مع اقتراب العام الخامس لانتفاضة السوريين المتواصلة لإسقاط نظام التوحش، تستمر أيدي البعض الامتداد للمال العام لتشكل فضائح فساد مزرية تنمو على ضفاف الدماء الزكية التي سقطت طلبًا للعدالة والنزاهة.
كانت ثقافة النزاهة في سوريا منذ إنشاء الكيان السوري تأتي إلى الناس في معظمها من خلال تربيتهم المنزلية وثقافتهم المجتمعية، وتقول وثائق القرن الماضي فإن منظومة الحسين بن علي، الذي قاد ما يسمى الثورة العربية الكبرى تلقت أموالًا مباشرة من خزائن الاستخبارات البريطانية.
وضمن حالة التنوع الثقافي المجتمعي، كانت بعض المجموعات البشرية الصغيرة في سوريا تربي أبناءها على الفساد وسرقة المال العام، وتثقف أبناءها على سرقة كل ما تصل إليه أيديهم من الأملاك العامة، وكانت ثقافة سرقة الأغيار تتسع عند بعضهم لتصل حد إباحة أموال أبناء الأعراق والطوائف والأديان الاخرى.
بنت فرنسا في سوريا جيش الشرق من قوة بشرية أساسها المتحالفين مع الفرنسيين والخونة والفاسدين ومعدومي الضمير من السوريين، وواجه هذا الجيش مرارًا الشعب السوري وارتكب المجازر ضد المدنيين.
وعندما بدأ رئيس الجمهورية المنتخب شكري القوتلي أول حملة لمكافحة الفساد وذهب بنفسه إلى مستودعات الجيش ليبدأ الحملة، لم يمهله قادة الفساد كثيرًا فأطيح بالحكومة المنتخبة وأودع رئيس الجمهورية السجن.
توالت انقلابات الجيش على السلطة بين عامي 1949 و1963 وتعمقت ثقافة الفساد في الجيش، الذي أكل معظم خيرات البلاد حتى الانقلاب الأخير الذي قاده عام 1970 وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد.
وشكل الأسد الأب مجموعة من التحالفات الإقليمية الدولية المبنية على أسس تقع في إطار استمرار سلطته وليست ضمن أسس استمرار الدولة السورية، بداية مع تسليم الجولان للإسرائيليين بلا قتال ومرورًا بتأجير الجيش السوري للقتال في لبنان 1976 والكويت والعراق 1990 كجيش مرتزق عمل بقيادة أمريكية.
وجاء الأسد الثاني ليتابع مسار الفساد الذي ضرب كل أسس الاستقرار في سوريا وأوصلها إلى الانفجار الذي تم توجيهه بعناية ليحرق أرض أهل النزاهة.