إدلب – إياد عبد الجواد
تشهد مناطق ريفي حماة وإدلب حملة قصف مكثفة من قبل قوات الأسد منذ يوم 12 من شباط الماضي.
وتعد مدينتا السقيلبية ومحردة، ذواتا الأغلبية المسيحية، من أبرز المواقع التي تخرج منها القذائف والصواريخ، إذ تركّز قوات الأسد، وبشكل خاص “قوات الدفاع الوطني” المساندة لها، على القصف من داخل المدينتين، رغم وجود عدد كبير من المدنيين المعرضين لخطر الرد من فصائل المعارضة.
ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها قوات الأسد من السقيلبية ومحردة قواعد لقصف مناطق سيطرة المعارضة، بل اعتمدت ذلك في السنوات الماضية، في أثناء العمليات العسكرية التي أطلقها النظام على المنطقة، وخاصة عامي 2016 و2017.
وينص القانون الدولي الإنساني صراحةً على وجوب حصر العمليات بالأهداف العسكرية دون سواها، وعدم توجيه هجمات ضد المدنيين أو الأعيان المدنية، وفق المادتين “22” و”23″ من اتفاقية لاهاي الرابعة، الخاصة بـ “النزاعات المسلحة الدولية”.
وبناء على ذلك، يمنع القانون الدولي وضع المقرات العسكرية والأمنية ضمن التجمعات السكنية، بما يجعل المدنيين دروعًا بشرية في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وذلك بموجب المادة “34” من اتفاقية جنيف الرابعة، والقاعدة “97” من القانون الدولي الإنساني العرفي، التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 2005.
قصف من داخل الأحياء السكنية
يقول هلال شاهين، المعروف بمرصد العشرين والعامل في ريف حماة، إن قوات الأسد تستخدم مدينتي السقيلبية ومحردة بريف حماة لقصف المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وبالتالي تحول المدنيين إلى دروع بشرية في حال تم الرد من قبل الفصائل على أماكن القصف.
ويضيف شاهين لعنب بلدي أن “نابل العبد الله، قائد الدفاع الوطني في مدينة السقيلبية، يتخذ من تلتها موقعًا لقصف مناطق المعارضة، إلى جانب المنطقة الواقعة بالقرب من مشفى الكندي ودوار المدينة وشرقي فرن السقيلبية”.
أما بالنسبة لمدينة محردة، فيقود “الدفاع الوطني” فيها سيمون الوكيل، ويتخذ من القصر الذي يعرف بقصر معروف ومنطقة المحطة الحرارية موقعًا لمدفعية قواته، وبحسب المرصد فإن “هدف القصف من تلك المدينتين هو حركة استفزازية لإفشال اتفاق أستانة الموقع بين روسيا وتركيا”.
ومن بين المناطق التي تتعرض للقصف الذي يخرج من السقيلبية ومحردة مدينة قلعة المضيق، إذ تم استهدافها في الأيام الماضية بصواريخ الفيل وبقذائف المدفعية والهاون والدبابات.
ويوضح المرصد أن القصف الذي يخرج من محردة يشمل الهاون والمدفعية، ويطال أغلب مناطق ريف حماة الشمالي، بشكل يومي وبمعدل أكثر من 40 قذيفة، مشيرًا إلى انتشار قوات إيرانية في مدينة محردة وما حولها، بينما تتوزع قوات روسية في السقيلبية وحواجزها.
ويقول شاهين، “من خلال التنصت على المكالمات عن طريق القبضات اللاسلكية رصدنا خلافات بين مواطنين من الطائفة المسيحية وعناصر الدفاع الوطني، بسبب عدم الرضا بشأن جعل المدنيين مواقع لقصف مناطق المعارضة في ريف حماة، وبالتالي تعرضهم للخطر”.
كيف تحدد الفصائل مصدر القصف؟
النقيب حسن أبو البراء، القيادي في “الجبهة الوطنية للتحرير”، يقول إن تحديد أماكن القصف من جانب قوات الأسد يتم “عن طريق أجهزة الرصد الحديثة والمراصد، إلى جانب متابعة أخبار العدو عن طريق أجهزة التنصت والصفحات الرسمية التابعة لهم (…) توجد عدة وسائل أخرى لاختراق النظام أيضًا”.
ويضيف القيادي أن النظام يركّز قصفه من السقيلبية ومحردة لعدة أسباب، إذ “يعمل بسياسة ماكرة، فهو يعلم أن المنطقتين المذكورتين خطوط حمراء عند بعض الفصائل، ولأنها تستجلب التعاطف الدولي، وأيضًا لحشد الطائفة المسيحية وزجها في المعركة”.
ويوضح أن “الفصائل تقوم بالرد على مواقع استهدافات النظام وتتجنب إصابة المدنيين، حيث يتم القصف بشكل محدود، لعدم امتلاك القرار وأيضًا كما ذكرنا لأنها خطوط حمراء عند بعض الفصائل”.
وبحسب ما قال شاب يقطن في السقيلبية لعنب بلدي (طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية)، فإنه خلال حملة التصعيد الأخيرة قصفت قوات الأسد مناطق المعارضة في ريف حماة بالمدفعية الثقيلة وصواريخ الفيل من المنطقة القريبة من مشفى الكندي، والتي تعتبر مدنيّة بامتياز.
ويضيف الشاب، “بعد القصف سقط في السقيلبية العديد من الصواريخ مصدرها مناطق المعارضة، واستهدفت منطقة المفارز الأمنية، ما أسفر عن وقوع جرحى أجهل صفتهم إذا كانوا مدنيين أم عسكريين”.
ووفق الشاب فإن “الشارع المسيحي غير راض عن جعل السقيلبية موقعًا للقصف خوفًا من رد فصائل المعارضة على المدينة”.