يتداول المؤيدون للثورة السورية في حمص تدني الحالة المعنوية لدى الموالين للنظام في المدينة، كمقابل للصعوبات التي يواجهها المؤيدون للثورة، ويؤكدون أن استهداف أحياء الموالين في الفترات السابقة بالتفجيرات يؤثر بشكل قوي على حاضنة النظام في هذه الأحياء.
قمنا بالدخول إلى حي عكرمة الموالي لمعاينة واقع الحي وساكنيه والمحال التجارية. تجولنا في شارع الحضارة والمكان الذي استهدفه تفجير شهر كانون الثاني الماضي. في خطوة من جانب المسؤولين الحكوميين لتعزيز الإجراءات الأمنية تم إغلاق شارع الحضارة بشكل كامل أمام السيارات، ولوحظ عودة المحال التجارية المتضررة من التفجير إلى العمل، وكذلك استمرار عمل مراكز تجارية مهمة، كصالة عملاء لمخدم خليوي وبنك تجاري وشركة نقل بري، إضافة إلى عمل المطاعم والكافيتريات الملاصقة لمكان التفجير بشكل نشط وكأن شيئًا لم يحدث، رغم وجود لافتات ضخمة لشهداء قضو في التفجير الأخير معلقة فوق هذه المطاعم، كذلك تم وضع حواجز مانعة لركن السيارات على طول شارع الحضارة، أما المشاهدة الأبرز فكانت تجول نساء محجبات في الشارع، في إشارة ربما لقدرة المنتمين لأحياء محسوبة على الثورة على التجول بحرية في هذه المنطقة دون وجود أي ردة فعل ضد من يمكن اعتباره مواليًا لمن تسبب بهذه التفجيرات.
يمكن استشعار جو من الحذر والخوف، كالانتشار الأمني ومنع وقوف السيارات إلا لأصحاب المحلات القريبة، وهذا ما تدعمه منشورات مستمرة على صفحات التواصل الاجتماعي الموالية للنظام السوري تحذر بشدة وبشكل يوحي بترقب دائم لأي تفجير جديد. وتشمل هذه التحذيرات: التواجد في الأماكن المزدحمة والمدارس، والانتباه من السيارات المركونة التي ﻻ يُعرف أصحابها، ومطالبة أصحاب المحلات ترقب السيارات المشبوهة لإبلاغ السلطات الأمنية. كذلك أحيطت المدارس بحواجز إسمنتية تمنع وقوف سيارات بالقرب منها.
وللتذكير فإن التفجير الذي حدث عند مدرسة عكرمة المخزومي في الأول من تشرين الأول 2014 سقط جراءه عشرات الضحايا جلّهم من الطلبة.
كل هذه الإجراءات تعطي مؤشرًا قويًا لاستنفار أمني وشعبي خوفًا من أي استهداف جديد غير متوقع للحي.
ويعاني سكان الأحياء الموالية هذه الأيام من ظاهرة عانت منها بشكل أكبر الأحياء المحسوبة على الثورة السورية في وقت سابق، وهي ظاهرة «الخطف». ويتداول الموالون للنظام على صفحات التواصل الاجتماعي حالات اختطاف من قلب هذه الأحياء ويتم تحذير السكان بجدية لعدم الاقتراب من «ميكروباص» مشبوه أو مساعدة امرأة مسنة أو طفل تائه، أو عدم ركوب النساء سيارات أجرة بدون مرافق، ووصل الأمر لمطالبة صفحة «أخبار المنطقة الوسطى في حمص» الموالية للنظام السكان بترك مسافة عندما يتحدث إليهم أي شخص غريب.
يُذكر أنه لا يوجد أي فصيل معارض يسيطر على منطقة قريبة من هذه الأحياء بعد خروج مقاتلي الجيش الحر من أحياء حمص القديمة في شهر أيار عام 2014، باستثناء عناصر من الجيش الحر في حي الوعر المحاصر بشكل كامل.
يقول «ف.أ» وهو مدرّس من قرية موالية للنظام في ريف حمص ومقيم في حي موال للنظام في حمص، إنه يفكر جديًا في العودة للاستقرار في قريته مبررًا أن «هناك غلاء في المعيشة وأجور السكن إضافة لتراجع الأمان والاستقرار في الحي».
يبدو جليًا أن هناك محاولات مستمرة من قبل المسؤولين الحكوميين وسكان هذه الأحياء لتسيير الحياة وتعزيز الأمان والحياة التجارية، ولكن ما يظهر هو معاناة سكان هذه الأحياء من الخوف والهلع وغياب الشعور بالأمان إضافة لانتشار خلايا فاسدة تعمل خارج سيطرة الحكومة.