النظام يحاصر المنتجات التركية.. التجار أكبر المتضررين

  • 2019/03/24
  • 1:45 م

مول شام سيتي سنتر وسط العاصمة دمشق - 2018 - ( Massri Mouayad)

عنب بلدي – يامن مغربي

يعمل تجار سوريون في تركيا على تصدير منتجات تركية إلى مختلف المناطق السورية، سواء تلك التي يسيطر عليها النظام السوري، أو مناطق سيطرة المعارضة وخاصة ريف حلب الشمالي الذي تديره مؤسسات مدعومة من تركيا.

مؤخرًا، توقفت عملية التصدير نتيجة حملات الجمارك على البضائع التركية في مناطق النظام، أو بسبب ما قيل إنه خلافات على السيطرة على الطرقات بين “الفيلق الخامس” المدعوم روسيًا، وبين “الفرقة الرابعة” التي يقودها شقيق رئيس النظام السوري، ماهر الأسد، بحسب تجار سوريين يقيمون في تركيا قابلتهم عنب بلدي.

ولكن الأنباء عن الخلاف بين التشكيلين العسكريين بقيت حبيسة أحاديث التجار وبعض المحللين العسكريين، دون تأكيد رسمي من جانب النظام أو المعارضة.

تجار يخسرون المعابر

يشحن التجار السوريون بضائعهم المصدرة إلى مناطق سيطرة النظام، عبر المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا، وصولًا إلى ريف حماة، ويتم هناك فرز البضائع بحسب المناطق المتجهة إليها ونقل البضائع إلى شاحنات جديدة، لتدخل أيضًا من معابر داخلية تدير جانبيها فصائل وتشكيلات من المعارضة والنظام.

ويتم عبور البضائع بعد دفع المال لمن يدير الطريق من الحواجز في المنطقة، سواء تلك التابعة لـ “الفيلق الخامس”، أو “الفرقة الرابعة”، بحسب ما قاله أحد التجار السوريين ممن يعملون في تصدير الألبسة التركية إلى دمشق، والذي رفض ذكر اسمه خوفًا على تجارته وعلاقاته في دمشق.

وقال التاجر لعنب بلدي إن الطريق توقف لأكثر من شهرين بسبب الخلافات بين “قوات النمر” التابعة لـ “الفيلق الخامس”، و”الفرقة الرابعة” التابعة لماهر الأسد، إذ يمثل الطريق ما سماه “منجم ذهب” بسبب الأتاوات التي يفرضها الطرفان على الشاحنات، إضافةً إلى العداوة السياسية بين الجانبين السوري والتركي، ما يجعل التضييق على البضاعة التركية مستمرًا.

وأوضح أن جودة البضاعة التركية، ورخص ثمنها، والحصار المفروض على البضاعة الأجنبية ومنع دخولها إلى سوريا، وافتقار قطاع الصناعة في سوريا لأدنى متطلبات الإنتاج من الكهرباء والأيدي العاملة والمحروقات أدى إلى انتشار البضاعة التركية، مؤكدًا أنه خسر أكثر من 50% من تجارته منذ مطلع شباط بسبب إيقاف الطريق وحملات الجمارك.

وقال (س.ن)، وهو تاجر دمشقي يعمل في اسطنبول، إن التذمر في الداخل السوري كبير نتيجة الوضع المزري ونقص المواد الغذائية والصناعية وغيرها، ومع انقطاع البضائع القادمة من تركيا عن الوصول إلى الأسواق السورية زاد الأمر سوءًا، مؤكدًا أن البضاعة التركية تؤمّن احتياجات المستهلك بالشكل اللازم، بحسب تعبيره، مرجعًا إيقاف عبور الشاحنات إلى الخلافات السياسية بين البلدين.

جمال سيد، اسم مستعار لأحد التجار السوريين، قال إنه لجأ إلى العمل في تجارة الألبسة والأحذية نظرًا لعدم حاجتها إلى خبرة كبيرة، ولسهولة الحصول عليها، مشيرًا إلى أن أحد أهم الآثار السلبية لاضطراب حركة الطريق هو التوقف عن العمل لفترة غير معلومة، ما يؤدي إلى ضعف الدخل المادي والتأخر بسداد الديون المستحقة للتجار.

رواج البضائع التركية لا يقتصر على سوريا فحسب، بل يمتد ليشمل أغلب دول المنطقة، لجودة تصنيعها وأسعارها المنافسة، وتنوع وسائل الشحن، بحسب التاجر.

جمال نفى أن تكون الحملات الجمركية التي يقوم بها النظام ضبطًا للحدود وتشجيعًا للمنتج الوطني، معتبرًا أنها فقط تابعة لاختلاف المصالح بين الجهات التي تسيطر على نقل البضائع ولا علاقة لها نهائيًا بضبط البضائع المهربة، من وجهة نظره.

حملات الجمارك.. لسوريا “خالية من التهريب”

ترافق انقطاع الطريق مع حملات ممنهجة للجمارك السورية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري على الأسواق والمحلات والمولات التجارية في عدد من المحافظات أبرزها دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية، بهدف ضبط البضائع المهربة منذ بداية العام الحالي (2019).

وأصبحت حيازة البضاعة التركية تهمة تهدد صاحبها بإغلاق محله بالشمع الأحمر عدا عن الغرامات المالية الكبيرة، بحجة ضبط التهريب، وصلت إلى حد اعتبار بضائع المصانع والورشات التي تعمل في مناطق الشمال السوري، وفي محافظة إدلب تحديدًا، بضائع مهربة أيضًا.

وعن تقييم نتائج حملة مكافحة التهريب التي أطلقتها الجمارك منذ قرابة الشهر، نقلت صحيفة “تشرين” الحكومية، في 23 من آذار الحالي، عن مديرية الجمارك، أنه من المبكر تقييم حملة مكافحة التهريب.

ومع ذلك بلغ عدد القضايا الجمركية المحققة قرابة 500 قضية بغرامات وصلت إلى مليارين ومئة مليون ليرة.

واعتبرت المديرية أن أهمية التقييم لا تستهدف النتائج المالية للحملة وإنما التخطيط للأمام من وحي النتائج، حيث يعتبر دعم الصناعة الوطنية الهدف الأول للحملة، والمأمول أن تحتل البضائع الوطنية مكان البضائع الأجنبية المهربة في الأسواق والمحال التجارية بل ومكان البضائع الأجنبية المستوردة أيضًا.

وأطلقت الحكومة السورية حملاتها الجمركية تحت عنوان “سوريا خالية من التهريب 2019″، مطلع شباط الماضي، وقالت إنها لن تستثني أحدًا، ما أدى بأصحاب بعض المحلات لإغلاقها نهائيًا.

تجار الداخل متضررون أيضًا

رئيس غرفة الصناعة، سامر الدبس، قال “لم نأت بجديد عندما نقمع باعة صغار ونصادر بضائعهم”، متسائلًا، في حديث لصحيفة “تشرين”، هل تم ضبط أو معاقبة اسم واحد من الأسماء الكبيرة؟ ولماذا لا يتم ضبط معبر سرمدا الذي يعد مصدر التهريب؟ والأهم من كل ذلك كيف تصل البضائع المهربة إلى السوق؟

وأضاف الدبس أن “استهداف التاجر الصغير الذي يعتمد على محله الصغير كمصدر رزق وحيد لأسرته، لا يحل المشكلة، خاصة مع غض النظر عن المهربين الكبار الذين يدخلون البضائع المهربة إلى الأسواق إضافة إلى المخلصين الجمركيين الذين يتلاعبون بالمهربات”.

تجارة متقلبة بين سوريا وتركيا

لطالما كانت العلاقات السورية التركية متقلبة على جميع المستويات، تبعًا للظروف السياسية في كلا البلدين.

ومع وصول “حزب العدالة والتنمية” إلى سدة الحكم في تركيا واتباعه سياسة “صفر مشاكل”، استمر في العلاقات الجيدة التي سادت الأجواء السورية التركية بعد اتفاق “أضنة” في العام 1998، مع زيارات متبادلة بين الطرفين على أعلى المستويات وصولًا إلى مشاركة أردوغان في افتتاح ملعب حلب الدولي، ووصول حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مليارين و200 مليون دولار في عام 2010، نتيجة لتوقيع عدد من الاتفاقيات في 2009 إثر زيارة أردوغان إلى دمشق، شملت الري والكهرباء والدفاع والزراعة والاقتصاد وغيرها، إضافة لتفعيل اتفاقيات أخرى تم توقيعها في عام 2004.

وبحسب إحصائية أجراها “معهد الأبحاث الاقتصادية” التركي، في أيلول 2018، فإن مجموع رأس المال في الشركات المشتركة بين السوريين والأتراك بلغ 869 مليون دولار.

واحتلت الشركات السورية المرتبة الأولى بين الشركات الأجنبية في تركيا إذ بلغت نسبتها 20%، بينما كانت فقط 2% عام 2011.

وفي المقابل تواصلت الاستثمارات التركية في مناطق الشمال السوري، تحديدًا في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، فعدا عن منح بطاقات هوية للسكان في تلك المناطق وربطها بدائرة النفوس التركية بشكل مباشر، قامت تركيا بتعبيد الطرقات وإنشاء المراكز الصحية والمدارس، إضافة إلى افتتاح مركز للبريد الحكومي (Ptt).

وافتتحت منظمة “موسياد” لرجال الأعمال، وهي منظمة تركية تمثل أكثر من 35 شركة تركية ويبلغ عدد موظفيها أكثر من مليون موظف، مكتبًا لها في ريف حلب في عام 2018.

مقالات متعلقة

  1. "جمارك اللاذقية": ضبط 25 قضية "مهربات" تركية بقيمة 500 مليون ليرة
  2. التصدير من الشمال.. فائدة لسوريا أم لتركيا
  3. تركيا تعتزم إعادة حجم الصادرات إلى سوريا كما كانت في 2010
  4. قريبًا.. ألمانيا تحاكم سوريين مقربين من نظام الأسد بقضايا تجارة مخدرات

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية