خطيب بدلة
الإسرائيلي حوصر. انتبهي عليَّ جيدًا يا آنستي، ماذا يفعل؟ يفعلُ مثل أي كائن محاصر، يقفز، يدور في مكانه، يموء، ينط، يهبش، يخرمش، يصيء. تلفتَ الإسرائيلي المحاصر حوله، رأى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مُدْبِرًا. والمدبر لغًة هو عكس المقبل، مثلما المِفَرّ عكسُ المِكَرّ. يا إلهي. ما أجمل لغتنا!
الإسرائيلي أمسك بطرف جاكيت ترامب المُدْبِر، تمزق الجاكيت وأعطى صوت: طرررر. قال لهم: هيش. ماذا الذي فعلتموه بمعطفي يا حثالات بني صهيون؟ أنسيتم أن لحم أكتافكم من خير بلادنا؟ قالوا له: أبدًا، لم ننسَ، ولكن تعال هنا، إلى أين أنت ذاهب؟ قال: سأغادر سوريا. لم يعد لبلادي مصلحة فيها. قالوا: أنت مالك مصلحة، وأما نحن فهل تدري ما فعلتَ بنا؟ لقد خربتَ بيتنا.
(الأمريكي خرب بيت الإسرائيلي). هذا ما توصل إليه الحوار بين الطرفين أثناءَما كان الخياط يرفو معطف ترامب. كيف؟ أنا أقول لكِ. لقد خلق ترامبْ أوضاعًا أدتْ إلى تغيير قواعد الاشتباك. أنتِ تعرفين ماذا يعني الاشتباك بالطبع، ولكن دعيني أقدم نبذة عنها للإخوة المشاهدين. قال الإسرائيلي لترامب: في السابق كنا نعلق مع السوري، ونحنُ متفوقون بالسلاح والعتاد أرضًا وجَوًّا، والسوري متفوق علينا بالشجاعة والإيمان بالقضية، وأهم شيء الممانعة. اليوم صرنا أمام ثلاثة مصادر نارية قوية ومتشابكة، عدا الفراطة. الأمريكي يعرف المصادر النارية الثلاثة التي دخلت في قاعدة الاشتباك الجديدة، ألا وهي السوري والإيراني وحزب الله، لذلك تساءل عن معنى مصطلح الفراطة، وهي القوى التحررية التي هبتْ من كل أنحاء الأرض لأجل أن تحمي مقام السيدة.. ولا أظنك تجهلين من تكون السيدة.
هز الرئيس الأمريكي رأسه بعد أن أدرك خطورة الحلف الناري الاشتباكي الجديد، وغادر إلى بلده بعدما قطع وعدًا للصهيوني بأن يجد للأزمة مخرجًا، ولكن السَكْرة- كما يقولون في الأمثال- راحتْ، وجاءت الفَكرة، فترامب هو الآخر محاصر! بماذا يا حزرك؟ بارتدادات القضية السورية نفسها، وهو لم يعد قادرًا على لوم سلفه “أوباما” لتهاونه في إيجاد مخرج، لأن الأمريكيين في الأساس لا توجد لديهم قيادة حكيمة، ويفتقرون لوجود رئيس ملهم يقود دفة البلاد إلى آخر المطاف، لذلك لجأ إلى ما يسمى (Plan B)، وأنا أسميها الهروب إلى المربع الأخير، فأعلن أنه لا يمانع في ضم مرتفعات الجولان إلى إسرائيل بشكل نهائي، وهذا هو، إذا شئتِ الدقة، التصرف الذي سيصيبُه ويصيب إسرائيل في مقتل، لأن خبرَ هذا القرار الأحمق سرى في منظومة الاشتباك الثلاثية (عدا الفراطة) سريانَ الكهرباء في المعادن، وبدأت الخطط المرقمة من A إلى Z تُرسمُ، وتُعَدُّ لها الخطط الاستراتيجية والتكتيكية، الخطط التي لم يعد الهدف منها استعادة الجولان وحده، وإنما، في الواقع، تحرير كل الأراضي العربية المحتلة، بل وفلسطين ذاتها، وإنني أراكِ تبتسمين وفي فمك سؤال خطير هو: كيف؟ يا ستي لا أنا أعرف كيف، ولا أنت تعرفين، ولكنهم، أعني الأمريكي والإسرائيلي، سيعرفون كيف عندما يتلقون الصدمة الكبرى في الزمان والمكان المناسبين. هئ هئ هئ.. (ضحك وسهسكة)!