“أبوعنتر” يقف على المنبر، أمام مايكرفون مصنوع من الكوسا، بنظارة طبية غريبة عن شخصيته المعتادة، ليلقي خطابًا عن الديمقراطية، وارتباطها الوثيق بالسجن، في مشهد نادر في شكله ومضمونه، داعيًا لإقامة الحكم الذاتي في السجن، وانتخابات حرة لاختيار زعيم جديد للقاووش، وعدم اللجوء “للخارج” لحل المشاكل الداخلية للزنزانة، كل هذه التركيبة العجيبة لا تصدر إلا عن “أبو عنتر”.
عاش ناجي جبر طويلًا في شخصية “أبو عنتر”، حاول الهروب منها مرارًا، وفي كل مرة يعيده المخرجون والمنتجون إليها، رغم إمكانياته الفنية العالية التي قدمها في عدد من المسلسلات والأفلام السورية.
وهو ما كان يدفعه بعيدًا عن أدوار البطولة، ويعيده إلى الأدوار الثانوية، رغم تطويره للشخصية بمرور الزمن وتحويلها من شخصية “المشكلجي” إلى الشخصية المدافعة عن حقوق الناس، إذ عاد لاحقًا ليقدم شخصية “القبضاي” في أعمال فنية أخرى، “أيام شامية” و”الخوالي”.
شارك ناجي جبر في فيلم “شيطان الجزيرة” بطولة محمود عبد العزيز ويسرا، وفيلم “أموت مرتين وأحبك” بطولة عمر خورشيد.
بدأ جبر حياته الفنية على خشبة المسرح العسكري، وانضم لاحقًا إلى فرقة شقيقه محمود وقدم عددًا من الأعمال المسرحية، منها “النهب”، “صياد وصادوني” وغيرها، وانضم إلى الثنائي دريد لحام ونهاد قلعي في بدايات السبعينات من القرن المنصرم.
كان الفنان زياد مولوي قد اعتذر عن تقديم إحدى الشخصيات التي قدمها لمرتين، فقام نهاد قلعي بعرض الشخصية نفسها على جبر، الذي رفضها بدوره، مفضلًا عليها شخصية ثانوية اسماها “أبو رعد”، قبل أن يغير اسمها لاحقًا نهاد قلعي إلى “أبو عنتر”، مضيفًا بعض التفاصيل على الشخصية، ومنها الكلمة المطبوعة على ذراعه: يا باطل، والملابس وتفاصيلها، عدا عن الكلمات الشعبية للغاية التي استخدمها.
كما شارك جبر في مسرحيات لها أهمية بالغة في تاريخ المسرح السوري، منها “حفلة سمر من أجل 5 حزيران” للكاتب الكبير سعد الله ونوس، و”رأس المملوك جابر”، كما شارك في واحد من أهم الأفلام في تاريخ السينما السورية وهو فيلم “أحلام المدينة” لمخرجه محمد ملص.
استمر ناجي جبر بتقديم شخصية “أبو عنتر” في العديد من المسلسلات، “مقالب غوار” و”صح النوم” و”حمام الهنا” و”وادي المسك”، كما قدمها في مسلسل منفصل حمل اسم الشخصية ذاتها “يوميات أبو عنتر”.
وعمل في المسرح التجاري لفترة طويلة، وعرضت مسرحيته “ليلة أنس” لستة أعوام متتالية، كما شارك في 50 فيلمًا سينمائيًا.
ولد ناجي جبر في مدينة “الشهبا” التابعة لمحافظة السويداء في التاسع من أيلول 1940.
وانضم لنقابة الفنانين السوريين في عام 1972، وبدأ مسواره الفني على خشبة المسرح، قبل انضمامه لفرثة شقيقه محمود جبر، وتقديمه لعدد من المسرحيات برفقته.
آخر أعماله الفنية كان المسلسل الدرامي “بيت جدي” في عام 2009، وتوفي في 30 آذار من نفس العام نتيجة إصابته بمرض سرطان الرئة.