باتت أخبار استحواذ الشركات الصينية على الأندية الرياضية الأوروبية أمرًا معتادًا، وبات الأمر أبعد من مجرد اهتمام من قبل الشركات الصينية للاستثمار في كرة القدم أو الرياضة في أوروبا بشكل عام.
الاستثمارات الصينية لم تتوقف فقط على شراء اللاعبين وضمهم للعب في الدوري الصيني لكرة القدم (اللاعب البرازيلي أوسكار والارجنتيني تيفيز على سبيل المثال)، بل استثمرت فيما بعد في الدول المتطورة، كإنكلترا وإيطاليا، وصولًا إلى هولندا والتشيك، وتملك الشركات الصينية اليوم اسهما في عدة نواد أوروبية عريقة، في نادي ميلان الإيطالي وبوردو الفرنسي.
التحركات الصينية شابتها الشكوك وسط اتهامات بغسيل الأموال، رغم نفي هذه الشركات وكذلك الحكومة الصينية وتأكيدها على رغبتها بتطوير لعبة كرة القدم في الصين محددة أهدافها ضمن مدة زمنية معينة لتحقيق إنجازات عالمية.
الرئيس الصيني عبر عن رغبته بأن تمتلك الصين صناعة كرة القدم بحلول عام 2025 بقيمة 840 مليار دولار أمريكي.
الخطة الصينية تشمل استضافة كأس العالم والفوز بالبطولة، وهذا ما جعل الرئيس شي جي بينغ يصدر قرارًا بإدراج كرة القدم ضمن المناهج الدراسية الصينية.
أحد الفرق الذي استحوذ عليه المستثمرون الصينيون كان فريق وولفرهامبتون الإنكليزي، النادي العريق في عام 2016، بصفقة قدرت بحوال 45 مليون جنيه إسترليني لصالح مجموعة فوسون إنترناشيونال الصينية، والتي أعلنت على الفور نيتها فعل كل ما بوسعها لإعادة النادي الإنكليزي إلى البريمييرليغ وخروجه من الدرجة الأولى، وهذا ما نجح فيه الصينيون بالفعل بعد أن حسم تأهله من دوري التشمبيون تشيب (دوري الدرجة الأولى في إنكلترا) قبل أربع جولات من نهاية المسابقة، ليلعب الفريق في الموسم الحالي ضمن البريمييرليغ بعد أن تعاقدوا مع وكيل الأعمال البرتغالي الشهير خورخي مينديو لهذا الغرض، بالإضافة لشراء المجموعة الصينية لجزء من شركة مينديز.
وولفرهامبتون
تأسس نادي وولفرهامبتون في عام 1877، ويعتبر أحد مؤسسي الدوري الإنكليزي الممتاز، وحقق لقب الدوري ثلاث مرات أعوام 1954، 1958، 1959.
وهو أول ناد يحرز أكثر من مئة هدف لأربعة مواسم متتالية في الدوري الإنكليزي، (موسم 1957-1958 وحتى 1960-1961) بالإضافة لعدد الألقاب والأرقام القياسية الأخرى منها الوصول إلى نهائي الكأس الأوروبي في عام 1971 بحسب الموقع الرسمي للنادي على شبكة الإنترنت.
تراجع مستوى الفريق كثيرًا وهبط عدة مرات إلى الدرجة الأولى والدرجة الثانية، قبل أن يشتريه المستثمرون الصينيون، ويعود في هذا الموسم إلى البريمييرليغ، ما أدى إلى ارتفاع القيمة التجارية للنادي بالإضافة لارتفاع دخله المادي.
من هو خورخي منيديز
خورخي مينديز من أشهر وكلاء اللاعبين حول العالم، وهو لاعب كرة قدم سابق ولد في مدينة لشبونة البرتغالية في عام 1966 ويملك شركة Gustfute.
وهو وكيل أعمال لعدد من أشهر لاعبي كرة القدم حول العالم، أمثال كريستيانو رونالدو وبيبي والكولومبي خاميس رودريغز والمدرب جوزيه مورينيو وغيرهم، وحاز على جائزة غلوب سوكر التي تقام سنويًا في مدينة أبوظبي الإماراتية سبع مرات بين عامي 2010 و2018 باستثناء مرة واحدة خسرها لصالح وكيل الأعمال مينو رايولا.
اتفق المستثمرون الصينيون مع خورخي مينديز على رفد فريقهم الجديد وولفرهامبتون بلاعبين ذوي جودة عالية، ولا يحظون بشهرة كبيرة (باستثناء البرتغالي موتينهو)، فلا تجد في صفوف الفريق لاعبين فاقت شهرتهم الآفاق، بهدف بيعهم فيما بعد في دوري يعد الأغنى في العالم.
وبحسب تصريحات المحلل الرياضي الأردني محمد عواد في فيديو نشره على صفحته على يوتيوب، فإن مينديز لا يملك عقود كل هؤلاء اللاعبين بطبيعة الحال وذلك لتفادي القوانين المتعلقة بالاحتكار والضرائب وغيرها من القوانين المتعلقة بكرة القدم، فيتم تسجيل اللاعبين على أسماء وكلاء لاعبين آخرين يعملون تحت مظلة مينديز.
بناءً على الاتفاقية بين الجانبين، قام مينديز بنقل عدة لاعبين من البرتغال إلى صفوف الفريق، بالإضافة للتوقيع مع المدرب البرتغالي نونو إسبيريتو المدرب السابق لبورتو البرتغالي ونادي فالنسيا الإسباني، والذي يقود الفريق منذ الموسم الماضي، ونجح في العودة إلى البريمييرليغ، ووصل إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي لهذا الموسم بعد إقصاء مانشستر يونايتد الإنكليزي من ربع نهائي البطولة، إضافة لموسم جيد في الدوري.
كيف سيتغير وجه كرة القدم
بحسب تحليلات محمد عواد في الفيديو الذي أشرنا له سابقًا، فإن نجاح خطوة مينديز (كان مينديز خاض تجربة مشابهة مع فريق موناكو الفرنسي في الماضي عندما أقنع كلًا من اللاعب الكولومبي فالكاو وزميله الكولومبي الآخر خاميس رودريغز بالانضمام لموناكو) سيؤدي إلى تكرار الخطوة مع أندية كرة قدم صغيرة أخرى،.
ويعني ذلك سيطرة وكلاء اللاعبين على الأندية بشكل شبه كامل، ما يؤدي إلى اختلال العلاقات بين الأندية الرياضية، فإدارات الأندية لن تستطيع السيطرة على معايير السوق الجديد في كرة القدم خاصة مع الاتفاقات التي يقوم بها المستثمرون الجدد مع وكلاء اللاعبين، خاصة أن نجاح الخطوة سيؤدي إلى تخصص هؤلاء الوكلاء بناد معين، ما سيجعلهم أكثر حدة وعدوانية في المستقبل القريب، ويضعهم في صدام مع إدارات الأندية التي لن ترغب بأي حال بأن تقع تحت سيطرتهم، وهو ما سيؤدي إلى التلاعب بقيمة الأندية ومصير مشاريع كاملة استغرق بناؤها عدة سنوات، بحسب تصريحات عواد.