ضياء عودة | عمار زيادة | نور عبد النور
من منابر “افتراضية”.. صفحات ومواقع وقنوات، وأخرى على شكل مطبوعات ومنشورات، وعلى مدار سنوات، علا صوت التنظيمات المتشددة، مناديةً برفع راية “الخلافة” وفرض “الحدود” وإعلاء “تعاليم الدين”.
أرض سوريا كانت هذه المرة الميدان، وساحة العمل لشركات إنتاج ومؤسسات إعلامية، مهمتها الترويج لأيديولوجيا “جهاد عنيف”، يملأ الفراغ بأفكار التشدد والتطرف، ودعوات الكراهية والعنف، والتحريض على القتل والانتقام.
بدأ ذلك قبل أكثر من أربع سنوات، مع صعود الجماعات “الجهادية” على الساحة السورية وبروزها كلاعب أساسي في الصراع، لكن الأمر لم يدم على حاله حتى اليوم، إذ تبدل المحتوى، ولم يعد إعلام الجهاديين على الحال الذي كان عليه قبل أعوام، فقد أثر الوضع العسكري والتغيرات السياسية للتنظيمات المشغّلة لهذا الإعلام، على شكل المحتوى كمًا ونوعًا، وبالتالي على ما تسعى للترويج له.
فمع أفول نجم تنظيم “الدولة الإسلامية”، صاحب السياسة الإعلامية الأكثر تماسًكا وتنظيمًا بين الجماعات الجهادية، اختفت أغلب وسائل الإعلام التي كانت تتبع له بشكل رسمي أو غير رسميّ، وتروّج لفكره وتسعى لكسب مؤيدين له.
أما “جبهة النصرة” فتغير خطابها مع تغيّر الظروف السياسية والعسكرية المحيطة بها، والتي دفعت بها إلى فكّ ارتباطها مع تنظيم “القاعدة” وتغيير اسمها، إضافة إلى الخطاب الذي يستخدمه قادتها ووسائل الإعلام المرتبطة بها.
يرصد هذا الملف الوسائل الإعلامية التابعة للتنظيمات الجهادية، ويحلل خطابها الإعلامي، وأدوات الترويج التي تستخدمها، كما يضيء على أبرز التغيرات التي أصابت هذا الخطاب في سياق التغيرات العسكرية والسياسية في سوريا.
ميديا التنظيم.. وعقدة “الدولة”
في السادس من رمضان 1435 للهجرة، الرابع من تموز عام 2014 ظهر أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” لأول مرة، يعتلي منبر الجامع الكبير (الحدباء) في الموصل العراقية. تسوّك لثوانٍ قبل أن يبدأ خطبته، التي نصب فيها نفسه خليفة للمسلمين، بالقول، “ابتليت بخلافة المسلمين، وبهذه الأمانة وليت عليكم ولست بخيركم أو بأحسن منكم”.
ظهور البغدادي كان أولى خطوات الدعاية الإعلامية (البروباغندا) التي أطلقها تنظيم “الدولة” بعد الإعلان عنه، والتي سخر لها إمكانيات وقدرات وتقنيات ربما تزيد ما خصصه على الأرض في أثناء العمليات العسكرية، التي سيطر من خلالها على مساحات واسعة من سوريا والعراق، والتي أطلق عليها “أرض الخلافة”، فالتنظيم كان يعي أن حربه الإعلامية هي الأساس في الدولة التي أعلن عنها ويتطلع إليها، لأنها سلاح “فعال” لا يبغي هدفًا أو مكسبًا واحدًا، بل مجموعة من الأهداف، على رأسها حشد المناصرين واستقطاب “الشباب المسلم” من العالم كله، وبالتالي نشر الأيديولوجيا العسكرية والثقافية والسياسية الخاصة به وزرعها.
إصدارات، أفلام، أناشيد، مرئيات، تقارير مصورة، تسجيلات صوتية، صحف، مجلات، إذاعات منصات اجتماعية، ووسائل إعلامية عدة، استغلها التنظيم للترويج ولنشر الأيديولوجيا خاصته، وعززها بخطاب ولغة لم يسبق أن استخدمها تنظيم أو جهة أخرى غيره، أطلق فيها مصطلحات حثت الشباب المسلم على “الجهاد”، لامست مشاعره من جهة، وعزفت على وتر المظلومية وضرورة أخذ الثأر من جهة أخرى، والتي عززتها الطرق التي تعاملت فيها “الأنظمة الاستبدادية” مع شعوبها، وخاصةً في العالم العربي.
اليوم، وبعد أعوام من إقامة “دولة الخلافة” على الأرض السورية والعراقية، تقترب أمريكا وحلفاؤها على الأرض من الإعلان عن القضاء عليها بشكل كامل، بعد حصار مقاتلي “الدولة الإسلامية” في مساحة لا تزيد على مئات الأمتار في قرية الباغوز السورية، شرق نهر الفرات، ويترافق ذلك مع انحسار أدوات التنظيم الإعلامية على مواقع التواصل، وبالأخص “تلغرام”، والتي اقتصرت في الأشهر الماضية على قناة “ناشر نيوز”، التي تعتبر وسيط نشر الأخبار الخاصة بـ “الدولة الإسلامية”، وجهة إعلامية مناصرة غير رسمية، على خلاف وكالة “أعماق”، التي تعتبر الوكالة الرسمية الناطقة باسم تنظيم “الدولة الإسلامية”.
جهاز إعلامي رأسه “اللجنة المفوضة”
تعتبر مؤسسة “الفرقان” الوسيلة الإعلامية الأولى والأبرز التي أنشأها تنظيم “الدولة”، وأطلقها في العام 2006 في أثناء التسمية السابقة “دولة العراق الإسلامية”، وأنتجت عشرات الإصدارات والأفلام باللغات العربية والإنكليزية، وزاد نشاطها مع سيطرة التنظيم على مدينة الموصل العراقية، في حزيران 2014، وتوسع النفوذ في سوريا بالسيطرة على مدينة الرقة، والانتقال إلى مرحلة جديدة تمثلت باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”تويتر” و”تلغرام”، الأمر الذي أدى إلى ظهور عدة وسائل إلى جانبها، تنوعت بين الوكالات والصحف والجرائد والمجلات.
قبل الحديث عن الجهاز الإعلامي لتنظيم “الدولة”، لا بد من الإشارة إلى هيكلية التنظيم ككل، والذي كان يقسم عمله إلى دواوين أشبه بالوزارات، كـ “ديوان الزكاة”، “ديوان الجند”، “ديوان الحسبة”، إلى جانب “ديوان الإعلام”، الذي كان في السابق، أي في أثناء نفوذه بالعراق، يديره وزراء، وفيما بعد تحول منصب الوزير إلى “متحدث”، كـ “أبو محمد العدناني” و”أبو الحسن المهاجر”.
وفق بحث عملت عليه عنب بلدي بالاعتماد على عدة مصادر مطلعة على الهيكلية الإعلامية لتنظيم “الدولة”، تبين أن الأخير أمسك بالإعلام عن طريق ما يسمى بـ “اللجنة المفوضة”، التي كانت ترتبط بـ “أبو بكر البغدادي”، وكان من مهامها إصدار القرارات والعزل، وتعود جميع الإصدارات أو الأفلام والتقارير التي تنتج إليها، لتقييمها سواءً بالتعديل والنشر أو الرفض.
“ديوان الإعلام المركزي” كان على رأس “اللجنة المفوضة”، والذي انقسم إلى عدة مؤسسات إعلامية أبرزها: “مؤسسة الحياة”، “مؤسسة الفرقان”، “مؤسسة البيان”، مؤسسة الاعتصام”، “أجناد” للأناشيد، “الهمة” وهي مكتبة ورقية تصدر مطبوعات (كتيبات)، إلى جانب وكالة “أعماق” التي أعطت الخطاب الرسمي وتوجهت إلى العالم بشكل كامل، واعتمدت على تطبيق “تلغرام” بشكل أساسي لنشر أخبارها من كل الولايات.
فضلًا عما سبق، تفرع الإعلام إلى صحف ومجلات أبرزها: “النبأ” التي كانت تصدر باللغة العربية وتطبع وتوزع على الأرض مؤخرًا في دير الزور، وصدر منها 170 عددًا كان آخرها في 14 من شباط الحالي 2019، ومجلة “دابق” التي تعتبر أول مجلة ورقية وإلكترونية للتنظيم باللغة الإنكليزية، بدأ صدورها دوريًا كل ثلاثة أشهر، وصدر العدد الأول منها في تموز 2014، إضافةً إلى مجلة “قسطنطينية” الناطقة باللغة التركية من قبل مؤسسة “الحياة”، ومجلة “رومية” التي كانت تصدر باللغة الإيطالية، و”مجلة دار الإسلام” باللغة الفرنسية، و”مصدر” باللغة الروسية، ونشأت إذاعات أيضًا أبرزها “البيان”.
يلاحظ في إعلام تنظيم “الدولة” أنه اتبع خطابًا واحدًا في جميع منصاته منذ النشأة حتى الانحسار، رغم تباين الشرائح المستهدفة، سواء للمسلمين، أو من أطلق عليهم “الصليبيين” والأنظمة الغربية، وهو ما اعتمد عليه في اللغات التي استخدمها في وسائله كافة، فعلى سبيل المثال كانت مؤسسة “الحياة” ناطقة باللغة الإنكليزية وتترجم في إصدراتها إلى عدة لغات بينها العربية، بحسب الجمهور والبيئة المستهدفة.
واتجه من خلال وسائله إلى بث الرعب والخوف في “صفوف العدو” من خلال الأفلام والإصدارات “الوحشية”، منطلقًا في ذلك من ركيزتين، الأولى عرض صورته “القوية والقاسية” لهزيمة الخصم، وجذب أكبر عدد من المناصرين له، والذين رغم عدم انضمام جمعيهم إلى المعارك على الأرض وقدومهم إلى “أرض الخلافة”، بقوا “ذئابًا منفردة” في المناطق التي يقطنون بها، وجنودًا من خلف شاشات الكمبيوتر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وما يثبت النظرية الأخيرة ظهور عدة منصات إعلامية إلى جانب وسائل إعلام تنظيم “الدولة” الرسمية، كان من مهامها الترويج لفكر وأيديولوجيا التنظيم، بينها وكالة “ناشر”، التي عملت على نشر أخبار المكاتب الإعلامية للولايات، سواء “ولاية الرقة” أو “ولاية دمشق”، أو “ولاية الخير”، وبحسب ما توصلت إليه عنب بلدي فإن “ناشر” هي وسيط مناصر لا تتبع رسميًا للتنظيم، وإنما هي منبر إعلامي يعمل على تمرير أخباره، ولها ارتباط بـ “اللجنة المفوضة”، وإلى جانبها خرجت عدة منصات “مناصرة” أبرزها “بنات عائشة”، “البتار”، “مؤتة”، “إسراء”، “الوفاء”، “ارتقاء”، “الزوراء” و”مؤسسة خطاب”.
“عقدة الدولة”
بعد سنوات من تأسيس الجهاز الإعلامي الضخم لتنظيم “الدولة”، والذي بات من الواضح أنه أصبح من الماضي، لا بد من الوقوف على الأهداف التي كان يرنو إليها الأخير من خلاله، فالتقنيات التي استخدمها والمهارات الاحترافية لم تكن بلا هدف، إذ أراد من خلالها إيصال عدة رسائل أولها ما يسمى بـ “عقدة الدولة”، بحسب توصيف الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، عباس شريفة.
ويقول شريفة لعنب بلدي، إن تنظيم “الدولة” أراد من وسائل إعلامه إيصال الأشياء والأمور التي تثبت أنه “دولة” لها أركان في “الحسبة” وإقامة الحدود والمحاكم الشرعية، لذلك أعطى جهدًا كبيرًا للقسم الإعلامي لإثبات هذه النظرية، وإيصال الرسائل الخاصة بها.
الهدف الثاني هو إرسال الرسائل المرعبة لـ “الأعداء”. يضيف شريفة أن “الحالة الدموية والوحشية في قطع الرؤوس والحرق والتفنن بعملية القتل هي لإرعاب جنود العدو على مبدأ ممارسة الحرب النفسية”.
وكان الجزء الأبرز من العمل الإعلامي للتنظيم هو “الحرب النفسية”، وهو ما بدا في إصدار “شفاء الصدور”، والذي وثق طريقة إعدام الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، عدا عن خطابات أبو محمد العدناني والإصدار الذي وثق قتل جنود النظام السوري في الرقة.
الهدف الثالث والأهم الذي كان يوصله التنظيم من خلال وسائل إعلامه، هو التجنيد ومحاولة جذب العناصر إلى جسمه العسكري، من خلال العزف على المشاعر العاطفية للشباب المسلم في العالم، ونقل الأشياء التي تستهوي الشباب المندفع، كفرض الحجاب وإقامة العدل والمحاكمات الشرعية.
ويوضح شريفة أن “الدولة الإسلامية كانت حلمًا لعدد من الشباب المسلم، وأعطت داعش رسالة إعلامية للشباب أن الحلم قد تحول إلى حقيقة، وما عليك إلا القدوم إلى أرض الخلافة”.
ومن جملة الأمور التي كان يركز عليها التنظيم في إصدارته أو أفلامه التي يبثها، التعريف بهيكليته وفكره الأيديولوجي، وبموازاتها عمل على إعطاء “صورة إيجابية” رد من خلالها على جميع من يخالف تصرفاته وأعماله، كالتقارير المصورة التي أظهرت إدارته للمناطق التي يسيطر عليها كجمع الزكاة من ميسوري الحال، وإقامة الحدود على من يسرق ويخالف “الشريعة الإسلامية”، والترويج لجمال الحياة في “أرض الخلافة”، التي “يستتب الأمن بها ويأخذ فيها كل ذي حق حقه”.
وإلى جانب الأهداف الثلاثة السابقة، عمل تنظيم “الدولة” عبر وسائله على نشر الأفكار والأيديولوجيا، واتخذ منحى “تثقيفيًا” لقضية الجهاد والحاكمية ونواقض الإسلام وتكفير الأنظمة العربية و”دار الإسلام والحرب”، معتمدًا بذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، “تويتر” و”فيس بوك” و”تلغرام”.
