محمد رشدي شربجي
في إحدى دورات التدريب العسكري، وحينما كان الضابط يحدث الجنود عن قوة الجيش السوري وبالأخص سلاح المدفعية، سأله بعفوية أحد الجنود “الأغرار” إن كان هذا السلاح قادرًا على مواجهة إسرائيل، العدو الذي من أجله يوجد جيش سوري أصلًا، رد عليه الضابط بثقة وأجابه بأن الهدف ليس محاربة إسرائيل، بل حماية ثورة آذار في دمشق.
إن كان من شيء أظهرته ثورات الربيع العربي فهو أن الاستثمار الدولي في بلادنا هو الجيوش ولا شيء آخر، هذه الكيانات القبيحة الوظيفية العملاقة التي فشلت في صد كل عدوان خارجي على طول العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه هي وسيلة العالم الأنجع لإبقائنا في العبودية.
ولا يقتصر هذا الحال على العالم العربي بالتأكيد، بل يشمل معظم دول العالم الثالث، فالتجرية تقول إن التحرر الحقيقي من ربقة الاستعمار الدولي يكمن في التخلص من عقدة الجيش، وهو ما رأيناه في تركيا وإيران وفنزويلا ودول أخرى. واليوم نرى كيف يمهد العالم الطريق لمجرم حرب وأحد أزلام القذافي للسيطرة على عموم ليبيا من جديد، وما الحال في الجزائر عن ذلك ببعيد.
الجيوش في بلادنا ليست دولة بداخل الدولة كما يحلو للبعض القول، الأصلح أن الدولة هي كيان ملحق بمؤسسة الجيش. الانقلاب في بلادنا كالقدر، قادم قادم لا مفر، كل ما على السياسي أن يفعله هو أن يستعد لتلك اللحظة، وهنا تكمن المعضلة، فكيف ستستطيع مواجهة كيان إجرامي غير ديمقراطي بطرق ديمقراطية، وكيف سيقبل القائد السياسي الذي نجا من انقلاب عسكري أن يسلم السلطة من خلال الانتخاب. إنها معادلة صعبة الحل، إن لم تكن مستحيلة. الديمقراطية تصبح عديمة التأثير هناك وكذلك العسكرة.
فما الحل إذًا لتصبح بلادنا حرة في ظروف دولية تجتمع دائمًا على قهرنا؟ شخصيًا ليست لدي إجابة شافية، ولكن الإجابة عن هذا السؤال هي مفتاح انعتاقنا من نير ذل العسكر المعلق برقابنا منذ قرن من الزمن.