علا صوت الأذان في جامع النور في كرايستشريش، اليوم الجمعة 22 من آذار، بعد أسبوع من الهجوم “الإرهابي” الذي قتل 50 من مسلمين تجمعوا لأداء الصلاة فيه وبمسجد لينوود القريب.
في الحديقة المقابلة للمسجد، جنبًا إلى جنب مع حوالي خمسة آلاف شخص، وقفت رئيسة الوزراء النيوزيلندية، جاسيندا أرديرن، مرتدية حجابًا على رأسها، وقالت “نيوزيلندا حزينة معكم، إننا واحد”.
كما شُيع بعد الصلاة 26 من الضحايا، حضره الآلاف أيضًا، مبدين تعاطفهم وتضامنهم مع العائلات.
وتبعت الهجوم صدمة وتعاطف حول العالم، وكان لطابع الاستهداف المباشر للهجوم لفئة المهاجرين المسلمين، وسط تصاعد متزايد للخطاب اليميني المعادي للهجرة، والربط المستمر لـ”الإرهاب” بالإسلام وترافقه مع انتشار “الإسلاموفوبيا” حول العالم، أثر كبير في حملات التضامن التي عمدت للدفاع عن حرية العبادة وإدانة العنصرية.
تضامن نيوزيلندي لافت
مواقف السلطات النيوزيلندية كانت قوية بحزمها ومدى تأكيدها على تلاحم الشعب واحترام الأديان فيه.
رئيسة الوزراء النيوزيلندية خاطبت المسلمين مبتدئة بالتحية الإسلامية، ورفضت أن تنطق اسم منفذ الهجوم الذي دعته بـ”الإرهابي” كي لا تمنحه الشهرة.
وتعهدت بالقصاص العادل من المجرم، وأصدرت قانونًا لحظر الأسلحة “ذات الطابع العسكري” التي استخدمها في هجومه.
كما انتشر مقطع للفيديو لإحدى قائدات الشرطة النيوزيلندية، نايلة حسن، وهي تعزي بضحايا الهجوم دامعة العينين معبرة عن صدمتها وإدانتها للحادث نيابة عن الشرطة.
التعزية على الطريقة النيوزيلندية
عبر مئات من النيوزيلنديين من جميع الفئات والأعمار، عن تضامنهم مع الضحايا، الذين كان أغلبهم من اللاجئين والمهاجرين، برقصة الحرب الشعبية “هاكا” التي تعود إلى عادات القبائل الأصلية في البلاد، والتي تشمل ضرب الصدور وخبط الأقدام ومد اللسان، وترديد العبارات التي تعني “أنا أعيش أنا أموت”، بغرض التأكيد على أن الضحايا هم من أهل البلاد وليسوا غرباء عنها.
إضافة إلى انتشار وسم #headscarfforharmony (الحجاب للتناغم)، حيث شاركت النساء النيوزيلنديات بارتداء الحجاب اقتداءً برئيسة الوزراء، للتعبير عن احترامهم للديانة الإسلامية وتكاتفهم مع معتنقيها.
التبرعات لضحايا الهجوم
أنشأ مجلس نيوزيلندا لجماعات دعم الضحايا صفحة لجمع التبرعات لصالح ضحايا هجوم كرايستشريش، عبر موقع give a little، يوم 15 من آذار، وبلغ عدد التبرعات أكثر من 8 ملايين دولار، قدمها حوالي 90 ألف متبرع.
كما أنشأ مركز المعلومات الإسلامية في نيوزيلندا صفحة أخرى للتبرعات عبر موقع Launch Good، زادت الإسهامات فيها على مليوني دولار.
إضافة إلى مواجهة المراهق الأسترالي، ويلي كونلي، لتعليقات السيناتور، فرايزر أنينغ، التي وجهت اللوم حول الهجوم لبرنامج الهجرة الذي سمح للمسلمين بالوصول إلى البلاد، عبر ضربه ببيضة، أحالته بطلًا يعرف باسم “فتى البيض“.
فقد زاد على ذلك عبر تخصيصه لمعظم المال، الذي جُمع عبر صفحة أنشأها معجبوه على موقع go fund me، لجمع التبرعات لصالح الدعوة القضائية ضد السيناتور، وللمزيد من البيض، لصالح عائلات الضحايا الذين قضوا في الهجوم. وتخطى المبلغ الذي جمعته صفحته 70 ألف دولار أمريكي.
الفن لمواجهة الإرهاب
انتشرت رسومات وأعمال فنية متعددة معبرة عن التنديد بالهجوم وعن التضامن مع الضحايا، كان من أبرزها رسمة جدارية لنعيم رشيد الذي قضى وهو يحاول إيقاف منفذ الهجوم، مع ابنه طلحة البالغ من العمر 21 عامًا.
ونشر الرسام النيوزيلندي بول والش الجدارية عبر صفحته في موقع “فيس بوك” وقال معلقًا عليها، “لن ننساك أبدًا”.
وأظهرت رسمة تعبيرية من قبل روبي جونز (25 عامًا) امرأتين إحداهما مسلمة في عناق، وكتب تحتها “هذا وطنكم وكان يجب أن تكونوا آمنين هنا”.
انتشرت الرسمة وشاركها الآلاف، وكان بينهم مخرج فيلم “Thor: Ragnorak” تايكا وايتيتي، والذي ينحدر من نيوزيلندا أيضًا.
موجة عالمية
وقفات احتجاجية، ومعالم عالمية أطفأت أضواءها حزنًا، مثل برج إيفل في باريس وبرج “أوستان كينو” الروسي وسط موسكو.
وأضيئت سعفة السرخس الممثلة لنيوزيلندا على مبان حول العالم مثل مبنى وزارة الدفاع المالديفية ودار الأوبرا في سيدني.
كما انتشر في عدد من بلاد أوروبية وضع الزهور على عتبات الجوامع وعند نوافذها للتعبير عن الوحدة والتضامن، كما وقف العديد من المواطنين من مختلف الأديان حرسًا أمام الجوامع التي في أحيائهم بغرض التعبير عن تكاتفهم مع المسلمين وحقهم في أداء عباداتهم دون خوف.
–
https://twitter.com/jgtruscott/status/1107003896428486656?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.newshub.co.nz%2Fhome%2Fworld%2F2019%2F03%2Fchristchurch-attack-uk-man-standing-guard-for-muslims-goes-viral.html