في الوقت الذي ينشغل فيه الشاب بتحصيله ومستقبله، وينكب على كتبه ومحاضراته – وما زال – موليًا دبره لثورة تزلزل بلده وتزيل غبار السنين الأربعين لتطيح بالمستبد الغاشم، وفي الوقت الذي خاف فيه الجميع؛ وقالوا: لا طاقة لنا اليوم ببشار وأعوانه، ازداد هذا الشاب إيمانًا وقال حسبنا الله ونعم الوكيل… فانقلب بنعمة من الله وفضل؛ يوم اختار وطنه سوريا، إذ سار خط حياته لا كبقية زملاء دراسته، دراسة فتخصص فعمل فشهرة ومال، بل كانت حياته قصة طالب فمعتقل فمقاتل فشهيد، وأكرم بهذا من شرف!
حسام أرمنازي.. طالب طب في السنة الثانية، كانت بين يديه فرصة الدراسة في ألمانيا، فنبذها وراء ظهره وولى وجهه شطر وطنه سوريا ليخط بيمينه سطور الثورة فيها.
اعتقل في بدايات الحراك لمدة شهر ونصف تقريبًا، حيث أنه كان من أوائل الذين جاهدوا بحناجرهم وتظاهروا في حلب. خرج من المعتقل ليعود إلى ألمانيا تحت ضغط أهله ليكمل سنته الثالثة في الطب، ولكنه لم يلبث إلا قليلًا ليعود إلى سوريا، فكان عوده أحمد.
ما كان منه عندما خرج من المعتقل إلا أن قال، لقد قُتِل الخوف في صدري للأبد، ثم التحق الشاب الشجاع الوسيم بصفوف الجيش الحر في حلب بعد أن عبر الحدود التركية ووصل منها إلى ريف حلب، وهناك عاهد الأرض أن يسقيها من دمه، وهكذا حتى رزقه الله الشهادة.
إنها سوريا في مخاضها الأخير، والحرية التي ستولد ستكون لنا جميعًا وعليه ليس لأحدنا أن يقول ليس لي قوة بما ببلدي يحصل، أو أصبح الأمر فوق طاقتي، فأمام حسام ليس لأحدنا حجة، وليس لخوفنا معنى، وأمام ابتسامته الرقيقة وروحه الطيبة وعطائه الذي لم يكن له حد، وأمام صدقه لم يعد لكذبنا معنى.
استشهاد حسام وسام شرف له، ووصمة عار لأقرانه الذين قالوا إن الرصاص وأصوات القصف شوّشنا فلم نعد نُحسِن التركيز في دراستنا، فروح حسام تمر علينا واحدًا واحدًا أن قوموا إلى ثورتكم
يرحمنا ويرحمكم الله.