ضخامة البروستات الحميدة عند الرجال

  • 2019/02/17
  • 11:16 ص
ضخامة البروستات الحميدة عند الرجال

د. أكرم خولاني

قد تصاب غدة البروستات عند الرجال بالعديد من المشاكل كالتضخم الحميد أو الالتهاب أو السرطان، ومع أن لكل منها خصوصيتها، إلا أن الكثيرين لا يدركون الفرق بين هذه الأمراض فيخلطون بينها، ولذلك سنعرف في مقالنا هذا عن أشيع هذه الأمراض وهو ضخامة البروستات الحميدة.

ما هي غدة البروستات؟

البروستات أو الموثة هي غدة توجد عند الرجال فقط، إذ تشكل جزءًا من جهاز التكاثر لدى الذكر، تقع إلى الأسفل والخلف من المثانة، وتحيط بالإحليل، وهو الأنبوب الذي ينقل البول من المثانة إلى خارج الجسم.

وتكون في الأحوال الطبيعية بحجم حبة الجوز، فلا تتجاوز أبعادها 3 سم طولًا و4 سم عرضًا ووزنها حوالي 25غ، وتتكون غدة البروستات من جزأين، جزء مركزي غدي (هو الذي يكبر حجمه مسببًا ما يعرف بضخامة البروستات) ومحيطي مكون من عضلات وأنسجة ليفية (هو الذي يحدث على حسابه سرطان البروستات).

وتملك هذه الغدة وظيفة أساسية في تكوين السائل المنوي، إذ تقوم بإنتاج سائل أبيض ثخين يتحول إلى سائل أقل كثافة بواسطة بروتين يسمى المستضد النوعي للبروستات PSA ثم يمتزج هذا السائل مع الحيوانات المنوية (النطاف) التي تنتجها الخصيتان لتشكيل السائل المنوي، حيث يستطع هذا السائل تأمين وسيلة النقل للنطاف وتأمين الوسط والغذاء والحماية لها في أثناء رحلتها الخارجية لإتمام عملية الإلقاح.

ما المقصود بضخامة البروستات الحميدة؟

يزداد حجم غدة البروستات بشكل طبيعي مع تقدم العمر، حتى إنها تصبح بعد سن الـ60 ضعف إلى ثلاثة أضعاف حجمها الأصلي، ولكن عندما تتضخم أكثر من ذلك يحدث ما يسمى ضخامة البروستات الحميدة (BPE)، وتُسمَّى أيضًا فرط تنسُّج البروستات الحميد (BPH)، وهذا التضخم من الناحية التشريحية هو عبارة عن ورم ليفي ينشأ غالبًا في الجزء الأوسط الغدي من البروستات، ولكن طبقة النسيج التي تغلف البروستات تحول دون توسعها، ما يؤدي إلى ضغط البروستات على الإحليل ويعيق عملية إخراج البول، كما يحدث احتقان وانقباضات في البروستات تعيق أيضًا نزول البول، فيعاني المريض من أعراض بولية مزعجة.

وتعتبر ضخامة البروستات الحميدة شائعة جدًا بين الرجال، فهي تشاهد عند 40% من الرجال الذين تجاوزوا 50 سنة، وعند 90% من الرجال بعد سن الخامسة والثمانين.

ما أسباب حدوث ضخامة البروستات الحميدة؟

بالرغم من شيوع هذا المرض تبقى الأسباب الدقيقة وراء حدوثه مجهولة، إلا أن العديد من الدراسات  ترجح أن السبب هو زيادة حساسية خلايا البروستات للهرمون الجنسي الذكري تستوستيرون، ما يؤدي إلى استمرار نموها في السنوات التالية للبلوغ، كما أن هناك عوامل خطورة تزيد من احتمال إصابة الرجل بضخامة البروستات، ومن هذه العوامل:

  • التقدم في العمر: نادرًا ما يسبب تضخم البروستات أعراضًا عند الرجال قبل عمر الأربعين، في حين يعاني ثلث الرجال في عمر الستين من أعراض تتراوح من المتوسطة إلى الشديدة، وتصل النسبة إلى النصف في عمر الثمانين.
  • القصة العائلية: تلعب الوراثة دورًا مهمًأ في غالبية أمراض البروستات، لذلك فإن وجود أحد أقارب الدرجة الأولى (أب أو أخ) مصاب بضخامة البروستات يزيد من احتمال إصابة الرجل بها.
  • الداء السكري وأمراض القلب: تظهر بعض الدراسات أن الإصابة بمرض السكر وأمراض القلب وكذلك استعمال الأدوية حاصرات بيتا تزيد خطورة الإصابة بضخامة البروستات.
  • أسلوب الحياة: تزيد البدانة والعادات الغذائية غير الصحية من خطورة الإصابة بضخامة البروستات، وبالمقابل تنقص ممارسة الرياضة المعتدلة منها.

ما أعراض الإصابة بضخامة البروستات؟

لا يحدد حجم البروستات بالضرورة مدى شدة الأعراض، فيمكن أن يعاني بعض الرجال المصابين بتضخم البروستات الطفيف من أعراض خطيرة، بينما يمكن أن يعاني بعض المصابين بتضخم شديد في البروستات من أعراض ضعيفة، وتستقر الأعراض مع مرور الوقت لدى بعض الرجال وربما تتحسن، وتشمل الأعراض:

  • الحاجة المتكررة أو المُلحّة للتبول: خاصة في الليل، وقد تسبب سلس البول.
  • الحاجة لاستخدام الجهد الداخلي للتبول.
  • صعوبة في التبول: تردد وصعوبة بِدء تدفق البول، أو ضعف رشق البول، أو تقطعه، أو تقطير في نهاية التبول.
  • الشعور بالألم في أثناء التبول أو القذف.
  • نزول دم في أثناء التبول: وينتج الدم عن توسع الأوردة على سطح البروستات المتضخمة.
  • الشعور بعدم إفراغ المثانة بشكل كامل.
  • احتباس البول: وهذه الحالة تحتاج لتداخل إسعافي لتفريغ المثانة بواسطة إدخال قسطرة بولية، وعلى الرغم من اعتبار حصر البول المفاجئ مضاعفة أكثر من كونه عرضًا إلا أنه وفي كثير من الحالات قد يكون العرض الأول والوحيد لضخامة البروستات، وقد يتكرر في فترات متقطعة أو متقاربة، وهو أحد أهم دواعي استخدام الجراحة كعلاج.

ما مضاعفات ضخامة البروستات؟

  • التهابات المسالك البولية: بسبب عدم القدرة على تفريغ المثانة من البول يمكن أن تنمو الجراثيم في المثانة، وتظهر رائحة مع البول.
  • العجز الجنسي: يحدث في حوالي 50% من الحالات.
  • تلف المثانة: ينتج عن عدم تفريغ المثانة زيادة في سمكها، فتفقد قدرتها على الانقباض بشكل طبيعي.
  • تلف الكلى: يمكن أن يحدث نتيجة وصول عدوى المثانة إلى الكلى، أو نتيجة استسقاء الكليتين لفترة طويلة الناجم عن انسداد مجرى البول.
  • حصوات المثانة: بسبب عدم القدرة على إفراغ المثانة تمامًا يتكثف البول وتتشكل حصيات، ويمكن أن تسبِب هذه الحصيات التهابات شديدة، ودمًا في البول، وتهيج المثانة، وانسداد تدفق البول.

كيف يتم تشخيص الإصابة بضخامة البروستات؟

عند وجود شك بأن هناك تضخمًا في البروستات يجب التوجه إلى طبيب المسالك البولية، والذي قد يلجأ إلى الفحوصات التالية:

  • تحليل البول: للتحقق مما إذا كانت الأعراض ناجمة عن عدوى في الجهاز البولي مثل التهاب المثانة أو التهاب الكلية.
  • المس الشرجي: هذا الفحص هو الفحص الأول الذي يجريه الطبيب المختص، وفيه يدخل الطبيب إصبعه في الفتحة الشرجية ويحاول جس البروستات عبر المستقيم، ويعطي هذا الفحص معلومات أولية عن حجم البروستات وحالتها.
  • فحص دم PSA (فحص المستضد البروستاتي النوعي – Prostate specific antigen – PSA): يجرى فحص PSA بالتوازي مع فحص المس الشرجي، وذلك للمساعدة في الكشف عن سرطان البروستات عند الرجال في سن خمسين عامًا وما فوق، وقد يدل الارتفاع الكبير عن مستواه الطبيعي إلى وجود إصابة بسرطان البروستات، ولكن لا يمكنه حسم التشخيص.
  • التصوير بالأمواج فوق الصوتية عبر جدار البطن: ويتم من خلاله قياس حجم البروستات، وكمية البول المتبقية في المثانة بعد التبويل.
  • التصوير بالأمواج فوق الصوتية عبر المستقيم: يتم باستخدام مسبار خاص يوضع داخل المستقيم، ويتم من خلاله قياس حجم البروستات، ويمكن استبعاد وجود سرطان البروستات.

ما خيارات المعالجة؟

يعتمد تقرير العلاج المناسب للمريض على حجم الغدة المتضخمة، وشدة الأعراض وتأثيرها على نوعية الحياة، وعمر المريض وحالته الصحية العامة، فقد لا تكون هناك ضرورة للعلاج الطبي الفوري عندما تكون الأعراض خفيفة، وإنما يكفي تغيير نمط الحياة، ولكن ينبغي إجراء مراقبة دورية منتظمة لغدة البروستات، وتتضمن العلاجات:

أولًا- تغيير نمط الحياة: قد يساعد اتباع بعض النصائح في تخفيف أعراض المرض أو على الأقل تجنب تفاقمها ومنها:

  • الانتباه إلى عدم تناول الأدوية التي قد تزيد من حدة الأعراض مثل مضادات الاكتئاب وحاصرات بيتا ومضادات الاحتقان ومضادات الهيستامين.
  • تحديد كمية السوائل المتناولة في المساء وخصوصًا قبل ساعتين من النوم من أجل تقليل عدد مرات الاستيقاظ في الليل من أجل التبول.
  • تجنب الأعمال التي تتطلب فترات طويلة من الجلوس، ما يزيد الضغط على البروستات ويفاقم الركودة البولية المسببة للالتهابات المتكررة.
  • تجنب تناول المشروبات الغازية والمحلاة وكذلك المشروبات الغنية بالمنبهات مثل القهوة والشاي، وكذلك الكحوليات، لكونها تزيد من كمية البول وتهيج المثانة، ما يزيد شعور الزحير سوءًا ويفاقم القلق الموجود أصلًا بسبب الاستيقاظ المتكرر في أثناء النوم.
  • المحافظة على الجسم دافئًا، إذ يمكن أن تتسبب درجات الحرارة الباردة في احتباس البول وزيادة الحاجة إلى التبول.
  • الذهاب إلى دورة المياه بمجرد الشعور بالحاجة إلى ذلك، فالانتظار لفترة طويلة قد يؤدي إلى تمدد عضلات المثانة بشدة والتسبب في تلفها.
  • الحركة والنشاط وتجنب الخمول، فممارسة القليل من التمارين يمكن أن تساعد في الحد من مشكلات مجرى البول الناتجة عن تضخم البروستات.
  • الإكثار من تناول الخضار والفواكه والأغذية الغنية بالألياف النباتية لكونها تقلل من حدوث الإمساك، فالبراز القاسي المتراكم والضغط المطول في أثناء عملية التغوط يضغط على البروستات ويزيد من الأعراض البولية، والأغذية الغنية بأوميغا 3 (السّلمون، وبذور الكتان المطحون، والجوز)، والغنية بالزنك (بذور السمسم، وبذور اليقطين، واللوز، واللوبياء).

ثانيًا- العلاج الدوائي: تعد الأدوية الخيار العلاجي الأكثر استعمالًا لتدبير الأعراض البولية الخفيفة والمتوسطة، ومن أهم الأدوية المستعملة:

  • في الحالات البسيطة حبوب زيت بذور القرع.
  • في الحالات المتوسطة يتم استخدام حاصرات مستقبلات ألفا، وهي ترخي عضلات عنق المثانة ما يسهل إفراغها، ومنها دوكسازوسين وتيرازوسين وألفوزوسين وتامسولاسين، تملك هذه الأدوية بعض الآثار الجانبية المزعجة مثل الشعور بالدوار والقذف الراجع (وهي حالة سليمة يرجع فيها السائل المنوي إلى الخلف نحو المثانة بدلًا من الخروج عبر فوهة القضيب). ويمكن استخدام مثبطات 5-ألفا ريدوكتاز، وتقوم هذه المجموعة الدوائية بتقليص حجم البروستات عن طريق إعاقتها للتغيرات الهرمونية المؤدية لضخامة البروستات، ومنها فيناسترايد و دوتاسترايد، ومن أهم سلبيات استعمالها هي حاجتها لمدة قد تصل إلى ستة أشهر حتى تبدأ بالعمل بالإضافة إلى حدوث القذف الراجع. ويمكن اللجوء إلى استخدام أدوية من المجموعتين الدوائيتين معًا عندما تفشل إحداهما في التخفيف من الأعراض.

ثالثًا- العلاج الجراحي: يتم اللجوء إلى هذا الخيار لدى مرضى ضخامة البروستات في حالات محددة، من أهمها:

  • عند وجود أعراض بولية متوسطة أو شديدة.
  • فشل العلاج الدوائي في التخفيف من الأعراض.
  • وجود انسداد على مسير الطريق البولي، حصيات في المثانة، بول مدمى ومشاكل كلوية ناجمة عن الانسداد البولي المتكرر.
  • رغبة المريض في اللجوء إلى علاج جذري للمشكلة.

يتم استئصال البروستات المتضخمة عن طريق الجراحة التقليدية بإجراء شق جراحي أسفل البطن أو بالجراحة التنظيرية بالدخول عبر الإحليل، كما ظهر حديثًا ما يدعى بالجراحة عن طريق الليزر وذلك بإدخال مسبار رفيع في فوهة القضيب إلى الإحليل وإطلاق أشعة الليزر باتجاه البروستات، ما يؤدي إلى قطع وإذابة الأنسجة المتضخمة والتي تسد مجرى البول، وتتمتع هذه الطريقة بميزات كثيرة بالمقارنة مع الطريقة التقليدية من أهمها الحصول على نتائج فورية، ونزف أقل، وتقصير مدة البقاء في المشفى، وتعطي الجراحة نتائج ممتازة فيما يخص الأعراض البولية المزعجة لكنها تنطوي على الكثير من المضاعفات التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار، ولعل أهم المضاعفات هي إمكانية الإصابة بالعجز الجنسي واضطرابات الانتصاب نتيجة لإصابة الأعصاب في منطقة الجراحة.

أخيرًا.. ننوه إلى أن العلاقة بين الإصابة بضخامة البروستات الحميدة وسرطان البروستات تعتبر إحدى أكثر المغالطات المرتبطة بأمراض البروستات، فقد أظهرت الإحصائيات أن نسبة الإصابة بسرطان البروستات متساوية بين الذين يملكون بروستات طبيعية والذين لديهم بروستات متضخمة، فتضخم البروستات لا يؤدى إلى سرطان البروستات، مع أن كلا المرضين شائعان لدى كبار السن من الرجال.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية