ريف حماة – إياد أبو الجود
ليست هي المرة الأولى التي تطرح فيها قضية البطالة في ريف حماة، الخاضع لسيطرة المعارضة السورية، لكن استمرار استهداف تلك المناطق من قبل النظام وتدمير البنى التحتية فيها، فضلًا عن غياب المشاريع الإنتاجية المدعومة من منظمات المجتمع المدني، فاقم من تلك المشكلة التي أصبحت حديث الأهالي في الآونة الأخيرة.
يشهد الريف الحموي باستمرار حركات نزوح للأهالي بسبب القصف الذي يتعرض له، ما أدى إلى تجميد الحركة في سوق العمل، وصعوبة توفر فرص عمل للشباب الذين ما زالوا يعيشون في تلك المناطق.
بطالة بنسبة 80%
يقول رئيس المجلس المحلي لقرية الحواش، شاهر الحسن، إن سكان سهل الغاب في ريف حماة الغربي يعتمدون بمعيشتهم على الزراعة وتربية المواشي، الأمر الذي سبب عبئًا كبيرًا على الأهالي، لتضاؤل نسبة الزراعة في السهل نتيجة القصف.
وأضاف الحسن في حديث لعنب بلدي، أن نزوح قسم كبير من أهالي سهل الغاب إلى مخيمات الشمال دفعهم لبيع المواشي، مشيرًا إلى أن نسبة البطالة في السهل تجاوزت 80%، نظرًا لصعوبة العمل في مجال الزراعة وتربية المواشي بسبب ارتفاع التكلفة وغياب الجهات الداعمة وانعدام المشاريع الحيوية.
ويبلغ عدد سكان سهل الغاب حاليًا 200 ألف نسمة، والعدد مهدد بالانخفاض نتيجة سيطرة النظام على قرى ما يعرف بـ “خط الوسط”، الممتدة من قرية الكريم جنوبًا حتى قرية الحاكورة شمالًا، ما يجبر الأهالي على ترك منازلهم وأراضيهم.
ودعا الحسن المنظمات والفعاليات إلى الاهتمام بسهل الغاب، كونها منطقة زراعية وتكثر فيها الينابيع والمجاري المائية، لإعادة الحياة من خلال دعم المشاريع الزراعية والإنتاجية واستقطاب الأيدي العاملة.
الناشط مصعب الياسين، قال إن نسبة البطالة بين الشباب في ريف حماة بلغت 66%، بحسب أرقام منظمات مدنية عاملة في المنطقة، مشيرًا إلى أن قلة المشاريع وواقع الحرب الذي يعيشه الأهالي فاقم من المشكلة.
وأكد الياسين تقلص المشاريع المدعومة من قبل المنظمات المعنية، رغم أن مناطق ريف حماة مؤهلة لإقامة مشاريع عدة، منها معامل الألبان والأجبان وتربية المواشي والمشاريع الزراعية وتربية الأسماك والنحل، من وجهة نظره، متسائلًا عن سبب إهمال المنظمات لكل تلك المشاريع.
خريجو الجامعات.. أعمال بعيدة عن اختصاصاتهم
في مدينة اللطامنة بريف حماة الشمالي، يرى مدير مكتب الخدمات في المجلس المحلي للمدينة، أحمد هارون، أن حالها يشبه مدن وقرى الريف الحموي.
وأشار هارون لعنب بلدي إلى أن نزوح أهالي اللطامنة إلى مناطق الشمال السوري فاقم تدهور القطاع الزراعي في المدينة، خاصة أن الأهالي يعتمدون على الزراعة كمورد دخل أساسي، وهو ما أجبرهم على العمل في مجالات بعيدة عن اختصاصهم بسبب الحاجة، مشيرًا إلى أن عدد أهالي اللطامنة لا يتجاوز خمسة آلاف عائلة بين مقيمة ونازحة إلى الشمال.
ورغم ذلك، يؤكد هارون انتشار ظاهرة البطالة في المدينة، “لو افترضنا وجود شخص واحد عاطل عن العمل في كل عائلة، يكون لدينا خمسة آلاف عاطل عن العمل، والحل هو مشاريع إنتاجية صغيرة مدعومة من قبل المنظمات، وتدريب الشباب على بعض المهن”.
أحمد الفضل، خريج قسم الجغرافيا في كلية الآداب بجامعة حلب عام 2013، قال إنه بعد تخرجه أجرى عدة مقابلات توظيف “لكن دون جدوى”.
وأضاف أحمد لعنب بلدي أن السبب ليس ضعف مؤهلاته بل بسبب الوساطات والمحسوبيات التي تسيطر على معظم المؤسسات في ريف حماة، على حد قوله.
وتابع، “الآن أنا عاطل عن العمل تقريبًا، باستثناء بعض الأعمال القليلة التي أقوم بها كأجير، مثل نجارة الباطون وحفر المغاور والآبار ونقل الإسمنت بأجور زهيدة جدًا لا تكفي لتلبية متطلبات الحياة اليومية”.
تأتي محاولات أحمد للحصول على فرصة عمل مناسبة بالتزامن مع محاولاته الهجرة خارج البلد، لكنه لم يستطع بسب الكلفة المالية التي يتطلبها الدخول إلى تركيا.
وكذلك يعاني الشاب فؤاد المصري، العامل في مجال بناء المنازل، من مشكلة البطالة، ويقول لعنب بلدي “كنت في السابق أذهب إلى لبنان من أجل العمل، أما الآن فلا يمكنني الذهاب خشية اعتقالي من قبل أجهزة أمن النظام”.
ويضيف، “نتيجة استمرار القصف على أرياف حماة، والنزوح المستمر، توقفت الحركة العمرانية بشكل شبه كامل الأمر الذي تسبب في بقائي دون عمل”.
الشمال السوري في مهب البطالة
المهندس محمد حلاج، مدير فريق “منسقي الاستجابة”، قال إن البطالة في الشمال السوري وصلت إلى 75%، عدا مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، أما مناطق ريف حماة وحدها فترتفع فيها نسبة البطالة لتصل إلى 85%.
ويرى حلاج، في حديث لعنب بلدي، أن الضرر الكبير في القطاع الزراعي والتعليمي والقطاعات الإنسانية في ريف حماة، فضلًا عن العواصف المطرية التي تسببت بأضرار في المزروعات على مسافة مئات الهكتارات نتيجة غياب التصريف، كل ذلك أدى إلى زيادة نسبة البطالة بسبب عدم القدرة على استثمار الأراضي الزراعية.
وفي مجال التعليم، قال الحلاج إن الأضرار الكبيرة في البنى التحتية للمؤسسات التعليمية والمدارس تسببت بتفشي البطالة بين المعلمين.
ولا يزال الشباب السوريون يواجهون مشكلة البطالة، إلى جانب جملة من التحديات الأمنية والعسكرية والاجتماعية التي فرضتها ظروف الحرب عليهم، ساعين نحو الهجرة خارج البلاد رغم انعدام فرص السفر تقريبًا.