عنب بلدي – خاص
في سبيل الدفع بقضية المعتقلين السوريين قبل انعقاد مؤتمر “بروكسل” الثالث بشأن “دعم مستقبل سوريا”، وجه عدد من الناجين السوريين من سجون النظام وعائلات المختفين قسريًا رسالة لمنظمي المؤتمر، الذي سيُعقد في الفترة ما بين 12 و14 من آذار المقبل في العاصمة البلجيكية (بروكسل).
الرسالة وُجهت بشكل خاص إلى الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، والمبعوث الأممي الجديد إلى سوريا، غير بيدرسون.
وتطالب الرسالة بالضغط على نظام الأسد وروسيا وجميع أطراف النزاع السوري، للكشف عن مصير مئات الآلاف من الأشخاص المفقودين، ودعم البحث لتوثيق وتحديد هوية جميع المفقودين السوريين وكشف مصير جثث الضحايا، إضافة لدعم دور الناجين السوريين وعائلات المختفين في أي خطوة تتعلق بعملية السلام في سوريا.
كما أكدت الرسالة على ضرورة وقف جميع جهود عملية إعادة الإعمار حتى يتم إيقاف عمليات الاعتقال غير الشرعية والاختفاء القسري، إلى جانب الدفع نحو دعم جميع الجهود لمحاسبة مرتكبي جرائم التعذيب وسوء معاملة المعتقلين في سوريا.
منظمات مدنية تساعد أهالي المعتقلين
المديرة التنفيذية لمنظمة “دولتي”، سلمى كحالة، تحدثت لعنب بلدي عن فحوى هذه الرسالة والصدى المتوقع من وراء إطلاقها، إضافة لما يجري من تحركات تخص قضايا المعتقلين.
وأوضحت كحالة أن منظمة “دولتي” بالتعاون مع “المركز السوري للحريات”(SCM) و”الحملة من أجل سوريا” (Syria Campaign) تدعم أربع مجموعات مكونة من معتقلين سابقين وعائلات مختفين أو معتقلين، لتوصيل صوتهم ومطالبهم لمنظمي مؤتمر بروكسل.
وأشارت كحالة إلى أن مؤتمر بروكسل هو واحد من الفرص الأساسية لتوصيل مطالب السوريين للمجتمع الدولي، لدفعه نحو أخذ موقف مشترك من قضايا المعتقلين، وفي سبيل ذلك يجري التشبيك مع هذه المجموعات للدفع نحو وضع قضية المعتقلين والمختفين، وموضوع المحاسبة ومعرفة الحقيقة، كأولوية لدى المجتمع الدولي، ومطالبته بأخذ دور أكبر في حل هذه القضايا ومعالجتها.
ولفتت إلى أنه وفي هذا العام تجري محاولة الاستفادة من دروس السنوات السابقة بأن لا يتم الاعتماد على الطرق التي يضعها المجتمع الدولي لمشاركة السوريين في المؤتمر، أو أن يحضروا اجتماعًا مغلقًا مع مجموعات قد لا تشترك معهم بنفس القيم، أو أن يبدوا رأيهم بورقة واحدة كنوع من التفاوض.
وتتم المحاولة في هذا العام للتركيز في التأثير على أجندة المؤتمر قبل عقده، مع مجموعات تتشارك نفس القيم والأهداف، ولذلك يجري العمل حاليًا على دعم مجموعات الضحايا وعائلات المعتقلين السابقين حتى يتمكنوا من دفع هذا الموضوع ووضعه على أجندة المؤتمر، وأن لا يتم الانتظار لوقت المؤتمر من أجل عمل هكذا نشاطات.
وتطالب المجموعات الأربع في هذه الرسالة أن يأخذ المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص دورًا أعمق، وأن يمارس ضغطًا دبلوماسيًا أكبر باتجاه دعم موضوع المعتقلين في مجلس الأمن الدولي ولدى المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا غير بيدرسون.
وإضافة إلى ذلك تطالب المجموعات بآليات لمعرفة مكان وجود الأشخاص المختفين، وأن يضع المجتمع الدولي والدول الأوروبية بالذات أهم الموارد والإرادة السياسية لدعم محاسبة مرتكبي جرائم التعذيب وسوء معاملة المعتقلين في سوريا، إن كان من خلال جهود الدول التي من الممكن أن تحاكم هؤلاء الأشخاص بمحاكمها الوطنية، أو من خلال دعم آليات مثل “الآلية الدولية المحايدة المستقلة”.
ولفتت كحالة إلى أنه يجري حاليًا العمل على عدة نشاطات لاحقة، للتأكيد على المطالب الموجودة في الرسالة، منها تنظيم رحلة إلى بروكسل مع العائلات ومجموعات الضحايا والشركاء ليجتمعوا مع أصحاب القرار من وزراء وممثلين في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي.
وستكون هذه الرحلة خلال شهر شباط الحالي قبل انعقاد المؤتمر، ليتم الوصول إلى الهدف المتمثل بوضع صانعي القرار قضايا الاعتقال والمحاسبة كأولوية لديهم في المؤتمر.
وإضافة إلى ذلك يتم التركيز على المناصرة في سبيل إيصال صوت المعتقلين والمختفين وعائلاتهم في المؤتمر، والتغطية الإعلامية خارج المؤتمر.
وبقيت قضية المعتقلين في سوريا محط جدل في المباحثات والمؤتمرات الدولية الباحثة عن حل سياسي، وسط مطالب بتحييدها وإبعادها عن أي تسويات سياسية، دون إحراز أي تقدم في هذا الملف.
كما لم تستطع أي جهة دولية حتى اليوم محاسبة المسؤولين عن التعذيب، رغم آلاف الانتهاكات التي توثقها منظمات حقوقية محلية ودولية.
ويتعرض المعتقلون في السجون والفروع الأمنية لأساليب تعذيب وصفت بـ “الوحشية”، تتسبب بحالات الوفاة، أو الإصابة بأمراض مزمنة، مترافقة مع حرمان من الغذاء والأدوية والعلاج اللازم.
ومع غياب الأرقام الرسمية، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وجود 118 ألف معتقل سوري بالأسماء، لكن التقديرات تشير إلى أن العدد يفوق الـ 215 ألف معتقل، 99% منهم موجودون في معتقلات النظام السوري.
ويُعقد في بروكسل مؤتمر دوري حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، انطلق لأول مرة في نيسان 2017، ثم عقدت الدورة الثانية منه في نيسان 2018، ويتم خلاله جمع تبرعات مالية لسوريا.
وتهدف النسخة الثالثة من مؤتمر بروكسل إلى جمع خمسة مليارات دولار للاستجابة لأزمات النازحين واللاجئين السوريين في بلدان اللجوء المجاورة، خاصة في لبنان وتركيا والأردن.
وجمع المانحون في مؤتمر “بروكسل 2018” 3.6 مليار يورو (4.4 مليار دولار) من المساعدات لعام 2018، بحضور ممثلين عن 86 دولة وجهة حكومية وغير حكومية.
وأكدت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان حول مؤتمر بروكسل الثالث، مواصلة الاتحاد الأوروبي حشد جميع الأدوات السياسية والإنسانية المتاحة له لدعم الشعب السوري، والتوصل في نهاية المطاف إلى حل سياسي تفاوضي يساعد على تهيئة الظروف لمستقبل أكثر إشراقًا لجميع السوريين، بحسب تعبيرها.