ريف حماة – إياد أبو الجود
اعتصامات وإضرابات شهدها سجن حماة المركزي، نهاية العام الماضي، احتجاجًا على أحكام إعدام صادرة بحق بعض المعتقلين، تلتها جملة من القرارات أفضت إلى إفراج النظام السوري عن عشرات المعتقلين، في ظاهرة حامت حولها شبهات عدة وأثارت علامات استفهام حول هدف النظام من الإفراج عن المعتقلين.
في 20 من آذار الحالي، أفرج النظام السوري عن دفعة كبيرة من المعتقلين في سجن حماة المركزي، ضمت 50 شخصًا تم اعتقالهم منذ عام 2011 على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السوري، ليصل عدد الذين أفرج النظام عنهم إلى 106 معتقلين، منذ تشرين الثاني 2018.
ضغط سياسي وإعلامي
المحامي عبد الناصر حوشان، عضو “هيئة القانونيين السوريين”، قال إن الإضرابات التي قام بها معتقلو سجن حماة المركزي عام 2016 احتجاجًا على أحكام الإعدام التي أصدرتها محاكم الإرهاب والمحكمة الميدانية بحق عدد منهم، جعلت السجن خارج السيطرة منذ ذلك العام.
وأضاف حوشان في تصريح لعنب بلدي، أن الإضرابات التي ترافقت مع استعصاء داخل السجن منعت الضباط وعناصر السجن من الدخول إلى الزنزانات، كون الأمر ترافق مع تغطية إعلامية وحقوقية “ممتازة”، تفاقمت حين أعلن المعتقلون في تشرين الثاني الماضي إضرابهم عن الطعام.
وكان معتقلو سجن حماة المركزي بدأوا إضرابًا عن الطعام، في 12 من تشرين الثاني الماضي، رفضًا لأحكام الإعدام التي أصدرتها المحكمة الميدانية بحق 11 معتقلًا منهم، على خلفية مشاركتهم بالمظاهرات السلمية في عام 2011، واستمر الإضراب شهرًا تقريبًا.
وأُبلغ المعتقلون في السجن بالحكم عن طريق قاضي الفرد العسكري بحماة، فراس دنيا.
وبحسب حوشان، أرسلت اللجنة الأمنية في حماة وفدًا من لجنة أهلية إلى المعتقلين لإنهاء الإضراب عن الطعام دون شروط، إلا أن المعتقلين أصروا على مطالبهم بإلغاء أحكام الإعدام والإفراج عن السجناء الذين انتهت مدة محكوميتهم، ولكن النظام رفض الاستجابة.
تلك التطورات استدعت تواصل اللجنة الأهلية مع قاعدة حميميم بشكل مباشر، والتي راسلت السلطات المعنية في موسكو من أجل إطلاعها على الوضع داخل سجن حماة، كما رفعت “هيئة القانونيين السوريين” تقريرًا حقوقيًا إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، مع تأمين شهادات حية من المعتقلين داخل السجن.
كل ذلك، بحسب المحامي السوري، شكل ضغطًا على النظام السوري ما استدعى الإفراج عن 106 معتقلين جميعهم ممن انتهت مدة محكوميتهم أو قضوا ثلاثة أرباع المدة، وبعضهم كانت تشملهم أحكام الإعدام.
كما خُفضت الأحكام بحق بعض المعتقلين من الإعدام إلى المؤبد مع الأشغال الشاقة، وخُفضت عقوبة المحكومين بالمؤبد إلى 15 عامًا مع الأشغال الشاقة.
وأُفرج عن الـ 106 معتقلين على خمس دفعات، الأولى ضمت 18 شخصًا ومثلها الدفعة الثانية، في حين ضمت الدفعة الثالثة معتقلين اثنين فقط، والرابعة 18 شخصًا، أما الدفعة الأخيرة فكانت الأكبر وضمت 50 معتقلًا.
رضوخ مشبوه
اتبع النظام السوري منذ بدء الاحتجاجات الشعبية ضده عام 2011 سياسة الاعتقال التعسفي والتغييب القسري بحق المعارضين له، مع وجود ما لا يقل عن 210 آلاف معتقل ومغيب قسريًا في سجونه، بحسب أرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يتعرضون للتعذيب دون أن يعترف النظام السوري باعتقاله لهم.
كل ذلك أثار تساؤلات حول هدف النظام من الرضوخ لمطالب المعتقلين في سجن حماة المركزي، الأمر الذي أرجعه عضو “هيئة القانونيين السوريين”، عبد الناصر حوشان، إلى ضغط روسي على النظام السوري ساعد عليه إضراب المعتقلين عن الطعام ونقل ذلك إلى الإعلام، الأمر الذي لم يحدث في بقية المعتقلات السورية.
وأضاف حوشان أن النظام السوري استغل الأمر بقوله إنه أفرج عن معتقلي سجن حماة بموجب عفو رئاسي، إلا أن معظم المعتقلين المُفرج عنهم كانوا ممن أنهوا محكوميتهم، كما أن “العفو” الذي زعم النظام إصداره لم يطل بقية المعتقلين في السجون الأخرى.
ويشير المحامي السوري، المطلع على وضع المعتقلين في سجن حماة، إلى أن إدارة السجن عمدت إلى إجبار المعتقلين المُفرج عنهم إلى التوقيع على تسوية تتضمن الإفراج عنهم مقابل الالتحاق بالخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في صفوف النظام السوري.
ولا يزال 70 شخصًا معتقلين في سجن حماة المركزي، بعضهم صدرت بحقهم أحكام وآخرون موقوفون على ذمة التحقيق منذ أكثر من ست سنوات.
في حين لم يتسنَ للذين أُفرج عنهم الخروج من مناطق النظام السوري نحو المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، خشية أن يتعرضوا للاعتقال مرة أخرى.