تعا تفرج
الدواعش بقيادة امرأة
خطيب بدلة
سَنَحَتْ لنا، خلال الأسبوع الفائت، فرجة أحلى بكثير من الفرجة على “الضبع والضبعة” التي كانت تُعْرَض في بازار بلدة معرتمصرين أيام زمان. شاهدنا، كما لو أنه في المنام، مجموعة كبيرة من الرجال الدواعش، مذلولين، مهانين، مصفوفين بالترادف مثل الأغنام التي يهش عليها الراعي بعصاه. ولعلمكم، يا أولي الألباب، أن الشخص الذي هَشّ الدواعشَ بعصاه، في الصورة التي شاهدناها، كان امرأة مجندة، سافرة الرأس.
ست سنوات مضت على الدواعش وهم يسيدون في الأرض، ويميدون، يَقتلون كل من يأتي في طريقهم، يَحرقون الأخضر واليابس والبشر، يَجلدون مَنْ يزل لسانه بكلمة يمكن تأويلها بأنها تسيء لله تعالى، أو لرسوله الكريم، أو لصحابته الكرام، ويَجلدون مَن يزني، أو يسهو عن صلاة، ويرجمون الزانية حتى ولو أعلنت التوبة، ويَقطعون رؤوس الأسرى كائنًا مَن كانوا، ويُلقون الشبان وهم أحياء من فوق البنايات الشاهقة، إذا بلغهم أنهم مثليون، ليموتوا من شدة الارتطام بالأرض والصخور.
ست سنوات، ومئات الألوف من البشر، بينهم مثقفون دارسون حاملو شهادات جامعية عُليا، يؤيدون الدواعش بألسنتهم، أو بأقلامهم، أو بهز رؤوسهم، أو بقلوبهم وهذا -برأيهم- أضعف الإيمان، يؤيدونهم لأنهم يقاتلون أعداء الله (وكل مَن ليس بداعشيّ هو من أعداء الله!).. وهكذا دواليك حتى زادت حقارات الداعشيين عن حدود التحمل لدى الناس، وضج منها العالم الخارجي، والشعب السوري، والشعوب المسلمة كلها، ووقتها مَصْمَصَ المؤيدون المثقفون الدارسون حاملو الشهادات العليا الشفاهَ أسفًا، وقالوا إن هذا غلو، وإن داعش (هم يسمونها “تنظيم الدولة” إمعانًا في الاحترام) ليس من الإسلام، واستقر قرارُهم على تأييد جبهة النصرة باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد لديننا الحنيف.
وعلقنا، يا سيدي الكريم، مع مؤيدي جبهة النصرة من المثقفين المعارضين، حملة الشهادات العليا في العلوم الدنيوية، من مسلمين ومسيحيين، علقةَ البدوي بصلاة التراويح، وخذ، يا محفوظ السلامة، على قولهم إن النصرة ليست متطرفة، وإن النصرة هي الوحيدة التي تحارب النظام، وإن عناصر النصرة هم من أبناء بلدنا يعني ليسوا مثل الدواعش الملمومين من مختلف أنحاء الأرض.. وهكذا، أيضًا، ودواليك أيضًا، حتى ضجت الدنيا من جبهة النصرة، وممارساتها، واعتدائها على الأقليات الدينية والعرقية، وجَلْدِها الشبانَ تاركي الصلاة، أو مَن يزوج ابنتَه شرعيًا ولكن قبل انتهاء عدتها، وتأكدوا من أنها لا تحارب النظام وإنما تفتح جبهات ضعيفة سرعان ما يهرب عناصرُها في الباصات الخضر، تاركين الأهالي المدنيين تحت رحمة النظام المجرم والإيرانيين والحزبلايين والروس الأشد إجرامًا من النظام وأدق رقبة.
وضج العالم من النصرة، ولم يبقَ أحدٌ من داعمي الثورة إلا ونصحهم، ورجاهم، وحَذَّرَهم، وأطلعهم على القرارات التي تصنف النصرة في قائمة الإرهاب، دون نتيجة، لسبب بسيط هو أن هؤلاء أنفسهم نصراويون، فهل ينكر الإنسان ذاته؟ وهل يصنف الإنسان نفسه في قوائم الإرهاب؟
وأعود إلى منظر الدواعش المأسورين الموضوعين تحت قيادة امرأة، لأقول شيئًا، أنتم يا حضرات القراء تعرفونه، وهو أن العدو رقم واحد لداعش والنصرة وكل هذه التنظيمات، هو المرأة. فتأمل يا رعاك الله.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :