د. أكرم خولاني
من المعروف أن داء السكري مرض تضعف فيه المقاومة وتكثر فيه المضاعفات، ومن تلك المضاعفات عدة تظاهرات مشهورة تصيب الجلد، بعض هذه التظاهرات يرتبط بالداء السكري، وبعضها يرتبط بمعالجات الداء السكري، ولكل منها اسمها الخاص وأعراضها وعلاجها، ويمكن للطبيب أن يشخصها مباشرة، أو من خلال سلسلة من التدابير التشخيصية، ومعظمها يحتاج متابعة مع الطبيب المختص بالأمراض الجلدية أو بالسكري.
ما أشيع التظاهرات الجلدية المرتبطة بالداء السكري
البلى الفيزيولوجي الشحماني السكري (NLD):
داء تنكسي متعلق بالكولاجين والنسيج الشحمي تحت الجلد، تبدأ الآفة على شكل لويحة حمامیة مستديرة ذات حدود واضحة جدًا حمراء مزرقة، ويكون المركز أولًا متصلبًا بلون بورسلاني ثم يصبح ضموريًا منخفضًا متوسع الشعريات، وتتطور ثلث الآفات باتجاه تشكیل القرحة إذا ما سبقت برض.
ويشك بعدة عوامل مسببة له وهي: نقص التروية الثانوية نتيجة شذوذات الدوران في الأوعية الصغيرة والتهاب باطن الشريان الساد وتراص الصفيحات، وشذوذات المعتدلات متعددة النوى، والتفاعلات المناعية مع تحريض السيتوكينات وعوامل نسيجية، وربما تلعب الرضوض دورًا.
تظهر معظم الآفات على الناحية أمام الظنبوب في القسم السفلي من الساقین، وعندما يحدث البلى في ناحية غير الساق تكون أقل ترافقًا مع الداء السكري.
يقدر بأن 60% من المصابين به لديهم سكري من النموذج الأول أو الثاني، و20% لديهم قصة عائلية لمرض السكري، ويمكن أن يسبق السكري بعدة سنوات أو يظهر بطريقة متزامنة مع السكري ويصيب النساء الشابات أكثر من الرجال بنسبة أربع إلى واحد.
يختفي البلى الفيزيولوجي الشحماني السكري في 13-19% بشكل تلقائي بعد مدة تتراوح بين 6-12 سنة واستمرار الآفة يعتمد على مراقبة سكر الدم.
الشواك الأسود:
اضطراب يتميز بوجود تسمك جلدي ذي ملمس مخملي مفرط التصبغ ذي لون بني فاتح إلى أسود على
الظهر وجانبي العنق والإبطين والسطوح الانعطافية.
إن الآلیة الحقيقية لحدوث الشواك الأسود مجهولة، وھناك ثمانیة أنماط من الشواك الأسود، النمط الأشیع ھو الشواك الأسود المترافق مع البدانة، كذلك هناك الشواك الأسود المرافق للخباثة، والشواك الأسود المرافق للسكري ويحدث نتيجة ارتفاع مستوى الأنسولين الناتج عن وجود مقاومة من الجسم ضد الإنسولين.
لیس ھناك علاج شاف للشواك الأسود، ويجب توجيه التدبير الرئيسي تجاه المشكلة المستبطنة.
اعتلال الجلد السكري:
يعتبر اعتلال الجلد السكري، والذي يدعى ببقع الجلد أمام الظنبوب، العلامة الجلدية الأكثر شيوعًا في الداء السكري، وتلاحظ عند 30-60% من السكريين و20% من غير السكريين و بأعمار مختلفة، ويتعلق حدوثها بشدة الداء (سكري قديم وغير مسيطر عليه)، ونسبة إصابة الرجال إلى النساء 2 إلى 1.
ويتظاهر اعتلال الجلد السكري على شكل آفات ثنائية الجانب، ولكن ذات توزع غير متناظر، ويبدأ بحطاطات صغيرة متوسفة وبصفيحات صغيرة حمراء داكنة، قطرها 0.5- 1 سم، متوضعة في المناطق حول قصبة الساق، وتتطور بشكل ثانوي نحو ندبات مصطبغة مستديرة مع ضمور سطحي.
وتتراجع آفات اعتلال الجلد السكري عفويًا تاركة تندبات وراءها.
الجلد السمیك السكري:
يصبح الجلد في هذه الحالة شمعي وخشن، خاصة على المفاصل السلامية، وتصعب فيه حركة الأصابع وتصبح قاسية، وهذا الاضطراب ثنائي الجانب ومتناظر ولا عرضي عدا الانزعاج المفصلي الوظيفي المترقي، ويبدأ نموذجيًا من الإصبع الخامس ثم يتطور وحشيًا باتجاه الأصابع الأخرى محددًا وضعية الانبساط بشكل خاص.
وقد تم تقسیم الجلد السمیك السكري إلى ثلاثة أقسام:
- تبدلات شبيهة بالصلابة الجلدية مع مفاصل متيبسة وتحدد بالحركة .
- سماكة جلدية قابلة للقياس ولكنھا غير مھمة سريريًا.
- الوزمة الصلبة السكرية .
قد يحدث تسمك جلد ظهر اليدين في حوالي ثلث مرضى الداء السكري، وهناك توافق بين الجلد السميك وتيبس المفاصل من جهة ازدياد العمر أكثر من التوافق مع عيار سكر الدم.
لم يتم التعرف إلى الآلية الإمراضية لحدوث الجلد السميك السكري، ويرجح أنه يحدث نتيجة تميه الكولاجين التالي أو بشكل ثانوي لتراكم البولیول والانحلال السكري اللاخمائري للكولاجين.
ولا توجد معالجة لهذه الحالة، لكن ضبط عيار سكر الدم قد يكون مفيدًا.
الفقاعات السكرية:
تتظاهر سريريا بظهور مفاجئ دون حدوث رض أو إنتان لفقاعات غير عرضية، متوترة ثم مرتخية، تحتوي على سائل رائق عقيم، دون حمامى محيطية، قطرها من 0.5 سم إلى عدة سنتيمترات، غالبا ما تكون ثنائية الجانب، وتتوضع غالبًا على الجانب الوحشي وظهر اليدين والقدمين والساعدين والساقين، وتشفى بين 2-5 أسابيع دون ترك ندبات، ويمكن أن تنكس، وتتركز المعالجة على الوقاية من حدوث الخمج.
تلاحظ الفقاعات الجلدية السكرية خصوصًا عند الرجال البالغين المصابين بسكري شديد وقديم، ويميل المرضى لأن يكون لديهم دوران طبيعي في الأطراف، ولكنهم يعانون من اعتلال عصبي محيطي.
الجلد الأصفر والأظافر الصفراء:
حالة سليمة غير ذات أهمية، السبب المرضي لهذه الحالة لا يزال موضع جدل، ولكن قد يكون التبدل عائدًا لزيادة في عيار الكاروتين أو بسبب الانحلال السكري اللاخمائري للكولاجين الأدمي.
أكثر ما يشاهد اللون الأصفر بوضوح في القسم القاصي من ظفر الإبھام والراحتين والأخمصين، وإن 50% من مرضى السكري سيشكون من أظافر صفراء، وتشاهد بشكل شائع عند السكريين المسنين، ولا توجد معالجة لهذه الحالة في الوقت الحاضر.
الأورام الصفراء الطفحية:
تظهر فجأة في حالة فرط الشحوم الدموية الثانوي نتيجة فرط سكر الدم، وتتظاهر بحطاطات متعددة شمعية مصفرة قاسية محاطة بهالة حمراء، قطرها من1-4 ملم، وتتوضع على الوجوه الانبساطية للأطراف ومناطق الضغط (للظهر والمقعد والركبة والمرفق).
الخيار العلاجي الرئيسي ھو السيطرة الجادة على حالة فرط شحوم الدم المرافقة للداء السكري.
الجلادات الثاقبة:
وتعرف كذلك بداء كیرال، وهي حالة نادرة، توجد عند المرضى من العمر المتوسط غالبًا من الذكور المصابين بالسكري، وتتبع باختلاط قصور الكلية المزمن المحتاج للتحال الدموي.
تتميز ھذه الحالة بوجود الحكة والتسحجات، وتتظاهر بحطاطات صغيرة متعددة متفرقة و مسررة، قطرها من 2-10ملم، وترتفع على سطح الجلد بسدادة قرنية، وتتوضع على الجذع والوجوه الانبساطية للأطراف السفلية، ويمكن أن تأخذ شكلًا خطيًا أو تتجمع في منطقة.
تصعب معالجة الجلادات الثاقبة المكتسبة، وقد أعطى حمض الریتینوئیك بعض الفائدة بالمشاركة مع مضادات الھيستامين الموضعية لتخفيف الحكة.
القرحات السكرية:
عادة ما تحدث في القدم، فتسمى القدم السكرية، وهي تحدث نتيجة اضطراب وعائي مع اعتلال عصبي، وتشكل السبب الأهم لبتر القدم.
إن ضبط عيار سكر الدم يقي من حدوث ترقي اعتلال الأعصاب المحيطي الذي يعتبر العامل الرئيسي في تطور قرحة القدم، كذلك يجب التأكيد على إيقاف التدخين.
الإنتانات الجلدية:
يعتبر المرضى السكريون الذين لا يضبطون عيار سكر الدم لديهم أكثر عرضة للأخماج الجهازية والجلدية الشديدة، وتتضمن الأخماج الجرثومیة الجلدیة التي عادة تنجم عن المكورات العنقودیة والعقدیات بیتا الحالة للدم القوباء، الحمرة، التھاب الھلل، والتھاب اللفافة النخري، وتستطب المعالجة بالصادات جهازيا والتنضير في الأخماج الشديدة، ولكن المعالجة بالصادات غالبًا غير فعالة طالما أن السيطرة على السكري لم تتم.
ويعتبر التهاب الأذن الخارجية المسبب بالزائفة الزنجاریة (المقيحات الزرق) خمجًا خطيرًا ولكنه نادر وذلك في مرضى الداء السكري المسنين، وفي البداية يحدث نجيج قيحي مع ألم شديد في مجرى السمع الظاهر، ثم يتطور فيما بعد إلى التهاب ھلل والتهاب الغضروف والعظم ثم التهاب سحايا، وتتضمن المعالجة التنضير وإعطاء الصادات المضادة للزائفة وريديًا، ونسبة الوفيات عالية بين مرضى التهاب الأذن الخارجية الخبيث.
أما الإنتانات الفطرية فتشمل الإصابة بالمبيضات البيض، وهي عبارة عن عامل ممرض يترافق مع عيار سكر دم عال، وهي بذلك تكون دليلًا باكرًا على داء سكري غير مشخص، والنواحي الشائعة للإصابة هي الطيات الظفرية وزوايا الفم والفراغ الثالث بين أصابع القدمين، وأهم الطرائق العلاجية في ضبط عيار سكر الدم وإعطاء مضادات الفطور الموضعية والجهازية.
بالنسبة للفطور الجلدية الأخرى فإنه لا يزداد حدوثها عند السكريين ولكن يجب أن تعالج سريعًا لأنها تشكل باب دخول للإنتانات الجرثومية.
ما أشيع التظاهرات الجلدية المرتبطة بمعالجات الداء السكري
تأثيرات المعالجة بالأنسولين على الجلد: يمكن أن تحدث في مكان الحقن زيادة شحمية أو ضمور شحمي، وتتظاهر الزيادة الشحمية بظهور عقد أدمية مع جلد ذي مظهر طبيعي في أماكن الحقن المتكرر للأنسولين في نفس المنطقة (فعل مولد للشحم ناجم عن الأنسولين) ما يقلل من امتصاص الأنسولين، أما الضمور الشحمي فهو أقل شيوعًا ويحدث بعد 6-24 شهرًا من بدء المعالجة حيث يبدأ ظهور مناطق منخفضة في مكان الحقن بالأنسولين وأحيانًا أبعد من ذلك، ونادرًا ما يحدث تحسن تلقائي بعد تغيير موضع الحقن.
ويمكن تجنب هذه المشاكل الجلدية عن طريق تغيير مناطق حقن الأنسولين كل يوم عند استخدام قلم الأنسولين للحقن، وكل ثلاثة أيام عند استخدام مضخة الأنسولين.
وقد يشاهد مكان الحقن في حالات نادرة تصبغات أو جدرات أو شواك أسود، وفي حالات نادرة جدًا قد تحدث الوذمة المحيطية المتناوبة للأنسولين، وتعني اختلاطًا يشاهد غالبا عند الشابات عند إدخال المعالجة بالأنسولين أو زيادة الجرعة، وتكون موضعة في البطن والأطراف السفلية، والإمراضية غير معروفة، ويكون الإفدرين فعالًا.
تأثيرات المعالجات الفموية للسكري على الجلد: يمكن أن يؤدي استخدام السلفاميدات خافضة السكر (ميتفورمين) إلى تحسس ضيائي وطفح حزازاني أو وردي الشكل أو حمامى حلقية نابذة أو حمامى عقدية أو فرفرية، أما البيغوانيدات فتأثيراتها الجلدية نادرة جدًا.