نشرت صحيفة “وال ستريت جورنال” الأمريكية تقريرًا اليوم، الأربعاء 27 آذار، معددةً الجهود الإيرانية لنشر التشيع وتجنيد المقاتلين في صفوف قواتها في الأراضي السورية، وخاصة في المعاقل السابقة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
وذكر التقرير، نقلًا عن سكان تلك المناطق، أن طهران تستخدم المال والمساعدات الغذائية والخدمات العامة في حملة لكسب القلوب والعقول لجذب الشباب للانضمام إلى قواتها وللتحول إلى الطائفة الشيعية.
في المدن والقرى في وسط وشرقي سوريا سيطرت الميليشيا الإيرانية على الجوامع وأقامت بها الأذان بالطريقة الشيعية، كما أقامت المزارات في أماكن ذات أهمية دينية تاريخية، واشترت العقارات، وافتتحت مدارس للغة الفارسية. وشجعت المقاتلين الأجانب المتحالفين معها على الاستقرار في المناطق التي هجرها السكان السنة خلال الصراع.
واستشهدت الصحيفة بمنظمة “الحسين” الخيرية الإيرانية، التي سعت لملء الفراغ الذي خلفه نقص الخدمات الذي يعاني لتأمينها نظام الأسد، عبر جلبها للمولدات ومضخات الماء وتوزيع الطعام والمواد المدرسية في المدن والقرى في دير الزور.
إضافة إلى تعهد قوات الحرس الثوري الإيراني بمنح الرجال لبطاقات تعريف إيرانية، تسمح لهم بالمرور من الحواجز دون تأخير، ومبلغ 200 دولار شهريًا، في حال انضموا لقواتهم وتحولوا إلى المذهب الشيعي.
وعن فعالية هذه الجهود، نقلت الصحيفة عن أحد سكان المنطقة قوله، “من كل عائلة تجد واحدًا أو اثنين أصبحوا من الشيعة … يقولون إنهم يقومون بذلك كي يجدوا أعمالًا أو يتحولون للشيعية كي يكون بإمكانهم التحرك دون أن يزعجهم أحد”.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الحملة تهدد الجهود الأمريكية والإسرائيلية والعربية لدحر النفوذ الإيراني، وتترافق مع خطط تقليص التواجد العسكري الأمريكي في سوريا، خاصة بعد أن تم الإعلان عن هزيمة التنظيم يوم السبت الماضي.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت عن استمرار جهودها للوقوف في وجه المساعي الإيرانية لإنشاء معبر بري لإيصال الأسلحة والمقاتلين عبر العراق وسوريا ولبنان إلى حلفائها في المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن الباحثة في مؤسسة واشنطن، حنين غدار، قولها إن إيران تعمدت نشر نفوذها في المناطق التي تقع على طريق المعبر البري الذي تريد إنشائه، وهذا يمتد من شرقي محافظة دير الزور إلى الحدود الغربية مع لبنان، وأضافت، “هذه طريقتهم الوحيدة في حال اضطروا للمغادرة (عسكريًا)”.
وبالنسبة للأسد لا يتعلق الأمر بقلب الموازين الطائفية في البلاد، ولكن بتسوية دينه مع أحد أهم داعميه العسكريين خلال الصراع، وذكرت الصحيفة أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام غاسيمي، قال إن جهود بلاده الإنسانية لا دوافع بديلة لها، “لا أحد يسعى لتنفيذ بروباغندا دينية وإنشاء صراعات دينية”.
أما بالنسبة لسكان دير الزور فقد اعتبروا أن الاستراتيجية الإيرانية لجذب الجيل الصغير تشابه تكتيكات الدولة الإسلامية سابقًا، واعترض بعض الأهالي على تحويل المساجد إلى المذهب الشيعي، ونجحوا في بعض الحالات بإعادة الأذان إلى النص السني.
وهذه ليست المرة الأولى التي حاولت فيها إيران تعديل الكفة الطائفية في سوريا، حسبما نقلت الصحيفة عن السكان، إذ كانت قد أنشأت مسجدًا شيعيًا قدم الدروس الدينية ووزع الكتب الدينية مجانًا، إلا أن قوات التنظيم فجرته حينما كانت تسيطر على المدينة.
واختتم التقرير بتوقع أن جهود إيران الحالية قد تلاقي نجاحًا أكبر مما وجدت في العقود السابقة مع مواجهة السوريين، لغياب القانون ورغبتهم بالوقوف مع الجانب الأقوى.