عنب بلدي- محمد حمص
باتت التجارة الإلكترونية في العالم ضرورة وتأخذ مكانة راسخة شأنها شأن الأسواق التجارية وأسواق البيع التقليدية، وقد بدأ شباب سوريون بمحاولة الاستفادة من التجارب العالمية ودول الجوار لإنشاء أسواق إلكترونية محلية بديلة عن الأسواق العالمية التي لم تدخل سوريا حتى اليوم، وقد لا تدخلها قريبًا.
التسوق والتسويق الإلكتروني بالطريقة البدائية
رصدت عنب بلدي عشرات المجموعات المنتشرة في محافظة إدلب وأرياف حلب المتخصصة ببيع وشراء وتسويق المنتجات المحلية، وتختص تلك المجموعات بحسب المراد بيعه، ومنها للأثاث والأدوات الكهربائية والهواتف وقطع التبديل وبيع السيارات، ومجموعات للخدمات وأخرى لترويج العقارات من بيع أو شراء، الأمر الذي يتيح عددًا من الفرص ويوفر عناء السفر والبحث طويلًا بين مدن وبلدات المنقطة.
بازار إلكتروني ومتجر
تطورت الحاجة مع مرور الأيام في المناطق الشمالية والشمالية الغربية لسوريا، وبدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي من العاملين في الجانب التجاري على نشاط أوسع ومنظم في وصل العميل بالبضاعة أو وصل البائع بالشاري، فأطلق شباب في ريف حلب الشمالي أول منصة ترويج إلكتروني تحمل اسم “المتجر” لتسويق المنتجات الخاصة بالمنطقة.
انطلقت المنصة، منتصف كانون الثاني الماضي، في مدينة اعزاز كأول مشروع من نوعه في المنطقة، بالتزامن مع ازددياد النشاطات التجارية التي تشهدها مدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي، بدعم وتنسيق تركي.
فراس مولى، أحد العاملين في المنصة، قال لعنب بلدي إن فكرة “المتجر” جاءت لدعم مشاريع الداخل في المناطق “المحررة” والتي ينقصها الترويج، رغم توفر العديد من المنتجات سواء كانت زراعية أو صناعية أو تجارية، مضيفًا أن الفكرة تأتي لتشجيع المنتجات والمشاريع السكنية والمصانع والمحال التجارية بجميع أنواعها (المطاعم، المشاريع الصغيرة، الشركات التجارية، شركات الشحن)، الأمر الذي يقود إلى حركة اقتصادية نشطة.
وأنشأ القائمون على المنصة حاليًا صفحة في “فيس بوك”، وتُروج عبرها إعلانات لشركات الشحن الدولية والمنتجات الغذائية المحلية إلى جانب الهواتف المحمولة ومستلزماتها.
ووفق الشاب، فإن الأجور ستكون رمزية وتتناسب مع قدرة الشخص الراغب بعرض المنتج عبر المتجر، مشيرًا إلى إقبال من قبل أصحاب المصانع والشركات والمعامل في المنطقة.
كما انطلقت منتصف شباط الحالي، منصة “بازار” عن طريق تطبيق للهواتف الذكية تتيح للمستخدمين من أبناء الداخل السوري التسوق وشراء الحاجيات عبر الإنترنت.
وفي حديث لمدير قسم البيانات في سوق “بازار الإلكتروني”، حسان زيتون، قال إن الخدمة التي أطلقت مؤخرًا تتيح للمستخدمين التسوق عبر الإنترنت في اعزاز ومناطق ريف حلب الغربي، مشيرًا إلى أن المنصة ستتوجه خلال الأيام المقبلة لتخديم محافظة إدلب وشمال حلب.
وقال زيتون إن المشروع يحتوي على عدد كبير من السلع تجاوز ثلاثة آلاف، مشيرًا إلى أن الفائدة من المشروع منافسة السوق، بالإضافة لتوفير عدد من السلع غير المتوفرة بالأسواق المحلية.
وأضاف أن المشروع مشابه في تكوينه لمنصات عالمية كبيرة كأمازون وعلي إكسبرس، ولكنه محلي وبعدد سلع قليل بطبيعة الحال، ويقدم توصيلًا مجانيًا للعملاء.
ويتمكن الزبائن أو العملاء من الشراء عبر بطاقات مسبقة الدفع مقسمة على عدة فئات تبدأ من عشرة دولارات وتنتهي ببطاقة من فئة 200 دولار، وأطلق المشروع تطبيقًا يعمل على أجهزة أندرويد يمكن العملاء من التسوق عن طريقه، ويعتبر المشروع الأول بالمنطقة من ناحية هذه الخدمة، وفق زيتون.
حل بديل لبطاقات الائتمان
الشراء عبر المواقع الإلكترونية يعتبر مهمة صعبة للمواطنين في الشمال السوري، بسبب غياب البنوك والبطاقات الائتمانية، ما اضطر العاملين في مجالات تجارية عدة إلى التوجه نحو حلول بديلة كالبطاقات مسبقة الدفع، كما هو الحال في مشروع السوق الإلكتروني في ريف حلب.
كما يلجأ آخرون لترويج منتجاتهم عبر الإنترنت من خلال صفحات في مواقع التواصل لديها متابعوها، وفق نائل إسماعيل، وهو صاحب محل هواتف في مدينة إدلب. وأوضح أن هناك إقبالًا على التسويق في المنطقة ولا سيما تسويق البرامج الجديدة المنشأة عبر “جوجل بلاي”.
وأشار نائل إلى طرق بديلة للتغلب على غياب الدفع الإلكتروني، منها إجراء مسابقات عبر صفحات “فيس بوك” تستقطب المواطنين في نفس المنطقة، خاصة أن الدفع بالبطاقات الائتمانية لن يستفيد منه إلا العملاء في تركيا بسبب عدم دعم “فيس بوك” لاستهداف سوريا على أساس جغرافي.
ويلجأ أصحاب المنشآت الصناعية والتجارية للترويج لمنتوجاتهم ونشر إعلاناتهم عبر تلك المنصات، وفق ما قال علي عبد الجواد، أحد العاملين بشركة بيع إلكترونيات وهو من مهجري الغوطة الشرقية، مشيرًا إلى أنه عمد إلى ترويج عبر إحدى الصفحات بإعلان دفع قيمته 10 دولار أمريكي للترويج لورشة خياطة أنشأها حديثًا.
وأضاف عبد الجواد، هناك رغبة وتوجه نحو هذا النوع من الترويج، لا سيما بتوفر الإنترنت في معظم مناطق الشمال السوري، وأغلب الشركات بدأت تعتمد على تسويق بضاعتها إلكترونيًا.
وهناك شركات في ريف حلب تلجأ للتسويق الإلكتروني عن طريق معرفاتها في صفحات التواصل الاجتماعي، وفق عبد الجواد، مشيرًا إلى أن الزبون من الممكن أن يشتري البضاعة من منطقة أخرى بعيدة عن طريق التواصل على الإنترنت مع تلك الشركات، ويحدد نوع البضاعة ومواصفاتها ويتفق معها على العقد وتحويل الأموال عن طريق مؤسسة البريد التركية (PTT) التي افتتحت عدة أفرع في المنطقة، أو مكاتب التحويل المنتشرة في إدلب وأرياف حلب وحماة.
تاريخ التجارة الإلكترونية
بعد الازدياد الضخم والهائل لمستخدمي الإنترنت على مستوى العالم، أصبحت التجارة الإلكترونية أمرًا مهمًا بسبب الفائدة المتبادلة بين العميل وصاحب العمل، ولما تجنيه من أرباح طائلة.
لا يوجد تعريف متفق عليه لمصطلح التجارة الإلكترونية، إذ إنه مصطلح حديث بعالم الاقتصاد، ولكن من الممكن القول إنه عملية بيع وشراء المنتجات أو الخدمات أو المعلومات عن طريق الإنترنت داخل بقعة جغرافية واحدة أو بين منطقتين جغرافيتين مختلفتين.
نشأت التجارة الإلكترونية في القرن العشرين، في منتصف السبعينيات عندما بدأت شركات أمريكية خاصة باستخدام شبكات خاصة لإتمام الصفقات فيما بينها، من معاملات مالية ومعاملات أخرى، وتطورت التجارة حتى وصلت إلى شكلها الحالي حيث باتت الشبكة العنكبوتية مزدحمة بالأسواق الإلكترونية.
تعتبر شركة “أمازون” الأولى والرائدة في التجارة الإلكترونية، نظرًا لما حققته من نجاحات عديدة، وينسب سبب نجاحها لطريقة عملها وتعاملها مع عملائها والعروض الكبيرة التي تقدمها، ما أسهم بشهرة واسعة لها.
بدأت الشركة سنة 1994 باسم “كادابرا” على يد مؤسسها جيف بيزوس، وكانت حينها متجرًا لبيع الكتب الإلكترونية فقط، ثم تغير اسمها لـ”أمازون”، وبدأت بعدها عدد من الشركات بالظهور على خطى أمازون كشركة “علي بابا” وشركة “OLX” وشركة “سوق دوت كوم” وغيرها.