تشكل إعادة إعمار سوريا هاجسًا أمام النظام السوري وحليفته روسيا، كونها المرحلة المقبلة التي سيتم العمل عليها، عقب انتهاء الحرب في سوريا، وسط رفض كامل تبديه أمريكا والدول الغربية للمشاركة في هذه الخطوة.
وكانت روسيا قد بدأت بدعوة الدول الغربية للمشاركة في إعادة الإعمار بعد خطة إعادة اللاجئين إلى سوريا قبل أشهر، لكن تلك الدعوات قوبلت بالموافقة المشروطة بالحل السياسي في سوريا من الجانب الأمريكي.
في تقرير لشبكة “CNBC” الأمريكية نشر اليوم، الجمعة 5 من نيسان، تحدثت عن دور الصين المستقبلي في إعادة إعمار سوريا، كدولة تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لا يظهر لها أي منافسين على الساحة.
وبينما يشير الخبراء إلى أن الانسحاب الأمريكي قد يعزز أيدي روسيا وإيران، شركاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد، فقد أبرز آخرون دور الصين المحتمل في السنوات المقبلة.
وقالت الشبكة، بحسب ما ترجمت عنب بلدي، إنه في الوقت الذي تواجه فيه إدارة الأسد ضغوطًا اقتصادية متزايدة بسبب العقوبات الأمريكية والحرب، فمن المرجح أن تبحث عن مزيد من الدعم، والصين مستعدة لتقديم يد المساعدة.
ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن إعادة بناء سوريا من سنوات الحرب، سيكلف حوالي 250 مليار دولار.
وقالت بوني جلاسر، كبيرة مستشاري آسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، “من مصلحة (الصين) أن تدخل سوريا أولًا اقتصاديًا، وأن ينظر إليها على أنها إسهام في الاقتصاد الكلي”.
وأضافت للشبكة، “هذا يمكن أن يخلق مشاعر ومواقف أكثر إيجابية تجاه الصين، وفي النهاية قد يترجم ذلك إلى مزيد من النفوذ الصيني في المنطقة”.
وكانت الحكومة الصينية اتجهت إلى زيادة مشاريعها الاقتصادية في سوريا، خلال العامين الماضيين، بهدف المشاركة في إعادة الإعمار.
وسبق أن قدمت بكين مساعدات سياسية وإنسانية لسوريا، في إطار دعمها لحكومة النظام السوري، إذ وصلت، في تشرين الأول الماضي، 800 محولة كهربائية إلى مرفأ اللاذقية في الساحل السوري كمنحة من الصين.
كما تسلمت محافظة اللاذقية، في تشرين الثاني 2017، ألف طن من الأرز كمساعدات أرسلتها الصين “تعبيرًا عن العلاقات الحميمة مع الشعب السوري”.
في تقرير الشبكة تطرقت إلى شركتي السيارات الصينية “جيلي”، و”تشاتجان”، اللتين أقدمتا على شراكة مع شركة تصنيع السيارات السورية “ملوك وشركاه”، ومن المقرر أن ينتج مصنعها في حمص كلتا علامتي السيارات.
وتأسست شركة ملوك في عام 1981، على يد مالكها محمود سعيد ملوك، وتحمل لقب الوكيل الحصري للعديد من كبرى الشركات الصينية، وهي الوكيل الأول في العالم التي يتم التصدير إليها.
وأوضحت الشبكة نقلًا عن خبراء اقتصاديين أن سوريا يمكن أن تصبح لاعبًا حاسمًا في الخطوات الصينية، وهو مخطط استثمار بمليارات الدولارات يهدف إلى إنشاء شبكة عالمية واسعة للبنية التحتية مرتبطة بالصين.
وذكر الخبراء أن ميناء طرطوس السوري يمثل نقطة محتملة بالنسبة للصين، وفي الواقع أكد بيان صدر عام 2018 من السفارة الصينية في دمشق على أهمية الميناء للتنمية الاقتصادية.
وكانت بكين تعهدت بملياري دولار عام 2017 لإنشاء منطقة صناعية في سوريا.
وقال نائب رئيس الجمعية الصينية العربية للتبادل، شين يونغ، لوكالة “سبوتنيك” الروسية، حينها، إن “المنطقة ستتضمن في المرحلة الأولى 150 شركة، ويقدر حجم الاستثمارات الشامل في المشروع بـ 2 مليار دولار، ما يمكن أن يوفر 40 ألف فرصة عمل”.
الشبكة نقلت عن مولي سالتسكوج الخبير العامل في “مجموعة صوفان”، وهي خدمات استخبارات أمنية استراتيجية للحكومات، قوله إن “عواقب أخذ الأموال الصينية ستكون مشكلة في التعامل معها بشكل أكبر”.
واعتبر الخبير أن الصين تعمل على نشر نفوذها الاقتصادي في سوريا، فهي “الخيار الوحيد القابل للتطبيق” المتبقي للأسد.
ومع فرض العقوبات الأمريكية على كل من إيران وروسيا، قد لا يرغب البلدان في تخصيص مزيد من الأموال لإعادة بناء سوريا، وأوضح سالتسكوج أن هذا يترك الأسد أمام خيارات قليلة للغاية باستثناء الصين.
وتبحث الصين عن فرص لشركاتها من أجل إعادة الإعمار في سوريا، حسبما أكد مبعوثها الخاص إلى سوريا، شي شياو يان، أواخر عام 2016، قائلًا إن “الصين واثقة من أنها ستشكل جزءًا من عملية إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب في سوريا”.
–