في مثل هذا اليوم، 29 من آذار، من عام 2001، حاصرت القوت الإسرائيلية الرئيس الفلسطيني الأسبق، ياسر عرفات، في مقر إقامته في رام الله، بأمر مباشر من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أرئيل شارون.
وهدمت القوات الإسرائيلية المباني المحيطة بالمقر، وأقامت سورًا عازلًا حوله.
أسباب الحصار
أتى الحصار كنتيجة مباشرة للانتفاضة الفلسطينية الثانية، في عام 2000، ولعملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي، رحبعام زئيفي.
إضافةً إلى العملية التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، في 27 آذار 2001، في غرفة الطعام في فندق بارك، وأفضت إلى مقتل 30 إسرائيليًا.
وجاءت بعد استيلاء إسرائيل على سفينة “كارن ايه”، واتهام عرفات بأن السفينة المحملة بحوالي 50 طنًا من الأسلحة كانت متجهة إليه بشكل مباشر، وذلك بعد حديث أحد أفراد طاقم السفينة عن وجهتها في أثناء تنصت عملاء استخبارات أمريكية على أجهزة الاتصال اللاسلكية، بحسب الرواية الإسرائيلية.
ورغم نفي ياسر عرفات علاقته بالسفينة، اعترف فؤاد الشوبكي، المسؤول المالي عن العملية، بعد وفاة عرفات في أثناء التحقيق معه في عام 2006، وهو ما أكدته تقارير إعلامية أشارت إلى أن عرفات كان يخطط للعودة إلى التصعيد العسكري والاستغناء عن خيار السلام في تلك الفترة.
في عام 2000 قامت الحكومة الإسرائيلية بتقسيم مناطق السلطة الفلسطينية إلى “60 منطقة” وعزلتها عن بعضها بشكل كامل، تنفيذًا للوعود الانتخابية بإعادة الأمان للإسرائيليين، وهي الوعود التي قطعها رئيس الوزراء الإسرائيلي، ارييل شارون، في أثناء الانتخابات.
وفي 2001 قام الطيران الإسرائيلي بتدمير مبنى البث الإذاعي والتلفزيوني الفلسطيني القريب من مقر عرفات، ونشرت الدبابات على بعد 200 متر فقط ليبدأ الحصار.
وأعلن شارون أنه في حال خروج عرفات خارج فلسطين فلن يسمح له بالعودة إليها ثانيةً.
واستمر الحصار حتى تدهور صحة عرفات بشدة، وتم نقله في نهاية المطاف إلى العاصمة الأردنية عمّان، ومنها وصل إلى باريس قبل أن يتوفي هناك في عام 2004، وسط اتهامات لإسرائيل باغتياله عن طريق السم.
تمت محاصرة عرفات في غرفة واحدة فقط في المبنى، وصدرت أوامر مباشرة من القيادة الإسرائيلية بعدم قتله.
وشارك في العملية 20 ألف جندي و500 دبابة ميركافا، عدا عن قطع الماء والكهرباء عن المقر، إضافةً إلى تشويش متعمد على أجهزة الإتصال.
ونقلت عملية الحصار على الهواء مباشرةً من قبل وسائل إعلام عربية وأجنبية.
كنيسة المهد
وقامت السلطات الإسرائيلية بمحاصرة “كنيسة المهد”، بسبب لجوء مقاومين فلسطينيين إلى الكنيسة، وطالبت بتسليمهم إليها، وأدت المفاوضات إلى نفي 13 مقاومًا إلى دول أوروبية، و30 منهم إلى قطاع غزة.
كما كانت إحدى شروط فك الحصار هو تسليم العميد فؤاد الشوبكي، مسؤول الإدارة المالية في قوات الأمن الفلسطيني، وأحمد سعادات، أمين عام “الجيهة الشعبية لتحرير فلسطين”، وهو ما تم لاحقًا، بصفتهم المسؤولين عن عملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي، إضافةً إلى أربعة عناصر آخرين.
ياسر عرفات
ولد ياسر عرفات في القاهرة، في الرابع من آب 1929، وعاد إلى القدس وعمره خمس سنوات، ثم عاد إلى القاهرة للدراسة في جامعة فؤاد الأول، قبل أن يتوجه إلى غزة إبان حرب 1948.
أعيد توطينه في الكويت، حيث بدأ بالعمل على ماسمي بدايةً “شبكة فتح”، وهي شبكة سرية هدفها تفكيك إسرائيل، وعاد إلى فلسطين عام 1964، وتحولت الشبكة إلى “منظمة التحرير الفلسطينية” في نفس العام تحت رعاية من جامعة الدول العربية.
وقع مع إسرائيل اتفاق أوسلو في عام 1993، وعاد إلى فلسطين لتعزيز الحكم الذاتي الفلسطيني في عام 1994، وتوفي في باريس في عام 2004.