أثّرت قضيّة السجن السياسي على الحالة الأدبية في الدول العربية، ومنذ سبعينيات القرن الماضي دخل “أدب السجون” إلى المكتبات العربية، محدثًا خرقًا في القمع السياسي عن طريق الرمز الأدبي.
نقلت روايات عدد من الكتاب والأدباء العرب معايشات ما يحصل خلف القضبان وأقبية الأفرع الأمنية إلى العامة، وعممت تجربة التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون والمحكومون بقضايا سياسية في الدول العربية، وفيما يلي أبرز الروايات العربية المدرجة في إطار أدب السجون:
شرق المتوسط
تعرض الرواية، التي كتبها الروائي السعودي عبد الرحمن منيف في العام 1972، مشاهد من سنوات قضاها شاب ثلاثيني ملاحقًا ثم سجينًا سياسيًا في بلد عربي شرق البحر الأبيض المتوسط، لم يحدده أو يذكر السياق السياسي الذي جرت خلاله أحداث الرواية.
وهي من بواكير الأعمال التي كتبت ضمن فئة أدب السجون في المنطقة العربية، رغم أن نقاد الرواية قالوا إن ما جاء فيها “غير كاف” في وصف أساليب التعذيب والقهر، التي مورست على سجناء الرأي في البلدان العربية.
مهدّت هذه الرواية للأدب الذي يتحدث عن السجون في الدول العربية، وفتحت الباب أمام الكثير من الكتاب والأدباء لسلك النهج ذاته الذي سلكه عبد الرحمن منيف.
تلك العتمة الباهرة
من أشهر روايات أدب السجون في العالم العربي لكاتبها الطاهر بن جلون، وحصلت بنسختها الإنكليزية على جائزة دبلن للآداب عام 2004، كما حازت على جائزة إمباك الأدبية أواخر عام 2000.
استلهم الطاهر روايته من شهادة السجين عزيز بنبين، وهو معتقل سابق في سجن تزمامرت في المغرب، وتدور أحداثها على لسانه عن مجموعة من 23 سجينًا اتهم معهم بتنفيذ محاولة “انقلاب الصخيرات” على ملك المغرب حسن الثاني بداية السبعينيات.
وفيما يزيد على 220 صفحة يصف الكاتب ببلاغة حياة السجين ورفاقه في السجن- الحفرة، حيث كانت المهجع والمأكل والمشرب والحمام في الوقت نفسه، على ارتفاع ألفي متر على سفوح جبال الأطلس، مع البرد والمرض والطعام غير الصالح للأكل، انتهاء بموت السجناء واحدًا تلو الآخر على مرأى منه خلال ثمانية عشر عامًا من السجن.
إعجام
تنطلق أحداث الرواية لكاتبها العراقي الأمريكي، سنان أنطون، من السلطة القمعية التي فرضها “حزب البعث” في العراق، في ظل حكم صدام حسين.
بطل الرواية هو طالب مسيحي يدرس اللغة الإنكليزية وآدابها في الجامعة، ويتعرض لمضايقات من أعضاء الحزب المنضوين في اتحاد الطلبة العراقيين نتيجة مواقفه المعارضة للنظام، وهو ما ينتهي به معتقلًا.
صدرت الرواية عام 2003 عن دار الآداب للنشر والتوزيع في العراق، وتُرجمت إلى الإنكليزية والنرويجية والبرتغالية والألمانية والإيطالية.
القوقعة
رواية للكاتب السوري مصطفى خليفة، نشرت عام 2008، تروي ذكريات معتقل سياسي سوري بلسانه.
وتحكي الرواية عن شاب درس الإخراج السنيمائي في فرنسا، وقرر العودة إلى بلده في ثمانينيات القرن الماضي، غير مدرك حجم المأساة التي كان يمر بها وطنه في تلك الفترة، ليعتقل لحظة وصوله إلى المطار ويقضي الاثني عشر عامًا التي تلتها في سجن تدمر الصحراوي حيث تدور معظم أحداث الرواية التي تسرد تفاصيل حياة بطلها، دون ذكر اسمه، خلال تنقله من سجن إلى آخر حتى الإفراج عنه، وتنتهي بعد عام من إطلاق سراحه.
تعرض الرواية تفاصيل التعذيب الذي كان يتعرض له المعتقلون السياسيون في السجون السورية والمعاملة التي كانوا يتلقونها في سجون النظام السوري آنذاك، وتنقل مشاهدات وأحاسيس بطلها.