وفي دراسة أجراها مركز “كويليام” البريطاني المناهض للتطرف، عام 2015، أظهرت أن أكثر من نصف الدعايات التي أصدرها تنظيم “الدولة الإسلامية” حينها، هدفت إلى إثبات قدرة التنظيم على إدارة “دولة قابلة للحياة”.
وأشار المركز البريطاني إلى أن الفرق الإعلامية التابعة للتنظيم أنتجت 900 دعاية تضم تقارير وأحكامًا ومقاطع فيديو وبرامج راديو في الفترة بين 17 من تموز و15 من آب 2015، لافتًا إلى أن ذلك يعد حملة إعلامية كبيرة تنشر ما معدله 38.2 دعاية في اليوم الواحد، ما يضعف جدًا المساعي لكبحها.
وأوضح تقرير المركز أنه على رغم تنوع المواضيع التي يركز عليها تنظيم “الدولة”، وأبرزها العنف والقوة العسكرية، أعطى اهتمامًا كبيرًا بالأمور المحلية، لأسباب عدة، منها احتواء أي محاولة داخلية للثورة ضده، إضافة إلى إقناع السكان الرازحين تحت سيطرته بقدرته على التحول إلى دولة قابلة للحياة.
توظيف الصورة
مما لا شك فيه أن الصورة وطرق توظيفها في الإعلام لها تأثير كبير على المتلقي والجمهور، وهو ما عجزت عنه عدة وسائل في مختلف الرسائل أو الخطابات التي تستهدف العامة، وهذا الأمر كان الركيزة الأساسية التي لم يغفل عنها تنظيم “الدولة”، إذ جعل من الصورة التي ينشرها عبر أدواته الإعلامية خطابًا يوجه من خلاله ما يريد فكريًا وعقائديًا، وهو ما تبينه الإصدارات التي كان أبرزها “لهيب الحرب”، والذي يعتبر من أضخم الإصدارات و”الأكثر رعبًا”.
توظيف الصورة كان في أكثر من مسلك، من اللون الأسود الذي اعتمده وخرج به “أبو بكر البغدادي” على منبر مسجد “الحدباء”، أو الراية التي كتب عليها “لا إله إلا الله” بخط قديم لا توجد فيه الآلات الطباعية، وختم النبوة الموجود على الراية.
ومن وجهة نظر شريفة، فإن رسالة التنظيم أشبه بـ “الماركة التجارية” التي يسوق ويروج لها على أكثر من منصة، وما ميزها المفردات التي استخدمها، كالوالي والولاية وديوان المظالم، والتي تلخصت بهوية بصرية خاصة، لم يكن لها مثيل.
ويوضح الباحث أن عدة عوامل ساعدت على انتشار خطاب التنظيم في السنوات الماضية، أولها أن “الخطاب مليء بالأكشن، والذي يجذب فئة كبيرة من الشباب المراهق (…) الآن القتال والحروب لا تقتصر على الأفلام فقط بل أصبح الأمر واقعيًا على الأرض”.
“شباب يائس طالب للشهادة” ساعد على رواج فكر التنظيم أيضًا، وبحسب الباحث “كانت هذه الفئة تستهويها العمليات الاستشهادية والتفجير في الأعداء، وهم من طالبي الثأثر وتعرضوا للمظلومية من القهر ونظم الاستبداد، لذلك وجدت داعش كأداة ثأرية يمكن من خلالها القضاء على الإرهاب المقابل”.
ومن الأهداف المتلازمة التي ساعدت على انتشار خطاب التنظيم “الرسالة الإعلامية المدروسة مخابراتيًا”، والتي كانت تستثمر استخباراتيًا، بحسب شريفة، الذي لا ينفي وجود هذا العامل، والذي حاول تضخيم “داعش” لخذلان الشعب السوري من أجل سحق المناطق وتنفيذ مشاريع التقسيم والتدخل وتدمير المدن كما في الموصل والرقة ودير الزور.
ومع اقتراب انتهاء نفوذ التنظيم على الأرض، واختفاء وسائل إعلامه، يرى الباحث أن “الدعاية الإعلامية لداعش حاليًا هي في وضع متراجع لأقل من النصف”.
ويوضح، “في السابق كان أكثر من 90 ألف حساب في تويتر يغرد لداعش، الآن العدد غير موجود خاصة بعد الرقابة”، ومع ذلك لن ينتهي وجودهم وتأثيرهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
شخصان تحدثا بلسان تنظيم “الدولة” في “أرض الخلافة”
أبو محمد العدناني
ولد العدناني، واسمه الحقيقي طه صبحي فلاحة، في مدينة بنش بريف إدلب، عام 1977، والتحق بتنظيم “دولة العراق الإسلامية” بزعامة أبو مصعب الزرقاوي، إبان الغزو الأمريكي للعراق.
وعين العدناني متحدثًا باسم تنظيم “الدولة” لدى دخوله سوريا منتصف العام 2013، وكان الرجل الثاني في التنظيم، بعد زعيمه الحالي أبو بكر البغدادي، حينها.
أعلنت وكالة “أعماق” مقتل العدناني، في 30 من آب 2016، وأوضحت أنه قتل “في أثناء تفقده صد الحملات على حلب”، وذلك في خبر مقتضب دون تفاصيل إضافية.
تميز العدناني بخطاب قوي، معتمدًا بذلك على الصياغة الصلبة والمضمون القوي المدعم بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وبمصطلحات تميز بها تنظيم “الدولة” عن باقي التشكيلات الجهادية كـ “رفع الهمم، بث الهزيمة في صدور الكفار والمرتدين، توالي الهزائم على العدو، العملاء، الآن الآن جاء القتال”.
وبحسب ما رصدت عنب بلدي على المكتبة الرقمية “Archive”، بلغت إصدارات “العدناني” الصوتية 25 إصدارًا أبرزها “الآن جاء القتال، أعظكم بواحدة، نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين، إنهم مشركون، كان هذا منهجًا ولن يكون، لهم دينهم الذي ارتضى لهم”.
أبو الحسن المهاجر
كشف تنظيم “الدولة الإسلامية” عن “المهاجر”، في كانون الأول 2016، بعد إعلان مقتل “أبو محمد العدناني”.
لا توجد أي تفاصيل عن شخصية “المهاجر”، ولم يقدم تنظيم “الدولة” أي معلومات عنه، لا صورته ولا مواليده ولا تاريخه أو عمله العسكري والإعلامي، سوى الإصدارات الصوتية التي تنسب له وتبثها مؤسسة “الفرقان”.
وجه “أبو الحسن” رسالته الصوتية الأولى لعناصر تنظيم “الدولة” في تلعفر العراقية، ودعاهم للثبات على الجبهات وعدم ترك “الجهاد” والاستمرار في المعارك ضد “الكفار” و”المرتدين”.
وقال في التسجيل الذي نشر على معرفات التنظيم، “دمروا آلياتهم، اقتحموا عليهم، أفجعوهم في ملاجئهم ليذوقوا بعضًا من بأسكم ولا تحدثوا أنفسكم بالفرار”.
وفي ذات التسجيل هاجم “المهاجر” تركيا وجيشها، ودعا خلايا التنظيم في دول العالم إلى شن هجمات وتنفيذ عمليات أمنية، وخاصة داخل الأراضي التركية، وذلك عقب إطلاق الجيش التركي عملية “درع الفرات” في ريف حلب الشمالي، والتي انتزع من خلالها عدة مدن استراتيجية من يد التنظيم، بينها الباب، وبزاعة، وجرابلس.
لم يختلف خطاب “المهاجر” عن خطاب “العدناني”، ويعطي ذلك فكرة أن تنظيم “الدولة” حرص على اختيار شخصية إعلامية بذات المستوى واللغة الصلبة التي كان يتميز بها “العدناني”.
من أبرز إصدارات “أبو الحسن المهاجر” الصوتية، “فستذكرون ما أقول لكم”، “فاصبِر إن وعد اللَّه حق”، “ولما رأى المؤمنون الأحزاب” والتي نشرتها مؤسسة “الفرقان”، في حزيران 2017، ودعا فيها مناصري التنظيم لشن هجمات في أوروبا وروسيا وأمريكا وأستراليا، وخص سوريا بحث مقاتلي التنظيم، “دونكم النصيرية وملاحدة الأكراد وصحوات الردة في الشام، ثبوا عليهم وثبة الأُسد الغضاب، وادخلوا عليهم من كل باب، ولا يفوتنكم حظكم من هذا الشهر”.
أبرز إصدارات وأفلام تنظيم “الدولة”
“لهيب الحرب”
أصدره مركز “الحياة الإعلامي”، في 15 من كانون الثاني 2016، باللغة الإنكليزية، وقدم فيه سردًا ملخصًا عن عوامل ظهور التنظيم في العراق وانتقاله إلى سوريا، ثم إعلان “قيام الخلافة” وإلغاء الحدود بين البلدين.
مدته ساعة واحدة، أثنى فيها على معارك التنظيم ضد وحدات حماية الشعب (الكردية) في سوريا، والقوات العراقية و”الحشد الشعبي” في العراق.
كما أشار إلى “النصر النوعي” بإعلان “الخلافة”، من قبل “أبو بكر البغدادي” في تموز 2014، وإلغاء الحواجز والسواتر الترابية بين سوريا والعراق، “أحرق اللهيب سايكس بيكو وألغى الحدود بين العراق والشام”.
“صليل الصوارم”
فيلم من أربعة أجزاء لمعارك تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا، صدر الجزء الأول منه في 1 من تموز 2012، والثاني في 2 من آب 2012 والثالث في 3 من شباط 2012، ثم صليل الصوارم في 4 من أيار 2014.
من إنتاج مؤسسة “الفرقان”، وركز فيه التنظيم على عمليات الإعدام “المبتكرة” بحق مقاتلين من القوات العراقية والقوات الكردية في سوريا بإخراج يحاكي الأفلام الهوليودية، على وقع نشيد “صليل الصوارم نشيد الأباة، ودرب القتال طريق الحياة”.
“رسالة إلى أمريكا”
شريط مصوّر نشره تنظيم “الدولة”، في أيلول 2014، أظهر مقاتلًا يقوم بقطع رأس الرهينة الأمريكي جيمس فولي، وبعده نشر شريطًا آخر حمل العنوان نفسه تضمن قطع رأس الرهينة الأمريكي ستيفن سوتلوف، وكلا الرهينتين صحفيان.
“كسر الحدود”
تسجيل مصور نشره تنظيم “الدولة”، في حزيران 2014، تضمن مشاهد لدخول عناصر يتبعون له الأراضي العراقية من الحدود السورية، وظهر لأول مرة فيه “أبو محمد العدناني” مظلل الوجه وإلى جانبه “أبو عمر الشيشاني”، أحد أبرز القيادات العسكرية في التنظيم.
وأظهر التسجيل أيضًا العدناني والشيشياني بصدد هدم ساتر ترابي بواسطة آليات على الحدود السورية- العراقية.
“خطبة إعلان الخلافة”
تسجيل مصور نشره تنظيم “الدولة”، في تموز 2014، وبثته مؤسستا “الاعتصام” و”الفرقان”، ظهر فيه لأول مرة زعيم تنظيم “الدولة”، إبراهيم البدري الملقب بـ “أبو بكر البغدادي” يعتلي منبرًا في الجامع الكبير “الحدباء” في الموصل العراقية.
وقال البغدادي في التسجيل إنه “ابتلي بأمانة ثقيلة” تتمثل في تنصيبه “خليفة” على المسلمين، داعيًا المسلمين لطاعته.
“رسائل من أرض الملاحم”
من إنتاج مؤسسة “الفرقان” ومؤسسة الاعتصام في عام 2013.
سلسلة أفلام وثقت عمليات تنظيم “الدولة الإسلامية”، في سوريا والعراق، وبلغت أكثر من 55 إصدارًا، وركز البعض منها على حياة المقاتلين الأجانب المنتسبين إلى التنظيم، والدعوات التي وجهوها لـ “إخوانهم” في الغرب للقدوم إلى أرض الخلافة.
ومن بين الإصدارات في سلسلة الرسائل إصدار “فشرد بهم من خلفهم”، الذي غطى معركة السيطرة على اللواء 93 في محافظة الرقة، آب 2014، وعلى مطار الطبقة في أيلول العام نفسه.
“خبتم وخسئتم أيها الروس”
إصدار مرئي نشره “المكتب الإعلامي في ولاية الرقة”، كانون الأول 2015، أظهر من خلاله اعترافات جاسوس روسي يدعى خاسييف ماغوميد، قبض عليه داخل أراضي التنظيم، وعملية إعدامه ذبحًا على يد عنصر يتكلم اللغة الروسية أيضًا.
“اسمع يا بوتين الكلب، لقد قصفنا النظام قبل مجيئكم ثم قصفتنا أمريكا وحلفاؤها الجبناء واليوم تقصفون أنتم وما زادنا ذلك إلى يقينًا وثباتًا”، بهذه العبارات افتتح عنصر التنظيم الذي نفذ الإعدام بخاسييف حديثه، مضيفًا “الملل الكفرية تجتمع على أهل الحق، وما فعلتم بقصفكم غير قتل نساء المسلمين وأطفالهم وشيوخهم”.
“يا كفار العالم”
نشره مركز “الحياة” الإعلامي، ليلة رأس السنة (31 من كانون الأول 2017)، وتضمن تحذيرات وأغنية بلغات مختلفة، وظهر فيه رؤساء عدة دول، بينهم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والروسي، فلاديمير بوتين.
بدأ التسجيل بصوت المتحدث السابق باسم التنظيم، “أبو محمد العدناني”، والذي قال مخاطبًا الرؤساء، “لن تروا إلا الشدة والبأس ومن ينجو منكم من تفجيرنا ولا يطاله سلاحنا ليموتن كمدًا”.
كما تضمن التسجيل أغنية جهادية باللغة الفرنسية، رافقتها مقاطع للتنظيم في سوريا وفرنسا ودول أخرى وعمليات إعدام ميدانية، وترجمت الأغنية إلى اللغتين العربية والإنكليزية.
“شفاء الصدور”
من إصدار مؤسسة “الفرقان”، في شباط عام 2015، صوّر عملية إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد عناصر التنظيم، في ساحة البلدية في مدينة الميادين بريف دير الزور.
استمر الإصدار أكثر من 20 دقيقة، أقدم فيه تنظيم الدولة على إعدام الكساسبة بطريقة وحشية، إذ وضعه داخل قفص حديدي وأحرقه حيًّا.
واستند الإصدار المصور إلى شهادات للطيار الأردني حول ماهية العمليات التي تستهدف التنظيم والدول المشاركة فيها، إضافة إلى القواعد الجوية التي تنطلق منها المقاتلات الحربية لاستهداف مواقع تنظيم الدولة.
جهاز إعلامي متآكل
كيف تغير خطاب جبهة النصرة
قد تكون مقارنة بسيطة بين الإعلان الأول لـ “أبو محمد الجولاني” عن تشكيل “جبهة النصرة لأهل الشام في سوريا”، وبين آخر مقابلة لـ “الجولاني” بعد سبع سنوات، كافية لرسم مدى التغير في خطاب الفصيل وتكيفه مع الظروف المحيطة واعتماده على المصلحة في خطابه.
خطاب تنازلات.. من استعداء العالم إلى البراغماتية
في أول تسجيل صوتي له، نشرته مؤسسة “المنارة البيضاء” عن “جبهة النصرة” في 24 من كانون الثاني 2012، حدد الجولاني الهدف من التشكيل بـ “إعادة سلطان الله إلى أرضه وأن نثأر للعرض المنتهَك والدم النازف ونرد البسمة للأطفال الرضّع والنساء الأرامل”.
واستنكر”الجولاني” الدعوات لتدخل غربي في سوريا، معتبرًا أنها “استعانة بالعدو الغربي للخلاص من العدو البعثي، وهي دعوة شاذة ضالة وجريمة كبرى”، مهاجمًا تركيا بقوله، “لا شك أنني أشمل في هذه الجريمة النظام التركي الذي هو عصا أمريكا الجديدة في مواجهتها لحرف العقول والمناهج الرشيدة، فتلاطف المسلمين لكسب ودهم كيما تسقيهم السم الزؤام”، معتبرًا أن “شكل الإسلام في النظام التركي لا مضمون له، فهو صورة بلا معنى وجسد بلا وح، وأن أفشل ما في مشروع النظام التركي أن أمريكا راضية عنه…”.
لكن مقابلته الأخيرة مع قناة “أمجاد”، في 13 من كانون الثاني 2019، شهدت تحولًا نوعيًا تجاه العلاقة مع تركيا، إذ أبدى “الجولاني” دعمه للتوجه التركي للسيطرة على مناطق شرق الفرات في سوريا، معتبرًا “حزب العمال الكردستاني عدوًا للثورة، ويستولي على مناطق يقطن عدد كبير فيها من العرب السنة، ونرى ضرورة إزالة هذا الحزب”، موضحًا، “لا يمكن أن نعيق هذا العمل”.
كما انخفض سقف “إعادة سلطان الله إلى أرضه” إلى اعتبار أن فصيله “جزء من الثورة السورية، ولا يريد التسلط على رقاب الناس، وإنما يهمه المسار الصحيح تحت شريعة الله”.
بدأت “الهيئة” بخطاب مزدوج، داخلي وخارجي، منذ أيلول عام 2016، إذ ظهر حينها “الجولاني” في لقاء مع قناة “الجزيرة”، بقبعة ماليزية اعتاد أميره أبو مصعب الزرقاوي الظهور فيها، وكان مرتديًا بزة أسامة بن لادن الشهيرة، وبعدما غابت كلمة سوريا، معنىً ولفظًا، عن خطاب الفصائل الجهادية، على مدار خمس سنوات من العمل المسلح، افتتح “الجولاني” لقاءه المرئي الأول بمصطلحٍ ذي دلالات بعيدة، هو “الثورة السورية”.
كلمة “سوريا” في خطاب “الجولاني” كان لها معنى رئيسي، لا مفكّ عنه، وهو حصر نشاط “فتح الشام” (بعد فك ارتباط “النصرة” بتنظيم القاعدة) آنذاك، داخل الحدود السورية، والتأكيد أنها لن تشكل تهديدًا على الغرب.
لم يتوقف الخطاب المزدوج لـ “الهيئة” عند لقاء “الجولاني”، بل أعيد طرحه في بيان الموافقة على اتفاق “سوتشي”، في أيلول 2018، لكن بصورة مختلفة، إذ تم تغيير جزء كبير من المصطلحات الخاصة بها وإحلال أخرى مكانها، في خطوة لإرضاء التيارات في الداخل وتوضيح السياسة الجديدة للخارج.
وكانت النقطة الأساسية التي أشارت إليها “تحرير الشام” في البيان هي الشكر غير المباشر لتركيا، التي تعتبر الطرف الأساس في الاتفاق الموقع في “سوتشي” مع روسيا، إذ جاء فيه، “نقدر جهود كل من يسعى في الداخل والخارج إلى حماية المناطق المحررة، ويمنع اجتياحها وارتكاب المجازر فيها”، محذرةً من “مراوغة المحتل الروسي أو الثقة بنواياه”.
وجاء في نص البيان عبارة “ندعو العالم إلى تحمل مسؤولياته”، وتعتبر هذه بادرة أولى من نوعها في خطاب “تحرير الشام”، والتي تناولت في خطاباتها وبياناتها السابقة عبارات مضادة لذلك، كـ “لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى”، كما أكدت في معظم البيانات السابقة على شعارات تناهض الغرب والمؤسسات التابعة له العاملة في سوريا، واعتبرت أن الاستعانة به من “المحرمات والكفر”.
ماذا وراء هذا التغير؟
مر الخطاب الإعلامي لجبهة النصرة بعدة مراحل، ورغم حفاظه على وتيرة الخطاب الداخلي ضد فصائل معارضة والنظام السوري، شهد انفتاحًا وتغيرًا متواليًا في علاقاته الخارجية خاصة مع انحسار السيطرة إلى محافظة إدلب وخسارات متوالية للمعارضة أمام النظام السوري، وهو ما لم يرق حتى لعدد من أنصار الفصيل الذين بدأوا مراجعات لركائز الفصيل وعلاقاتهم معه وسلوكه الإعلامي.
المنظر الجهادي والقيادي السابق في “النصرة”، الكويتي علي العرجاني، يقول لعنب بلدي إن “المتابع لخطابات النصرة الإعلامية يجد فيها النفس البراغماتي وترويج ما يحققونه من مكاسب تخصهم في كل مرحلة، وأقول تخصهم لأنهم تركوا الإعلام الجهادي النافع للشباب والأمة، بل هناك معارك هادفة وفتوحات لمواقع قام بها البطل مختار العسكري -رحمه الله- تعمدوا تركها وعدم نشرها وكان يلقبهم بـ (المنارة السوداء!)”، في إشارة إلى مؤسسة “المنارة البيضاء” التي كانت في طليعة المؤسسات الإعلامية الناطقة باسم “النصرة”.
ولا يستغرب العرجاني التقلبات المرحلية لدى الفصيل بحسب المصلحة، فـ “الجولاني يدير الإعلام بنفسه وهو معروف بهوسه بحب السلطة، وقد استخدم الخطاب الديني كوسيلة للتأثير وتقطيع المراحل، فمن باب أولى أن يكون هذا حاليًا حيث تتطلب مرحلته المكاسب السياسية والعلاقات الدولية، بعد أن كان يراها جريمة وانحرافًا”.
ويلفت المنظّر الكويتي إلى أن الخطاب لم يحافظ على نمط واحد حتى مع إعلام الفصائل المحلية، مشيرًا إلى استخدام البراغماتية داخليًا، ضاربًا أمثلة عن الواقع الإعلامي مع “فيلق الشام” و”أحرار الشام”، وغيرها من الفصائل. وقد اعتمدت “تحرير الشام” سياسة محايدة تجاه بعض الفصائل كـ “نور الدين الزنكي” لكنها انقلبت عليها واستأصلتها مطلع عام 2019، من ريف حلب الشمالي.
تراجع “المنارة البيضاء”.. طور أفول
كانت مؤسسة “المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي” المخول الوحيد والحصري بنشر كل ما يصدر عن “جبهة النصرة لأهل الشام”، وتقوم بنشر موادها عبر المواقع الجهادية، بحسب ترويسة كانت تفتتح بها الإصدارات الخاصة بالفصيل، لكن مع الخلاف بين تنظيم “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” خبا نجم “المنارة البيضاء”، إذ انتقل كادرها إلى صفوف التنظيم مع الناطق باسمه “أبو محمد العدناني”، الذي كان يدير المؤسسة.
وسميت “المنارة البيضاء” استنادًا إلى نبوءة تقول إن المسيح (عليه السلام) ينزل في “آخر الزمان” عند المنارة البيضاء، وسط اختلاف لدى مفسري الحديث النبوي بتحديدها بين منارة المسجد الأموي الشرقية ومنارة “باب شرقي” لسور دمشق.
ورغم استمرار إصدارات “المنارة البيضاء” لصالح النصرة حتى مطلع 2016، لم تكن الإصدارات بقوة واحترافية ما يقدمه تنظيم “الدولة”، مع استثناء بعض الإصدارات كـ “ورثة المجد” الصادر في أيلول 2015.
وفي ظل تراجع “المنارة البيضاء”، سد شرعيون وقياديون الفجوة التي برزت في الجهاز الإعلامي، عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ومدوناتهم، إلى جانب شبكة “مراسل” التي كان يديرها القيادي “أبو ماريا القحطاني” وتفرعت إلى عدة مناطق (مراسل حماة، إدلب، حلب، الساحل، حوران) كخطوة تقلد عمل المكاتب الإعلامية للولايات التابعة لتنظيم “الدولة”، كما توجه الفصيل إلى قنوات عبر “تلغرام” تشابه قنوات الفصائل العسكرية التابعة لـ “الجيش الحر”.
بعدها بدأ الفصيل بالاعتماد على مؤسسات جديدة، أبرزها جريدة “إباء” ومؤسسة “أمجاد للإنتاج المرئي”، وشبكة “إباء الإخبارية”، بالإضافة إلى حساباتها عبر مواقع التواصل، والتي تنشط خاصة في “تويتر” و”تلغرام”.
ويلاحظ تراجع جودة المحتوى الذي تقدمه هذه المؤسسات، كوكالة “إباء الإخبارية”، التي تستخدم لغة بسيطة “منفتحة،” وهو ما يساعد على وصولها بشكل أكبر إلى المتلقين من غير المناصرين، لكن يمكن في ذات الوقت إيجاد ركاكة وأخطاء نحوية في النصوص، وهو ما تفادته وسائل الإعلام الجهادية في وقت سابق، أو وسائل الإعلام الناطقة باسم تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وتوجهت عنب بلدي بالأسئلة عن هذا التغير إلى مسؤول العلاقات الخارجية في “تحرير الشام”، عماد الدين مجاهد، إلا أنه رفض التعليق، معتقدًا أنه لا فائدة من تناول هذا الموضوع.
خطاب الشرعيين.. أزمة أم سياسة إعلامية؟
في مقابل إعلام مركزي شمولي لدى تنظيم “الدولة”، يعاب على خطاب “جبهة النصرة” عدم تماسك خطابها الإعلامي، إذ لطالما وضع شرعيو الفصيل قيادته في ورطات واضطرها للتعقيب عليها، وكان آخرها الخلاف بين الشرعي “أبو اليقظان المصري” الذي حرم القتال في شرق الفرات تحت راية تركيا “العلمانية” بحسب تعبيره، وبين القائد العام للفصيل “أبو محمد الجولاني” الذي دعم التوجه للسيطرة عليها.
ويرى المنظّر الكويتي علي العرجاني أن من سياسة “الجولاني” استخدام عدة تيارات في جماعته، ويسمح لها بالكتابة بحدود معينة، ويقوي جانبًا على جانب بحسب متطلبات المرحلة، وهو ماهر بذلك”، ففي مرحلة البغي وقتال الفصائل يرفع من إعلام الغلاة، وفي وقت السياسة يرفع من الإعلام السياسي، ووقت التمييع يرفع المميعة كما أطلق عليهم… وهكذا”.
وأما الشرعيون فيكتبون للتخدير والحماسة والترقيع، بحسب العرجاني، وهي وظيفتهم الحقيقية في جماعتهم، بحسب تسريبات صوتية لقادة في الفصيل من بينهم “الجولاني”، فـ “نجد كتابات الشرعيين في وادٍ، وقرارات الجولاني التي تعقد في الخفاء ويعمل عليها بالتدرج المرحلي في وادٍ ثان، وبالتالي فلا قيمة لهم”.
بينما تبنى تنظيم “الدولة الإسلامية” منهجيًا عقديًا واضحًا، وإن كان منحرفًا، بحسب المنظر السلفي، وسخر الإعلام من أجله، ولذلك كان أكثر تماسكًا فيه.
ويشير المنظّر إلى أن “الجولاني” في كل قراراته يتمترس خلف شخصيات بارزة في الفصيل، فتظهر تلك الشخصيات في الواجهة بينما يسيّر “الجولاني” العمل داخليًا، فإن وقع فشل تُذم تلك الشخصيات.
وعن عودة التنظيمات الجهادية، على غرار ما حصل بعد خسارات متلاحقة في أماكن متفرقة من العالم، كالعراق وأفغانستان، لا يجد العرجاني بدائل حاليًا في سوريا مع ضمور الأدوات العسكرية والسياسية، ويقول “التنظيمات الجهادية لديها صلابة عقدية وقتالية ولذلك تستطيع إعادة ترتيب صفوفها ولو خسرت في معارك معينة، إلا أن الخيارات محدودة حاليًا فواقعها في سوريا ضيق وصعب، ولا أظن أنهم يمتلكون البدائل غير ما يصرحون به وهو القتال مهما كانت الظروف”.
أبرز الإصدارات التي نشرتها “جبهة النصرة”
الإعلان عن التشكيل
في 24 من كانون الثاني 2012، كان الإعلان عن تشكيل “جبهة النصرة لأهل الشام” بتسجيل صوتي لقائده “أبو محمد الجولاني”.
حدد الهدف من التشكيل بـ “إعادة سلطان الله إلى أرضه وأن نثأر للعرض المنتهَك والدم النازف ونرد البسمة للأطفال الرضّع والنساء الأرامل”.
واستنكر “الجولاني” الدعوات لتدخل غربي في سوريا، معتبرًا أنها “استعانة بالعدو الغربي للخلاص من العدو البعثي، وهي دعوة شاذة ضالة وجريمة كبرى”.
اقتحام مبنى الأركان
في سلسلة عنونتها “المنارة البيضاء” بـ “بداية النهاية” عرضت مشاهد من اقتحام مبنى هيئة الأركان في دمشق، في26 من أيلول 2012، واستعرضت دخول أربعة مقاتلين انغماسيين إلى المبنى واشتباكهم مع قوات النظام السوري.
ورثة المجد
أصدرته “المنارة البيضاء” في حزيران 2015، ولم يتطرق إلى العمليات والمعارك في سوريا، وإنما سرد واقع الحياة في جزيرة العرب أيام الجاهلية، ثم تطور العلاقات في المنطقة مع دخول الإسلام، وبعدها حال الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، قبل الانتقال إلى العصر الحديث والحديث عمن وصفهم الفيلم بـ “رموز الجهاد”.
واستخدمت فيه لأول مرة أغنية للمنشد محمد مصطفى (أبو راتب)، المحسوب على حركة “الإخوان المسلمين”، عوضًا عن الأناشيد الجهادية المعتادة.
وفي الجزء الثاني من “ورثة المجد” الذي نشر في آذار 2016، ظهر عدد من الشخصيات والقياديين في الفصيل لأول مرة على وسائل الإعلام، ومن بينهم عبد الرحمن عطون (أبو عبد الرحمن الشامي) وأحمد سلامة مبروك (أبو الفرج المصري) وأمير جبهة النصرة في القلمون جمال حسين زيدية (أبو مالك التلي).
فك الارتباط
في أول ظهور له في تسجيل مصور نشرته قناة “الجزيرة” القطرية، في 28 من تموز 2016، أعلن “الجولاني” فك الارتباط بتنظيم “القاعدة” وتشكيل فصيل “فتح الشام”، مؤكدًا أن الفصيل الجديد “لن تكون له علاقة بأي جهة خارجية”.
واعتبر أن الإعلان يأتي بهدف “تقريب المسافات بين فصائل المجاهدين في الشام، وحماية الثورة السورية وجهاد أهل الشام”، مضيفًا أنه “جاء تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي”.
السكة
في تشرين الثاني 2018، نشرت “مؤسسة أمجاد” إصدارًا مرئيًا بعنوان “السكة” ردًا على الاتهامات التي وجهت للفصيل بالانسحاب من مناطق شرق سكة الحجاز (في ريف إدلب) بموجب اتفاقية أستانة بين روسيا وتركيا وإيران.
ويظهر الإصدار مجريات المعارك التي استمرت 130 يومًا في المنطقة في مواجهة النظام السوري وروسيا، وتعليق “الجولاني” على المعارك، مهاجمًا فصائل قال إنها لم تشارك في هذه المعارك.
وسائل التواصل الاجتماعي.. بيئة خصبة لنشاط الجهاديين
تحدد وسائل التواصل الاجتماعي في سياساتها وشروط استخدامها قواعد من المفترض أنها صارمة فيما يخص نشر وتداول المحتوى الذي يحض على العنف أو الكراهية، والمحتوى الذي يروّج للفكر المتطرّف، سواء كان مكتوبًا أو مرئيًا.
أغلب هذه السياسيات تمت صناعتها عقب تزايد انتشار التنظيمات الجهادية المتشددة، خاصّة في سوريا، أي بعد العام 2014، لكنها لم تكن رادعة، بل كان المحتوى المتعلق بالأفكار المتطرفة يشهد تزايدًا مطردًا مع تزايد النشاط الجهادي على الأرض.
شكّلت شبكات التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنمو الفكر الجهادي، وهو ما أكدته دراسات وتقارير عدّة سترد في التقرير، واعتمد نمو هذا الفكر على الترويج للمضامين التي يقوم عليها العمل الجهادي، والتسويق له لجذب المنتسبين الجدد، أو لكسب مؤيدين حول العالم، وهو ما نجح بالفعل إلى حدّ كبير.
اليوم، ومع تراجع نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية” في آخر معاقله في سوريا، لا يزال فكره موجودًا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لم تترافق الهزيمة على أرض الواقع وفي ساحات المعارك، مع تلاشٍ كاملٍ في الواقع الافتراضي، حيث لا تزال الكثير من الحسابات على “فيس بوك” و”تويتر” و”تلغرام” تبث وتنشر ما يروج لفكر التنظيم، وكذلك الأمر بالنسبة لتنظيمات أخرى كتنظيم “القاعدة”، وما يرتبط به من جماعات في سوريا.
ففي 17 من أيار الماضي، نشر مركز “The Digital Citizens Alliance” الأمريكي و”المركز العالمي لإنفاذ الملكية الفكرية” تحقيقًا قال فيه إن منصات رقمية مثل “جوجل” و”فيس بوك” و”إنستغرام” و”يوتيوب” “لا تزال تستضيف مئات الإرهابيين العنيفين والمزعجين، وتنشر أشرطة الفيديو والصور والمشاركات التي يبقى الآلاف منها على الإنترنت لعدة أسابيع ليراها الآلاف من المستخدمين، ما يمنح الإرهابيين منصة قيّمة لنشر الكراهية وتجنيد الأعضاء”.
ووجد التحقيق أن “المنصات الاجتماعية تزخر بصور عديدة للعنف بما في ذلك قطع الرؤوس، ورمي الضحايا من فوق أسطح المنازل”.
“فيس بوك” يحارب
يعرّف موقع “فيس بوك” في “معايير المجتمع” التي يحددها مفهوم “المنظمة الإرهابية” بأنها
“أي منظمة غير حكومية تنخرط في أعمال عنف متعمدة ضد أشخاص أو ممتلكات لتخويف السكان المدنيين أو الحكومات أو المنظمات الدولية من أجل تحقيق هدف سياسي أو ديني أو فكري.
يُطلق لفظ إرهابي على أي شخص ينتمي إلى منظمة إرهابية أو يرتكب أعمالًا إرهابية”.
كما تعرف “العمل الإرهابي” بأنه “عمل عنف متعمد ضد الأشخاص أو الممتلكات يقوم به شخص أو جهة غير حكومية لترهيب السكان المدنيين أو الحكومات أو المنظمات الدولية من أجل تحقيق هدف سياسي أو ديني أو فكري”.
ونتيجة ذلك لا يسمح “فيس بوك”، كما يوضح في “شروط الاستخدام” على الموقع، “بوجود أي منظمات أو أشخاص يشاركون في الأنشطة الإرهابية، الكراهية المنظمة، القتل الجماعي أو المتسلسل، الإتجار بالبشر، العنف المنظم أو الأنشطة الإجرامية، والمحتوى الذي يعبر عن دعم مجموعات أو زعماء أو أشخاص ضالعين في هذه الأنشطة أو يمدحهم”.
ويتخذ موقع التواصل الاجتماعي، الأكثر استخدامًا في العالم، خطوات عدة لمحاربة هذا المحتوى، أبرزها الحذف الحظر وإغلاق الصفحات التي تنشر هذا المحتوى.
في أيار عام 2018، أعلن موقع “فيس بوك” أن “خوارزمياته تصيد 99.5٪ من المحتوى المتعلق بالإرهاب، الذي تحذفه قبل أن يقوم مستخدم واحد بالإبلاغ عنه”، وقال الموقع إن هذه النسبة تشكل تحسنًا بما يعادل 2٪ بالمقارنة مع العام الذي سبقه، أي 2017.
ورصدت عنب بلدي إغلاق عشرات الصفحات الجهادية السورية التي يوفر روابطها “دليل فيس بوك الجهادي” المنشور على موقع ” Jihadica” المتخصص بالترويج للفكر الجهادي.
بالمقابل رصدت عنب بلدي مؤخرًا بعض التعليقات على منشورات “فيس بوك” تحمل نَفسًا جهاديًا، يتضمن على سبيل المثال الدعوة إلى “عودة دولة الخلافة”.
“تويتر” يزيل الحسابات المشبوهة
في شهر تشرين الثاني عام 2014، ومع ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا، نشرت وكالة “رويترز” تقريرًا قالت فيه إن الجماعات “الجهادية المتطرفة” تنشر 90 تغريدة كل دقيقة عبر “تويتر”، في سياق الدعاية لأفكارها وعملياتها في كل من سوريا والعراق، وأضافت أن جماعات إسلامية تقاتل في سوريا، كـ “تنظيم الدولة” و”جبهة النصرة” و”جبهة تحرير سوريا”، عمدت إلى “تويتر” بوصفه الخيار الأول لحملات الدعاية والتجنيد واستقطاب المقاتلين من حول العالم.
وفي عام 2015 أصدر معهد “بروكينغز” الأمريكي تقريرًا قال فيه إن لدى تنظيم “الدولة” ما لا يقل عن 46000 من متابعي “تويتر”.
واستمرّ “تويتر” خلال الأعوام التالية بإتاحة حيّز للفكر الجهادي لينشط عبر صفحاته، وفي عام 2017 أعلن الموقع عزمه فرض إجراءات صارمة ضد ترويج خطاب الكراهية والعنف على صفحاته، وقالت شركة “تويتر” إن الحسابات التي تخرق القواعد الجديدة، سيكون مآلها الإغلاق بشكل دائم.
ويحدد “مركز المساعدة” في “تويتر” “سياسة السلوكيات الباعثة على الكراهية”، مخاطبًا المستخدمين، “لا يجوز لك الترويج للعنف ضد الأشخاص الآخرين أو مهاجمتهم مباشرة أو تهديدهم”، ويضيف “نحن نمنع أي محتوى يحمل في طياته تهديدات عنيفة تجاه شخص محدد أو مجموعة أشخاص محددين. التهديدات العنيفة هي عبارات تصريحية تشير إلى النية في إحداث إصابة جسدية قد تكون خطيرة أو دائمة قد ينجم عنها وفاة الشخص المصاب أو تعرّضه لإصابات فادحة”.
وفي حال حظر “تويتر” أي حساب لمخالفته “شروط الاستخدام” التي يحددها، يبيّن ذلك لباقي المستخدمين، عبر التنويه إلى أن حسابًا ما قد أغلق لمخالفته قواعد محددة.
وكشف “تويتر” مطلع العام الفائت أنه قام بإزالة ما يقرب من 275000 “حساب إرهابي” بين 1 من تموز و31 من كانون الأول 2017. كما قالت الشركة في منشور على موقعها الخاص إنها حظرت أكثر من 1.2 مليون “حساب إرهابي” منذ آب 2015.
“تلغرام”.. التشفير يوفر الأمان لـ “الجهاديين”
يستخدم تطبيق “تلغرام”، الذي أنشئ عام 2013 لتبادل الرسائل، آليات تشفير خاصة، تجعله من أكثر التطبيقات أمانًا بالنسبة للمستخدمين، كما يمنع أجهزة الاستخبارات من تعقب مرسلي ومستخدمي الرسائل ما جعل من الموقع البيئة الأكثر خصوبة لنشر المحتوى المتعلق بالجماعات “الجهادية”، وذلك وفق تأكيدات مصمم البرنامج، إذ اعترف مؤسس تطبيق “تلغرام”، بافيل دوروف، في تصريح لقناة “CNN” الأمريكية، في نيسان عام 2015، أن “إرهابيين نسقوا عملياتهم عبر التطبيق”.
وفي عام 2016 اعترضت شركة “تلغرام” على الاتهامات الموجهة إليها بالتهاون في إيقاف استخدام تنظيم “الدولة الإسلامية” لمنصتها “في نشر رسائل التنظيم الإرهابي”، وقالت في رسالة بثتها عبر تطبيقها حينها “إنها تقوم يوميًا بحجب أكثر من 60 قناة ذات علاقة بداعش وأكثر من 2000 قناة شهريًا”.
كما أعلنت إدارة التطبيق في تموز عام 2017 عن تأسيسها فريقًا لمحاربة المحتوى “الإرهابي” وحذفه قبل أن ينتشر، منعًا لوصوله لعدد كبير من المستخدمين، وذلك بحسب تقرير لصحفية “ذا وول ستريت جورنال”.
وحظرت عدة دول تطبيق “تلغرام” بينها روسيا وإيران، كما طالبت حكومات عدة الشركة بإلغاء تشفير المحادثات.
لكن لا تزال هناك الكثير من الحسابات المرتبطة بالجهاديين نشطة حتى الآن، إذ رصدت عنب بلدي عشرات الحسابات والمجموعات تحمل اسم “الجهاد” أو “المجاهدين” أو “الخلافة”، تنشر محتواها حتى الآن.
“أركايف”.. إصدارات “داعش” في الحفظ
بينما تقوم مواقع “فيس بوك” و”تويتر” و”يوتيوب” بحذف المحتوى المرئي المتعلق بالتنظيمات المتشددة، لا تزال الكثير من إصدارات تنظيم “الدولة الإسلامية” والمواد المرئية المتعلقة به، محفوظة على موقع “أركايف” وهو مكتبة أرشيف إلكترونية ضخمة.
يوفر موقع “أركايف” أربعة ملايين مقطع فيديو، وثلاثة ملايين صورة إلى جانب مليارات صفحات الويب والكتب، بحسب المعلومات التي يوفرها الموقع.
ويمكن لأي شخص لديه حساب مجاني تحميل الوسائط من الموقع، ويمكن إنشاء حساب بشكل بسيط عبر حساب بريد إلكتروني وكلمة سر، ما يمكن أي شخص من رفع المحتوى على الموقع.
في بحث أولي أجرته عنب بلدي في الموقع، باستخدام اسم “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”، ظهرت أكثر من 30 نتيجة بحث، أغلبها إصدارات مرئية ودروس عسكرية للتنظيم وأناشيد جهادية، أما نتائج البحث عن الاسم بالإنكليزية “Islamic State” فكانت أكثر وأغلبها مرتبط بالتنظيم أو يروّج له.
بحسب تحقيق لموقع “Medium” الأمريكي، نُشر في كانون الثاني 2018، فإن المتعاطفين مع تنظيم “الدولة الإسلامية” يستخدمون “أركايف” كمنصة لإيصال “الدعاية المتطرفة” عبر الإنترنت”.
ووفق التحقيق فإن “أركايف” كان واحدًا من “أفضل خدمات مشاركة الملفات” التي تمت الإشارة إليها في روابط ضمن تغريدات على “تويتر”، كما لوحظ أيضًا أن “أركايف” كان يظهر في أعلى نتائج البحث الأولي على “تلغرام”، فيما يخص المحتوى المتعلق بالتنظيمات المتشددة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :