شهد مخيم الهول، شرقي الحسكة، تدفق أعداد كبيرة من النازحين من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”، خلال شن “قوات سوريا الديمقراطية” هجومًا ضد معاقله الأخيرة، والتي تمكنت من السيطرة عليها معلنة عن إنهاء التنظيم في 23 من آذار الماضي.
وفي حين كان المخيم يستقبل الآلاف يوميًا، من عائلات أفراد التنظيم ومقاتليه والعديد من أسراه ومختطفيه، مع أهالي القرى والبلدات التي شهدت المعارك، تراجعت تلك الأعداد بشكل كبير لتبلغ 500 نازح جديد في الأسبوع الذي تلى إعلان الهزيمة.
الاستجابة الأممية
قدم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تقريرًا حول الوضع الإنساني والحاجات الإغاثية في مخيم الهول، أمس 2 من نيسان، لتغطية حاله في الفترة ما بين 21 و31 من آذار.
تنوعت حاجات سكان المخيم، مع اكتظاظه ونموه السريع، إذ إنه خلال أقل من 4 أشهر ارتفعت أعداد سكانه من 10 آلاف في كانون الأول 2018 حتى 73 بحلول نهاية آذار، وبحسب المنظمة فإن المخيم كان معدًا لاستقبال 41 ألفًا فقط.
ارتفاع أعداد الأطفال والنساء، مع تشكيلهم لنسبة 92% من المجموع، مع 65% من الأطفال تحت سن الخامسة، و27% من النساء، وسوء الحالة الصحية والنفسية للقادمين الجدد جعل من الحاجات الطبية على قمة هرم الأولويات.
تلقى 14700 مريض الرعاية الطبية، وتم تحويل 1722 شخصًا إلى المشافي في محافظة الحسكة. وقدمت اللقاحات لما يزيد على 12600 طفل تحت سن الخامسة من أصل 18.200 طفل بحاجة لها.
لا يضم المخيم سوى ثلاث عيادات متنقلة، وست نقاط الطبية ثابتة، وسيارتي إسعاف، ويقدر التقرير وجود 600 شخص من ذوي الإعاقة داخله.
كما يوجد أكثر من 25 ألف طفل تحت سن الخامسة بحاجة لعلاج سوء التغذية، وأكثر من 5600 امرأة حامل. ومن ضمن الأطفال 26 ألفًا بعمر المدرسة، وقد أنشئت خمسة مراكز مؤقتة للتعليم يتم فيها تدريس حوالي أربعة آلاف طفل.
وذكر التقرير تقديم المنظمات لحصص غذائية شهرية ويومية لقاطني المخيم، ويوزع قرابة 470 ألف كغ من الخبز يوميًا، مع تخزين نحو 12 ألف حصة غذائية تكفي العائلات (5-6 أفراد) لحوالي أسبوع من الزمن، ووجود ما يكفي من الحصص الشهرية حتى شهر حزيران.
تم نصب 10653 خيمة منذ كانون الأول، وهناك حاجة لـ1368 خيمة إضافية، إذ إن أكثر من 19 ألف شخص يعيشون في خيم مشتركة كبيرة، مع حاجات للأغطية والفرش والمصابيح والأحذية، وتم توزيع أكثر من 18 ألف رزمة شتوية.
وفيما يتعلق بالماء والنظافة يتم إيصال 1.516.000 لتر من الماء يوميًا إلى المخيم، وهناك نقص بأكثر من 18.500 عدة نظافة شهريًا، وهناك حاجة لأكثر من 1.350 مرحاض ومنشأة للاستحمام.
ومع جمع الأمم المتحدة لمبلغ 16 مليون دولار لدعم حاجات المخيم، إلا أن وكالاتها طلبت من كل الدول الأعضاء تقديم 27 مليون دولار إضافية لتأمين متطلباته خلال الأشهر القليلة المقبلة.
أولويات الصليب الأحمر
صرح مدير الصليب الأحمر، بيتر مورير، يوم الثلاثاء، أن الأولوية في المخيم هي إعادة الأطفال الذين من دون مرافق إلى عائلاتهم، مع قوله إن السلطات الكردية تعمل على فصل المقاتلين والأطفال الذين أعمارهم ما بين 12 و18، الذين يشتبه أنهم كانوا من المقاتلين، واحتجازهم.
وقال، “أولويتنا الأساسية في اللحظة الحالية هي تعريف الأطفال غير المرافقين، لتنبيه الحكومات أننا أوجدنا أطفالًا دون آباء، ولنرى إن كان هناك في مكان ما من الصين إلى الأرجنتين عائلة يمكن أن نعيد الأطفال إليها”.
بحسب تقديرات الصليب الأحمر، يوجد حوالي 80 إلى 100 ألف شخص داخل المخيم، مع وجود المئات أو ما يزيد من الأطفال دون مرافق، أما الأمم المتحدة فقدرت وجود 355 طفلًا دون مرافق، وذكرت أن 56 طفلًا تمت إعادتهم إلى أهلهم.
كما قال مورير إن تعقيد التركيبة في المخيم، ما بين متطرفين وموالين لتنظيم “الدولة الإسلامية” وضحايا لجرائمه، يمثل مشكلة كبيرة. وتابع أن المخيم يضم العديد من الإيزيديات اللواتي عدن من الاستعباد الذي دام لسنين.
بعض الدول ستقبل باستعادة الأطفال، وستقبل حتى المقاتلين، الذين إما سيتم اعتقالهم أو إعادة تأهيلهم. ولكن بعض الدول تعترض على استعادة مواطنيها، حسبما قال، مستشهدًا ببريطانيا، وأوروبا بشكل عام، وغيرها.
وتابع أن “المشكلة الكبيرة” هي إيجاد نظام للتعامل مع الفئات المختلفة للناس وتعريف من هو الضحية، ومن الذي تورط بعمل إجرامي، ومن لا يزال متطرفًا بشكل كبير، ومن ثم تحديد كيفية التعامل معهم.
تم إنشاء مخيم الهول في التسعينيات لاستيعاب خمسة آلاف لاجئ عراقي، ويضم اليوم 35 ألفًا من السوريين، أي حوالي 43%، ومثلهم تقريبًا من العراقيين، وحوالي 10 آلاف من 30 إلى 40 دولة أخرى.
–