دستور من خاطركم

  • 2019/02/17
  • 12:46 ص

إبراهيم العلوش

دستور من خاطر عائلة الأسد، وطموحها الطائفي والاستبدادي الذي يطحن الشعب السوري ويستبدل نصف الشعب السوري بالإيرانيين والأفغان وغيرهم.

دستور من خاطر بوتين وطائراته التي تلقي الصواريخ والكيماوي على السوريين، وهو يتقلب بالمناصب، مرة رئيس، ومرة رئيس وزراء احترامًا للدستور وتدليسًا للديمقراطية.

دستور من خاطر الخامنئي، وميليشياته التي تعمم الموت والتعذيب على السوريين، وتجعل السوري الطيب، هو السوري المنتمي إلى درع الأمن العسكري، أو إلى تشكيلات قاسم سليماني المتنوعة والملونة بالحقد، وبالأساطير التاريخية التي لا ينضب الطاعون من أشداقها.

دستور من خاطر حسن نصر الله الذي لا تزال هيبته، وعظمته، ملوثتين بالبحث عن ربطة الخبز، وحبة الدواء، على الحواجز السورية، وبفتح القصير وبتهجير أهلها، وصولًا إلى تهجير السوريين من لبنان إلى أحضان الأمن الجوي، والأمن العسكري، وما تيسر من أجهزة إدارة الجحيم السوري.

دستور من خاطر محافظ حمص الذي تسبب بكل هذه المعاناة للسوريين، وقصف المدن والقرى بالبراميل وبالكيماوي خلسة، وبعيدًا عن أنظار بشار الأسد الملاك الحارس للشعب السوري، وللعلمانية، والمواطنة، والديمقراطية، ولتشجير البادية، ولتهجير السوريين لجعل البلد أكثر انسجامًا.

دستور من خاطر سهيل الحسن، الذي حظي في طفولته بشرف إلقاء قصيدة بحضرة الأب القائد في معسكر الطلائع، وأثّرت بمسيرة حياته، وحوّلته إلى قصاب لجثث السوريين، ومندوب معتمد من قبل الاحتلال الروسي، ناهيك عن فلسفته في “وجود العالم ضد العالم”، التي أذهلت الجميع بمن فيهم عناصر المؤامرة الكونية ضد سوريا.

دستور من خاطر علي دوبا ومحمد سلمان ومحمد ناصيف وعلي مملوك وجميل حسن وحافظ مخلوف.. وبقية قطع الزرنيخ الأمنية التي تنتدب عنها مخبرين في المعارضة الشريفة، والتي تُعنى فقط بإدامة نعمة الخوف والتعذيب إلى يوم القيامة.

دستور من خاطر الشبيحة الذين أسالوا بحار الدماء في غرف التعذيب، وعلى الحواجز، وفاضت الجثث التي قتلوها مع نهر قويق، وفي سجلات النفوس، لتقتل أهالي الشهداء بعد أن قتلت أبناءهم المعتقلين.

دستور من خاطر المعفشين ومن ممتلكاتهم التي سيضمن الدستور تطويبها بأسمائهم، كمندوبين عن روسيا، وعن إيران، وعن الأسد في الحفاظ على أجهزة الدولة التي أدامت كل هذا القتل، وكل هذا التعذيب، وكل هذا الخوف، وجعلت البرد، والفقر، مستنقعًا يغمر كل من لا يشارك بالقتل بيديه وكل من لا يشارك بالتعذيب، وكل من لا يتعلم اللغات الجديدة في القمع من روسية وفارسية، لإدامة الاستقرار والأمان، ومن أجل أن ترجع أخته (الساعة ثلاثة بالليل) بحماية من اغتصبها.

دستور من خاطر أحمد حسون مفتي المعتقلات والسجون، ودستور من مخبري معاهد تعليم القرآن الأسدية، ومن التنظيم المسلح بالإيمان للأخوات القبيسيات، اللواتي يسبّحن بحمد القتل والتهجير، وبإدامة نعمة الخوف، كبروفة على التدرب على الخوف من الله، ومن عذاب يوم القيامة الذي يستحقه السوريون الخونة، والذي لا يعادل عذاب الأمن العسكري ولا عذاب الأمن الجوي، إلا حبة تراب من جبل كبير.

دستور من خاطر عملية غصن الزيتون، ولصوص الزيتون، ومن شرعيي التعفيش الحر، الذين نقلوا أضابيرهم من جيش الإسلام، ومن النصرة ومن داعش، ليكونوا شرعيي القتل والإذلال الذي تدربوا عليه في سجون الأسد، وهم مصرون على تعميمه على كل الشعب السوري.

دستور من خاطر الرفيق عبد الله أوجلان، وباعة الإحداثيات الذين شاركوا في تدمير الجزيرة والفرات مع الدواعش والأمريكيين، ولكن نواياهم حسنة، فهم لا يهدفون من ذلك إلا نشر فكر عبد الله أوجلان، والطوباوية القومية الاشتراكية التي تربت في كنف مخابرات حافظ الأسد، ومعسكرات حزب الله في لبنان.

دستور من خاطر الدكتور أحمد طعمة، الذي سلم إضبارة السوريين لمن يرغب بتمثيلهم من الأتراك، على اعتبار أن الوحدة الإسلامية والخلافة العثمانية، أهم من الوطنية السورية العابرة والمؤقتة.

دستور من خاطر علماء الشام، وأحرار الشام، وما إلى ذلك من السلاسل الإخوانية التي تتفوق على سلاسل الماكدونالد، وسلاسل شعيبيات أريحا.

دستور من خاطر العالم الذي يحفر المقابر الجماعية للسوريين، ويعد من تبقى منهم بإنشاء دورات تدريبية على تقبل الخوف، والتعذيب، والتبشير الإيراني، والبخور الروسي للطائرات التي تقتل وتدمر البلاد بلا هوادة.

دستور من خاطر دي مستورا، ودستور من خليفته، الذي جاءت خلافته بعد انهيار خلافة البغدادي، الخليفة الذي صار مثل تيس البوكمال يجتذب الناس جميعًا إليه في البوكمال، ولكن هذه المرة ليس لمعالجة العواقر وإنما لتدمير ما تبقى من المدن والقرى وتعذيب البشر.

دستور من خاطر الموت، ومن خاطر التدمير، ومن خاطر التهجير، ومن خاطر الخوف.. هذا هو الدستور القادم إلينا بوجود نظام الأسد، وأجهزته الدموية، التي مسحت كل الدساتير السابقة بدماء السوريين.

ولكن أحدًا ما، لن يسمع، ولن يقبل بدستور، لا يكتبه شباب سوريا وأحرارها بعد إسقاط النظام ووفق القرار 2254، الشباب الذين يطمحون إلى سوريا جديدة وخالية من كل هذه الأوخام التاريخية المجيدة.

مقالات متعلقة

  1. "هيئة التفاوض" تنشر أسماء مرشحي اللجنة الدستورية
  2. مين أكل الدستور
  3. لماذا لا يهتم السوريون بالانتخابات الإيرانية
  4. تعديل الدستور السوري.. محاصصة أم حل؟

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي