ركود في أسواق درعا بعد تجميد نشاط منظمات مدنية

  • 2019/03/17
  • 10:53 ص

الأسواق في مدينة درعا 15 آذار 2019 (وكالة سانا)

عنب بلدي – درعا

يشهد الجنوب السوري ركودًا اقتصاديًا ملحوظًا في أسواقه بسبب خروج المنظمات المدنية المانحة من المنطقة، بعد سيطرة النظام السوري في آب الماضي.

الركود الاقتصادي تجلى في إغلاق الكثير من الورشات والمحلات التجارية والمشاريع الناشئة في عموم محافظة درعا، إذ كانت المنظمات الدولية والمحلية تسهم بتأمين فرص العمل من خلال مشاريعها التنموية في أثناء سيطرة المعارضة، إلى جانب السيولة التي كانت تضخها في الأسواق.

المنظمات وفرت فرص عمل

وتنوعت فرص العمل التي شغلها أبناء المنطقة الجنوبية في مجالات الإغاثة والصحة والخدمات وغيرها من المشاريع. يقول علاء وهو موظف سابق في منظمة “آفاق المستقبل” لبناء القدرات، “كان للمنظمة كادر يتألف من 600 موظف بين عمال وإداريين وحراس، وكانت متعاقدة مع 40 سيارة شحن لنقل السلل الغذائية من المستودعات إلى القرى المراد التوزيع فيها حسب خطة عملها”.

ويضيف الشاب العشريني، في حديث إلى عنب بلدي، أن تلك المنظمة المتعاقدة مع برنامج الأمم المتحدة للأغذية (WFP)، تركت فراغًا كبيرًا في المنطقة ليصبح جميع الشباب الذين عملوا سابقًا معها بلا عمل اليوم.

وشغلت “آفاق” في أثناء سيطرة المعارضة على الجنوب السوري في المجال الإنساني بكوادر كبيرة، إلى جانب العشرات من المنظمات مثل “مشروع سوريا للخدمات الأساسية” و”الاورنتيس و”وتد” و”وطن” ومنظمة “أوسوم” وميديكل” و”ARC”و”أطباء بلا حدود” وجمعيات إنسانية محلية أخرى.

إلى جانب ذلك فإن العديد من المنظمات الخيرية المعنية بتقديم الدعم للأيتام والفقراء ومنظمات الدعم النفسي والمنظمات الزراعية كانت تشغل حيزًا واسعًا في الجنوب، الأمر الذي حرك السوق والأيدي العاملة على جميع الأصعدة وبما فيها المستودعات والسيارات والأراضي التي استأجرتها.

إلا أن هذه الهيئات والمنظمات كانت محسوبة على المعارضة السورية، كونها غير مرخصة من النظام السوري الذي يرفض نشاط أي كيان دون أن يكون تحت مظلته وبشروطه.

سيولة مالية في الأسواق

ومع مئات الشباب الذين وفرت لهم المنظمات فرص عمل، فإن ذلك وفر سيولة مالية مميزة في المنطقة، ويضاف إلى ذلك تداولات الصرف بين القطع الأجنبي والعملة السورية، حيث يصرف كل موظف راتبه الذي يصله بالدولار بالليرة وكذلك يشتري حاجاته من الأسواق المحلية، الأمر الذي أنتج حراكًا ماليًا واقتصاديًا ملحوظًا.

أحمد محاميد عامل من مدينة درعا يقول لعنب بلدي إن أجر العامل كان يقدر بـ 3500 ليرة سورية يوميًا (ترنح سعر صرف الدولار على مدار سنوات سيطرة المعارضة بين 400 و500 ليرة)، في مجال “العتالة” أو قيادة السيارات أو غيرها من نشاطات المنظمات في المنطقة، واصفًا الحال سابقًا بأنه أفضل مقارنة بالأوضاع الراهنة.

ويضيف محاميد، “كنت أعمل على تحميل وتنزيل السلل الغذائية وتنزيل الكميات الداخلة من الأردن بالمستودعات، ثم نبدأ بتحميلها بسيارات شحن بشكل يومي حسب الخطة الموضوعة من المنظمة لآلية التوزيع”.

ويرى الشاب العشريني أن العمل كان متعبًا في بعض الأحيان، “إلا أن الأجر الذي كنا نتقاضاه كان يتناسب مع العمل، إذ أننا اليوم لا نجد أي عمل يسد حاجاتنا”، بحسب تعبيره.

أما الرجل الستيني “أبو جمال”، وهو من بلدة تل شهاب الحدودية، فقد كان يؤجر مستودعه الخاص للمنظمات الإغاثية في البلدة بمبلغ 200 دولار شهريًا على مدار عامين، ليخسر تلك الأجور حاليًا ويبقى مستودعه فارغًا.

يقول “أبو جمال” لعنب بلدي، “كان إيجار المستودع يسد جزءًا كبيرًا من مصروف البيت، لكنه اليوم بات فارغًا وعبارة عن جدران”، بحسب وصفه.

حال الكثيرين من أبناء المنطقة متشابه بسبب الفراغ، وهو ما يصفه سائق سيارة الشحن، محمد الرفاعي، بحديثه لعنب بلدي، “كنا نتعاقد مع المنظمات على تحميل السلل ونأخذ أجرة على مسافة الكيلومتر الواحد 500 ليرة سورية وكانت المسافات تطول وتقصر حسب الخطة الموضوعة”.
نفذت المنظمات الكثير من المشاريع الخدمية والتي اعتمدت فيها على الورشات المحلية، من حيث الإنشاءات والترميم والعمالة لهذه المشاريع بتعاقدات مباشرة بشراء خدمات وعروض أسعار ومناقصات.

تلك المشاريع نفذها مقاولون من الجنوب السوري، الأمر الذي حرك عمل الورشات الخدمية كالحدادة والدهان والنجارة وتجار مواد البناء، إلى جانب المستلزمات التي حركت السوق التجارية من حيث العرض والطلب.

ياسين القداح من مدينة الحراك، عمل سابقًا في اتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الطبية (أوسوم)، قال لعنب بلدي، “المنظمات حركت سوق العمل في المنطقة وجعلت منافسة بين المقاولين مثل ترميم المدارس في مدينة الحراك وغيرها من المناطق”.

كما أن دور المنظمات في تقديم السلل الغذائية والطبية للسكان، وفر نحو 80% من حاجات الأسرة الضرورية، حيث كانت توزع كل 45 يومًا وبشكل دوري، بينما يقتصر توزيع تلك المساعدات من الهلال الأحمر السوري على ستة أشهر وبمواد وكميات قليلة، بحسب القداح.

مقالات متعلقة

منظمات مجتمع مدني

المزيد من منظمات مجتمع مدني