عنب بلدي – خاص
كثفت روسيا تحركاتها السياسية والدبلوماسية خلال الأيام السبعة الماضية، في مشهد قد يفضي إلى رؤية جديدة للملف السوري، الذي تصدّر جميع المباحثات التي قامت بها موسكو، سواء من ناحية العملية السياسية أو الأوضاع على الأرض، وعلى رأس الملفات الانسحاب الأمريكي وتوتر الحدود السورية- التركية.
وابتعد الجانب الروسي في هذه التحركات عن حلفائه الأساسيين، النظام السوري وإيران، إلى جانب تركيا الشريكة في محادثات “أستانة”، إذ يحاول الاقتراب من الضفة المقابلة اللاعبة في سوريا، من أمريكا التي تتمسك حتى اليوم بمسار “جنيف” كحل سياسي وحيد للنزاع في سوريا، وإسرائيل التي تسير بخطوات تهدف إلى عزل إيران وإبعادها عن سوريا بشكل كامل.
وتدخلت روسيا عسكريًا في سوريا في أيلول 2015، وتوسع النظام السوري بدعم منها في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، بالوقت الذي سجلت عشرات المجازر باسم القوات الروسية، وتغير أيضًا معها مسار العملية السياسية في سوريا.
وتعرض عنب بلدي التحركات الروسية الأربعة، والتي دارت في أسبوع:
لقاء إسرائيلي- روسي في موسكو
في 27 من شباط الماضي التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في العاصمة موسكو، لبحث الملف السوري وخاصة الوجود الإيراني.
وقال نتنياهو عقب الزيارة، إنه اتفق مع بوتين حول قضايا متعلقة بوجود القوات الأجنبية في سوريا.
وأضاف، في جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية، أن المحادثات تمحورت بين الطرفين حول الملف الإيراني، وأنه أوضح “بشكل لا لبس فيه” أن إسرائيل لن تسمح لإيران بالبقاء عسكريًا في سوريا.
وغرد نتنياهو، عبر حسابه على “تويتر”، “قلت في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية إنه تم الاتفاق مع الرئيس الروسي بوتين على مواصلة أعمال آلية التنسيق العسكري بين الجيش الروسي وجيش الدفاع على إخراج القوات الأجنبية من سوريا”، مضيفًا أنه “سيتم تشكيل طاقم مشترك لتحقيق هذا الهدف بمشاركة جهات أخرى”.
وجاءت أهمية الزيارة بعد تصاعد الخلافات بين طهران وتل أبيب والتي وصلت لتهديدات إيرانية واسعة ضد إسرائيل، بعد استهداف الأخيرة مواقع عسكرية إيرانية داخل الأراضي السورية وإصرارها على خروج تلك القوات من سوريا.
وهي الزيارة الأولى بين بوتين ونتنياهو منذ حادثة إسقاط الطائرة الروسية في اللاذقية، التي أحدثت توترًا في العلاقات بين الجانبين.
اجتماع في فيينا
أربعة أيام مرت على اللقاء الإسرائيلي- الروسي، حتى أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، في 4 من آذار الحالي، عن اجتماع بين قادة الجيشين الأمريكي والروسي في فيينا، لمناقشة العمليات والتطورات الخاصة بسوريا.
ومثل رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد، الجانب الأمريكي في الاجتماع مع رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، الجنرال فاليري جيراسيموف.
وقال المتحدث باسم هيئة الأركان المشتركة، الكولونيل باتريك رايدر، إن “الزعيمين العسكريين ناقشا تناقض عمليات التحالف والعمليات الروسية في سوريا، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول حالة العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وروسيا، والوضع الأمني الدولي الحالي في أوروبا، ومواضيع رئيسية أخرى”.
جولة خليجية
بعد يوم من اجتماع فيينا، في 5 من آذار الحالي، أجرى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، جولة خليجية شملت كلًا من الإمارات والكويت وقطر والسعودية.
والتقى لافروف العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وعددًا من المسؤولين السعوديين، وتطرق إلى الملف السوري من خلال إمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية أو البحث عن حل سياسي استنادًا على اللجنة الدستورية التي يجري العمل على تشكيلها.
وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية، عادل الجبير، في مؤتمر صحفي له مع لافروف، “من المبكر الحديث عن فتح السفارة في سوريا، وإعادة فتحها مرتبطة بالعملية السياسية”.
وأضاف أن “إعادة سوريا للجامعة العربية مرتبطة بالتقدم الذي يتم إحرازه في العملية السياسية، وأعتقد أنه ما زال الموضوع مبكرًا، وأعتقد أن هذه وجهة نظر الجامعة العربية بشكل عام”.
لقاء “هيئة التفاوض”
في أثناء زيارة لافروف إلى السعودية، التقى مع “الهيئة العليا للمفاوضات” السورية ورئيسها نصر الحريري، وناقش معها تشكيل اللجنة الدستورية، ودعاها لزيارة موسكو.
وقال المتحدث باسم الهيئة، يحيى العريضي، إن “لافروف وجه دعوة للهيئة لزيارة موسكو ومناقشة كل القضايا والتشاور بخصوص جميع الملفات”.
وأضاف العريضي لعنب بلدي أن اللقاء جرى في الصالة الملكية في مطار خالد بالعاصمة الرياض، وتم الحديث عن العملية السياسية واللجنة الدستورية والبيئة الآمنة والمحايدة التي تحقق انتقالًا سياسيًا وتمهد لعودة آمنة كريمة للاجئين وجهود محاربة الاٍرهاب.
وأكد لافروف للهيئة، بحسب العريضي، دعم روسيا للعملية السياسية وتطبيق القرار 2254 تحت رعاية الأمم المتحدة.
وتحاول روسيا كسب أطراف دولية وإقليمية من أجل دعم المسار المزدوج الذي تمضي فيه لعودة اللاجئين السوريين واللجنة الدستورية التي أقرت في مؤتمر “سوتشي”، مطلع العام الماضي.
وتتحدث روسيا وتركيا مؤخرًا عن المشارفة على الانتهاء من تشكيل اللجنة المعنية بكتابة دستور جديد لسوريا.