الجولان الرخيصة على آل الأسد

  • 2019/03/24
  • 12:00 ص
محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

لم تكن هزيمة 1967 هزيمة طبيعية، لا شك أنها إحدى اللحظات الفارقة التي غيرت مسار المنطقة إلى الأبد. في ذلك اليوم كتبت إسرائيل نعوة القومية العربية حاملة نضال الشعوب العربية ضد الاستعمار، والتي مثلها في تلك اللحظة جمال عبد الناصر، وأعلنت ولادة الموجة الإسلامية.

لم تكن هزيمة عسكرية فحسب، لقد كانت هزيمة أيديولوجية في الأساس، وفي سوريا حمل حافظ الأسد مسؤولية الهزيمة، كان وزيرًا للدفاع وفي خضم الصراع بين أجنحة البعث على الحكم كان منشغلًا بتسريح آلاف الضباط السنة أكثر من انشغاله بحرب إسرائيل، كانت هزيمة حزيران هزيمة شخصية للأسد بمعنى من المعاني. لم يقاتل العرب حينها ولو قليلًا، دمرت جميع طائراتنا في مرابضها. مع كارثة حزيران انسحبت الجيوش العربية من الجبهات إلى العواصم واكتفت بمهمة حماية الحاكم العربي من شعبه.

على مدخل الزبداني كانت هناك خريطة لسوريا كما يتخيلها حافظ الأسد، كانت فيها سوريا الحالية مع لواء اسكندرون ولبنان والجولان. ومع أن اللواء تم “سلخه” عن سوريا قبل حكم البعث، إلا أن المطالب باستعادة اللواء -واسمه اليوم هاتاي في تركيا- ظلت حاضرة في الخطاب الرسمي حتى بداية القرن الحالي.

بقية القصة معروفة، اغتال الأسد الحريري الأب في لبنان، وبذلك طُرد منها في لحظة سعيدة نادرة ذلك الزمن، شهدنا فيها إذلال نظام الأسد وهو يخرج صاغرًا يعاني العزلة التي فكتها عنه تركيا مقابل مزايا اقتصادية ونسيان للواء. واليوم تسيطر الولايات المتحدة على ثلث البلاد وتركيا وروسيا وإيران على ما تبقى منها.

ولست بطبيعة الحال بهذا الشر والحقد لكي أتمنى أو أطالب بأن تعود هذه الأجزاء المستلبة لنظام الأسد بحجة الوطنية، فالحقيقة التي لا جدال فيها أن البشر المقيمين في اللواء والجولان ولبنان ممتنون للقدر والتاريخ الذي رماهم على الجانب الآخر من الحدود.

كانت الجولان ضرورية لبقاء الأسد، كانت مهمة لإخراس كل صوت أمام صوت معركة لم تأت، كانت ضرورية لإطلاق يد الأمن في كل شاردة وواردة، حتى مطاعم الفلافل احتاجت إلى موافقة أمنية.

باع واشترى فيها الكثير. الجولان رخيصة على آل الأسد كما كل سوريا التي لم تعد موجودة.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي