كرم الضيافة.. عادات متأصلة في السويداء تستهدف عناصر قوات الأسد

  • 2019/03/10
  • 10:27 ص

ضيوف في إحدى مجالس ‏دار طائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا- 19 حزيران 2018 (دار الطائفة فيس بوك)

السويداء- نور نادر

وصل حسن، من سكان بصرى الشام (65 عامًا)، وافدًا من درعا إلى السويداء في عام 2013 هربًا من المخاطر الأمنية التي لاحقته في مدينته، ليلقى كرم الضيافة في المدينة، كما تحدث لعنب بلدي، إذ استقبله أحد الأشخاص من الأهالي دون أن تكون هناك معرفة سابقة، وأمّن له منزلًا للإيجار  بالإضافة إلى الحاجات الأولية الأساسية من فرش وطعام، مضيفًا “لقيت حفاوة وتعاطفًا كبيرًا من الأهالي وشعرت أني بمأمن من جميع المخاطر”.

مدينة السويداء بقيت إحدى “أكثر” المناطق السورية “أمانًا” خلال السنوات الماضية، بسبب تحييدها عن العمليات العسكرية، ما جعلها هدفًا للنازحين وخاصة من أهل درعا مستفيدين من العادات والتقاليد التي تتميز بها المحافظة.

ومن هذه العادات كرم الضيافة، التي حافظت عليها بالرغم من كل الأزمات التي مرت بها خلال العقود الماضية، وخاصة خلال سنوات الحرب، بغض النظر عن الظروف كافة، إذ تعتبر كل الوافدين إليها، خلال السنوات الماضية، بمختلف توجهاتهم السياسية، ضيوفًا من الواجب تكريمهم طالما لم يتعدوا على أبنائها.

ممنوع التعدي على عناصر قوات الأسد

في 22 من شباط الماضي أصدر فصيل “قوات شيخ الكرامة” بيانًا نفى فيه الشائعات المتداولة حول إعطاء مهلة مدتها 48 ساعة لخروج قوات الأسد من المحافظة، واعتبر البيان أن “عناصر الجيش الذين وصلوا إلى السويداء هم إخوتنا وأبناؤنا وليس هناك مبرر للحديث عن الحرب ورفع السلاح طالما لم يحدث أي اعتداء على كرامة الجبل منهم، فهم ضيوف في أراضي الجبل”.

وترافق ذلك مع تحذيرهم من تبعات أي اعتداء من اعتقال تعسفي أو سحب إجباري لأي شخص من أبناء الجبل للخدمة العسكرية وغيرها وطالبوا في ختام البيان “باحترام خصوصيات المحافظة والابتعاد عن أي استفزاز أو تجاوزات تعكر أمن المحافظة وتجعل أبناء البلد الواحدة وقودًا لحروب لا رابح فيها”.

وشهدت السويداء تشكيل عدة فصائل، آخرها كان “درع شيخ الكرامة”، الشهر الماضي، إلا أن أبو مجد (60 عامًا)، ناشط اجتماعي في السويداء، اعتبر أنه لم يكن الهدف من تشكيل هذه الفصائل التعدي أو إعلان الحرب على أحد، طالما أنه لم يتعد أحد عليها، مشيرًا إلى أن “الأهالي يعتبرون الوافدين من باقي المناطق نتيجة الظروف السيئة، والعسكريين من جيش النظام المفروزين للخدمة في المحافظة ضيوفًا على حد سواء وممنوع التعدي عليهم”.

القهوة المرة عادة متأصلة

ويوجد في كل منزل في السويداء “مضافة” تشكل جزءًا رئيسيًا من مخططات البناء في المحافظة حتى في البناء الحديث والشقق السكنية الصغيرة، وتوضع في منتصفها أو في إحدى الزوايا طاولة تحوي فناجين القهوة المرة التي تجهز بشكل يومي دون توقف تأهبًا لاستقبال أي ضيف أو حتى عابر سبيل، بحسب ما قال أبو معين (70 عامًا) شاعر وعازف ربابة لعنب بلدي.

وأضاف أبو معين أن أهالي المحافظة يستقبلون الضيف ويقومون بواجبه كاملًا ولا يسألونه طلبه حتى مضي ثلاثة أيام، إلا في حال أراد هو الذهاب قبل ذلك، وفي حال كان طالبًا للحماية، يقدمونها له مدة هذه الأيام وبعدها يتأكدون من إدانته أو براءته، وفي حال ثبت براءته يحمونه حتى النهاية، أو يتبرؤون منه في حال ثبت جرمه دون أن يسلموه بيدهم لطالبيه حيث يطلقونه حرًا لتدبير أمره.

ويعتبر الأهالي، بحسب أبو معين، أن أي زائر له الأفضلية على أهل البيت في المنامة والطعام حتى مضي أيام الضيافة دون تفريق بين عرق أو دين أو أصل الضيف، وعند مغادرته على صاحب الضيافة الذي يطلق عليه لقب “المعزب” اصطحابه إلى الطريق والبقاء وراءه حتى غيابه عن النظر.

وأشار أبو معين إلى أن هذه العادات ما زالت متأصله رغم التغيرات التي طرأت على الجبل، وتظهر عند الحاجة، وظهر ذلك جليًا في استقبال الأهالي للوافدين مع بداية الحرب وتقديم البيوت والطعام الإغاثي لهم وتأمينهم إلى حين استقرار وضعهم.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع