خطيب بدلة
تحلى أخونا المنحبكجي المحترم “قاف عين” بصبر أيوب حتى تمكن من ضبط نفسه وهو يستمع إلى الاتهامات المُغرضة التي وجهها إليه أناسٌ من أصدقائه القدامى، ممن ركبوا على ظهر المطالب الشعبية المحقة التي ظهرت في سنة 2011، وحاولوا جَرَّ أصحاب المطالب إلى خانة العداء للسيد الرئيس المناضل ابن حافظ الأسد وإعلان الثورة عليه، فكنا وقتئذ كمن يتحدث في الطب، ووجد نفسه بعد لأي يسأل عن كيفية قَلْع الأضراس!
انتظر “قاف عين” حتى انتهى المغرضون من عرض اتهاماتهم، وقال لهم: انتهيتم؟ هل أستطيع أن أتكلم وأدلي برأيي الآن؟ قالوا: تفضل. قال: دعونا نمشِ في هذه القضية بسياسة الـ خطوة خطوة، والـ (ياوَاش ياواش)، وذلك لئلا نقع في التَخَبُّطْ، والتَمَلُّطْ، واصطدام القَحْطَلَيْن بأسفل الجُلُعْبُطْ. فأولًا، أنتم تتهمون قائدَنا الخالد حافظَ الأسد بأنه باع الجولان، وكأننا يا شباب قاعدون في السوق، أو في البازار، وقد حمي مزادُ بيع التلال والوديان والهضاب والمرتفعات، وبالمصادفة المحضة جاءت رئيسة وزراء العدو الصهيوني “جولدا مائير” متمايلة، حاملة حقيبةَ التسوق في يدها، وجلست تفاوض قائدنا على مرتفعات الجولان، واتفقا، بعد طول مجادلة، على السعر، ووضعا يدًا بيد، وقال لها: الله يبارك لك يا حاجّة جولدا، تشوفي على وجه هالمرتفعات الخير! لا يا سادتي، فالأمور ليست بهذه البساطة، والمصادر التاريخية المتوفرة كلها تنفي أن يكون القائد قد دخل البازار في حياته قط، ولكن، تبينَ أن الدولة الممسوخة التي اسمها إسرائيل، كانت تمتلك، في سنة 1967، ترسانة من الأسلحة المتطورة، وكانت أمريكا والدول الإمبريالية مجتمعة، تقف وراءها، وتساندها بالمال والسلاح والرجال والعتاد، فانتصرتْ علينا وعلى مصر وعلى الأردن، ولم يكن قائدُنا المفدى يومئذ سوى وزير للدفاع في دولة تتمتع قيادتُها بعقلية مناورة، متخاذلة، فأمر سيادتُه العسكرَ بالانسحاب الكيفي قبل بدء المعارك البرية، لأنه عرف، بذكائه وبصيرته الثاقبة، أننا سنخسر، فلماذا لا نخسر من البداية؟ على قولة المثل: أَوَّلُه أَهْوَنُه.
لم تكتفوا، أيها المعارضون المغرضون، بما كذبتم وافتريتم، بل رحتم تتقولون على القائد الكبير بشار الأسد، زاعمين أنه لم يفعل شيئًا من أجل تحرير الجولان خلال حكمه الممتد منذ سنة 2000 وحتى هذه البرهة التاريخية العصيبة. كيف لم يفعل؟ ألم يتابع ما بدأه والدُه بمطالبة الأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا بإعادة المرتفعات إلى الوطن الأم؟ ألم يذكرْ الجولان في خطاباته ولقاءاته الصحفية والتلفزيونية ويوجه التحيات لأهله الصامدين؟ وعندما قام الشعب السوري المدعوم من قبل إسرائيل بثورة ضده، ألم يحرق الأخضر واليابس ويهدم المدن والبلدات والقرى والدساكر والكفور فوق رؤوس هؤلاء العملاء، ليجعل، بذلك، كيدَ إسرائيل يرتد إلى نحرها؟ فما الجديد الآن؟ تغريدة دونالد ترامب التي يؤيد فيها ضم الجولان إلى دولة الكيان الإسرائيلي الغاصب؟ طيب. من قال لكم إن السيد الرئيس سكت عن ذلك؟ ألم تعلن القيادة أنها ستدرس كل الخيارات الممكنة وترد على هذا الرئيس الإمبريالي المتغطرس في الزمان والمكان المناسبين؟! ويلي عليكم من بين المعارضين.