دوريات تركية لا تخفّض التصعيد في إدلب
عنب بلدي – خاص
في صبيحة يوم الجمعة، الثامن من آذار الحالي، سيّر الجيش التركي أول دورية له بين نقاط المراقبة المنتشرة من ريف إدلب الشمالي إلى ريف حلب الجنوبي، في تطور لافت بشأن تطبيق بنود اتفاق “سوتشي” الموقع بين تركيا وروسيا، في أيلول 2018.
وجاءت هذه الخطوة عقب تصعيد القصف من جانب قوات الأسد على المنطقة “منزوعة السلاح” الفاصلة بين النظام السوري والمعارضة، والذي أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، بحسب ما وثق “الدفاع المدني السوري”.
مع الساعات الأولى لتسيير الدورية التركية ساد اطمئنان بين بعض الأهالي في محافظة إدلب، الذين رأوا أن هذا التطور من شأنه وقف التصعيد من جانب قوات الأسد وإبعاد أي هجوم من جانبها على المنطقة، لكن الواقع كان عكس ذلك، إذ استأنف النظام قصفه الذي طال مدينة سراقب وقرى وبلدات الريف الشمالي والغربي لحماة، بينما أعلنت تشكيلات عسكرية هجومًا على موقع لقوات الأسد أسفر عن مقتل عناصر منها.
وكانت تركيا توصلت إلى اتفاق مع روسيا، في 17 من أيلول الماضي، يتضمن إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين مناطق المعارضة ومناطق سيطرة النظام في إدلب، وتحددت المنطقة العازلة بعمق 15 كيلومترًا في إدلب و20 كيلومترًا في سهل الغاب بريف حماة الغربي، كما ستكون خالية من الأسلحة الثقيلة، بما فيها الأسلحة المدفعية والدبابات.
وسبق اتفاق المنطقة منزوعة السلاح بين الطرفين نشر الجيش التركي 12 نقطة مراقبة، بموجب محادثات “أستانة”، والتي توزعت على خطوط التماس بين النظام والمعارضة على حدود محافظة إدلب من الشرق والجنوب والغرب.
رسائل تركية
جاء تسيير الدوريات بين نقاط المراقبة في إدلب بموجب إعلان من قبل وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، الذي تحدث في تصريحات لوكالة “الأناضول” التركية، 8 من آذار الحالي، عن دوريات روسية مقابلة ستعمل من طرف مناطق النظام السوري.
وقال آكار، “تنطلق دوريات روسية في المنطقة الحدودية خارج إدلب وأخرى للقوات المسلحة التركية في المنطقة منزوعة السلاح”، مضيفًا أن “الدوريات التركية والروسية في إدلب تعد خطوة مهمة لحفظ الاستقرار ووقف إطلاق النار”.
ولم تصدر روسيا أي تعليق على الدوريات التركية في إدلب وحول ما قاله آكار بخصوص الدوريات الروسية من جانب النظام السوري، بينما شهدت الساعات الأولى لتسيير الدورية بين نقاط العيس والصرمان وأخرى منتشرة شمال إدلب تحليقًا لطيران الاستطلاع الروسي والحربي وخاصة فوق مناطق ريف حماة الشمالي.
عدة رسائل أطلقها آكار في إعلان تسيير الدورية، كان أبرزها الحديث عن صفقة شراء منظومة “S400” الروسية، والتي تنوي أنقرة شراءها من روسيا، وتتعرض من أجلها لضغوط من الولايات المتحدة الأمريكية التي ترفض إتمامها وتربطها بالصفقة الخاصة بها بشأن شراء منظومة “باتريوت” وتسليم مقاتلات “F35”.
ولا يمكن تجاهل العلاقة الحالية بين روسيا وتركيا والظرف الزمني المرتبط بها، والذي ترتبط فيه عدة صفقات لا يمكن فصلها عن بعضها بين الطرفين على رأسها اتفاق “سوتشي” الذي كانت بنوده معلقة طوال الأشهر الستة الماضية، ومنظومة “S-400”.
الرسالة الثانية التي أطلقها آكار هي تصريحه اللافت حول إمكانية وصول اللاجئين السوريين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في حال بدء أي هجوم على محافظة إدلب، حيث قال “إذا استمرت الهجمات في إدلب، وبدأت الهجرة فإن لجوء 3.5 مليون شخص لن يكون فقط إلى تركيا وأوروبا وإنما إلى الولايات المتحدة أيضًا”.
“أكبر شكوى من النظام السوري”
مع دخول اتفاق “سوتشي” شهره السابع يبدو أن تصعيد قوات الأسد سيستمر، كونه مؤشرًا على الإشكاليات والمواقف المتقلبة بين “الدول الضامنة” (روسيا، تركيا، إيران)، ويرتبط بذريعة “الإرهاب” المتعلقة بـ “هيئة تحرير الشام”.
وفي إحصائية حديثة نشرها فريق “منسقي الاستجابة”، قال إن عدد الضحايا من المدنيين جراء الحملة العسكرية الحالية على المنطقة منزوعة السلاح الواقعة في ريفي إدلب وحماة، بلغ 101 مدني، بينهم 32 شخصًا منذ 24 شباط الماضي حتى الجمعة 8 من آذار الحالي.
وأضاف الفريق أن عدد النازحين من المنطقة، بلغ نحو 14226 عائلة بما يعادل 89908 أشخاص، موزعين على أكثر من 146 قرية وبلدة ومخيمًا، مع استمرار إحصاء النازحين الوافدين إلى المناطق الأكثر أمنًا.
وأدان الفريق، المكون من عدد من منظمات المجتمع المدني، التصعيد الممنهج من قوات الأسد، متهمًا الجانب الروسي بالإشراف على ذلك التصعيد، ومحذرًا من موجات نزوج جديدة وخسائر في صفوف المدنيين في حال استمرت الحملة العسكرية على المنطقة.
وكان خلوصي آكار أشار إلى أن “أكبر شكوى لدينا من النظام السوري خرقه لوقف إطلاق النار (…) ننتظر منهم الالتزام به، ونطلب من الروس إيقاف النظام عن شن الهجمات في إدلب”، وأضاف أن بلاده لا تتواصل مع النظام السوري، بل مع روسيا وعند الضرورة مع إيران.
وبحسب ما قال مصدر عسكري من “الجبهة الوطنية للتحرير” لعنب بلدي كان من المفترض أن يرافق تسيير الدورية التركية وقف لإطلاق النار من جانب قوات الأسد، لكن الأمر تم خرقه، موضحًا أن خط سير الدوريات في الأيام المقبلة لم يتحدد حتى الآن، ومن المرجح تعليقه على خلفية استئناف القصف الصاروخي والمدفعي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :