تصل إلى 293 ليرة لليتر المازوت، و230 ليرة للفيول.

وأكدت الشركة أنها مستمرة في تزويد المنشآت الصناعية والفعاليات التجارية بمادة المازوت بالسعر الرسمي للمحافظات كافة، بهدف دعم الصناعة الوطنية والمنتج الوطني الذي اتخذته الشركة منذ تأسيسها بعيدًا عن هامش الربح، مطالبة أصحاب المنشآت الصناعية بتحديد احتياجاتهم من المحروقات هاتفيًا على أن تتم تلبية احتياجاتهم في غضون 24 ساعة، بحسب ما ذكر مدير “شركة BS”، فراس قاطرجي، عبر “فيس بوك”، في 1 من نيسان الحالي، قبل أن يعود ويحذف المنشور.

فمن أين تدخل هذه المحروقات؟ ومن سهل وصولها في ظل وجود عقوبات أوروبية وأمريكية على النظام السوري؟

طريقتان لتأمين المحروقات

ويؤمّن النظام السوري المحروقات عبر طريقتين حددهما المحلل الاقتصادي يونس الكريم، في حديث إلى عنب بلدي، الأولى خارجية عن طريق شركات ترفع أعلامًا أجنبية لناقلاتها وتغير أسماء مالكيها، وتنقل المحروقات إما إلى سوريا مباشرة، أو عبر ناقلات نفط تصل إلى لبنان باعتبارها مخصصة لها، ثم تدخل برًا إلى سوريا، إضافة إلى الشاحنات التي تدخل برًا عبر العراق.

أما الطريقة الثانية فهي داخلية تتم عبر حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق “الإدارة الذاتية” (قسد)، الذين يوردون المحروقات إلى مناطق النظام عبر طريقتين، الأولى عبر أنابيب موصلة بين ضفتي نهر الفرات، والثانية بواسطة قوافل لشاحنات تتنقل بين المنطقتين.

ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 31 من آذار الماضي، تسجيلًا يظهر تهريب مواد النفط الخام عبر أنابيب تمتد بين ضفتي النهر الشرقية الخاضعة لحماية العشائر وبعض عناصر “قسد” المتعاونين، والضفة الغربية في مناطق النظام الخاضعة لحماية عناصر الأمن وقوات من الفرقة الرابعة، ويديرها القاطرجي.

وأشار المرصد إلى أن عملية التهريب تجري بعيدًا عن المحاسبة من قبل “قسد” في الوقت الذي تجري فيه عملية التهريب تحت مراقبة قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا.

كما خرجت، السبت 6 من نيسان، أكثر من 200 شاحنة من مدينة الطبقة في الرقة الخاضعة لسيطرة “قسد” إلى مناطق سيطرة النظام محملة بمادة المازوت، بحسب ما نقلت وكالة “سمارت نيوز” عن مصدر من “الجمارك” التابعة لـ “الإدارة الذاتية”، الذي أشار إلى أن حمولة السيارة الواحدة تقدر بــ 180 برميلًا (220 ليترًا).

وكان مراسل “BBC”، فراس كيلاني، نشر تسجيلًا عبر “تويتر”، في 21 من كانون الثاني الماضي، يظهر أكثر من 200 شاحنة محملة بالنفط خرجت من مناطق “قسد” إلى النظام السوري.

وبحسب ما قال مصدر محلي في القامشلي لعنب بلدي فإن المسؤول عن النفط وتوريده في “الإدارة الذاتية” يدعى علي شير.

لكن عنب بدي لم تتمكن من التواصل معه والتحقق من هذه المعلومة.

أعلنت عائلة قاطرجي، في حزيران الماضي، عن تأسيس شركة “أرفادا البترولية” في دمشق، برأسمال يصل إلى مليار ليرة سورية، وتعود ملكيتها إلى كل من حسام بنسبة 34% وأخيه محمد براء قاطرجي بنسبة 33%، وأحمد بشير بن محمد براء قاطرجي بنسبة 33%، وتقوم بحفر الآبار الاستكشافية والإنتاجية في المناطق والقطاعات البرية والبحرية وتجهيزها للإنتاج، وتأجير واستئجار المعدات اللازمة للحفر والاستكشاف، ويحق لها بيع وشراء النفط الخام والمنتجات الهيدروكربونية بجميع أصنافها داخليًا وخارجيًا.

من جهته قال يونس الكريم إن عائلة القاطرجي تؤمّن المحروقات من مناطق قسد بسبب العلاقات الجيدة بينهما، إلى جانب حقول النفط التي كانت تديرها العائلة، وتم فيما بعد منحها للعشائر العربية لإدارتها وهي في ريف الرقة ومناطق في دير الزور.

وأشار الكريم إلى أن مشكلة هذه المحروقات أنها منخفضة الجودة لأن تكريرها يدوي أو بدائي، باعتبار أن معظم المصافي وشركات النفط متوقفة بسبب الحصار، ما سيؤدي إلى استهلاك الآلات بسرعة أكبر، معتبرًا أن الأمريكيين ليس لديهم اعتراض على توريد المحروقات من مناطق “قسد” لأن الجودة ضعيفة وسيئة ولا تقود إلى التشغيل الكلي للمصانع، لافتًا إلى أن هذه الكميات غير كافية ولن تصنع فرقًا مقارنة بحاجة حلب من المحروقات.

تحذيرات أمريكية وعقوبات اقتصادية

ويأتي ذلك على الرغم من التحذيرات الأمريكية التي تطلقها واشنطن ضد من يسهم في تزويد النظام السوري بالمحروقات، إلى جانب فرضها، خلال الأعوام الماضية، عقوبات اقتصادية على شركات وأشخاص أسهموا بنقل المحروقات.

وفي بيان صادر عن مكتب الشؤون العامة لوزارة الخزانة الأمريكية وصل لعنب بلدي، في 26 من آذار الماضي، جاء فيه أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابعة لوزارة الخزانة (OFAC) قام بتحديث تحذيره إلى مجتمع شحن البترول البحري لإلقاء الضوء على المخاطر المرتبطة بنقل شحنات النفط إلى سوريا.

ويعتبر التحذير الحالي استكمالًا لسابقه الصادر، في 20 من تشرين الثاني 2018، ليشمل مبادئ توجيهية إضافية، ويبيّن المخاطر المرتبطة بتسهيل شحن النفط المتجهة إلى الموانئ التي يملكها ويديرها النظام السوري، وتشمل النفط من أصل إيراني.

وأضاف التحذير الذي أورده البيان العشرات من الناقلات الجديدة المشاركة في شحنات النفط غير المشروعة، بما في ذلك 16 ناقلة تشحن النفط إلى سوريا وأكثر من 30 تشارك في عمليات النقل من سفينة إلى سفينة.

كما فرضت أمريكا عقوبات على شركات من ضمنها شركة “القاطرجي” النفطية في سوريا، إذ قالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان لها، في أيلول العام الماضي، إن شركة “القاطرجي” السورية لعبت دور الوسيط بين النظام السوري وتنظيم “الدولة الإسلامية” (الذي كان يسيطر سابقًا على الآبار قبل الاستيلاء عليها من قبل قسد) عبر تسهيلها نقل شحنات نفطية بين الطرفين، بالإضافة إلى تزويد النظام بالفيول وشحنات أسلحة وتقديم الدعم المالي.

كما فرض الاتحاد الأوروبي، في كانون الثاني الماضي، عقوبات اقتصادية ضد رجال أعمال مقربين من النظام من بينهم حسام القاطرجي المسؤول عن عملية توريد النفط من مناطق الإدارة الذاتية (مناطق تنظيم الدولة سابقًا) إلى مناطق النظام.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية