مذابح وجرائم محاكم التفتيش في الأندلس

  • 2019/02/03
  • 11:03 ص

مراجعة نور الأحمد

“قُبض على مسلم وسيق للمحاكمة، وكان ثبات ذلك الرجل أمام هيئة المحكمة مدعاة إلى زيادة حفيظتهم عليه والمبالغة في تعذيبه… ضعوا الحديد في أصابعه وقدموه إلينا، ثم ضعوه في التابوت حتى يكون قادرًا على الوقوف!”.

واحدة من الآف القصص الشاهدة على الفظائع التي ارتكبها الملوك والقساوسة الكاثوليكيون، لاضطهاد وتعذيب المسلمين واليهود بعد سقوط الأندلس.

كسر الأطراف وقلعها، توابيت حديدية تطبق بالمسامير على الضحية حتى الموت، ومهرجانات احتفالية لحرق المسلمين أحياء، عجلات وآلات لسحق الأجساد البشرية، غلي الماء والزيت وسكبه على المدانين، وأقبية وسجون مملوءة بالدماء ورائحة الجثث المتفسخة.

هذا ما يلخصه كتاب مذابح وجرائم محاكم التفتيش، الاسم الأكثر رعبًا في الذاكرة الأندلسية، والجريمة الوحشية التي يستنكرها بعض الإسبان والأوربيين حتى الآن.

يروي الكاتب والباحث المصري محمد علي قطب، في 151 صفحة، من كتابه المكون من خمسة فصول الحكايا الدموية التي كانت تحدث لكل من يعارض سلطة الكنيسة الكاثوليكية ويخرج عنها، بعد سقوط آخر ممالك المسلمين في الأندلس غرناطة عام 722 للميلاد.

محمد علي قطب، كاتب وباحث في الشأن الإسلامي، كان أستاذًا في جامعة “أم القرى” بمكة، له العديد من المؤلفات والكتب في الأدب والشعر وعلم النفس، أشهرها “القاعدة الصلبة” و”الرسالة” و”الكون والحياة والإنسان”.

يصف الكتاب بدايةً الفتح والازدهار الإسلامي لإسبانيا (الأندلس)، إلى أن دبت الخلافات بين ملوكها حتى سقطت آخر ممالكها، بعد اتحاد ملكة قشتالة، إليزابيث، مع ملك أراجون، فرناندو الخامس.

يعتمد محمد قطب في كتابه على مصادر تاريخية مطلعة على فترة الحقبة الأندلسية، وقصص حقيقية لناجين من تلك المذابح والهاربين من محاكم التفتيش إلى المغرب.

ويسجل أعداد الضحايا، الذين قتلوا سواء بالحرق أو بطرق أخرى متبعة في التعذيب وصفت “بالشديدة”، في إشارة تاريخية إلى أن محاكم التفتيش وليدة القرن الثاني عشر بفرنسا، بعد إنشاء البابا سلطة قضائية استثنائية، نشرها في العالم المسيحي لمحاسبة المرتدين والسحرة.

رافق سقوط الأندلس فرض التحول القسري للمسيحية وإجبار المسلمين واليهود على اعتناق الكاثوليكية، وتحويل المساجد إلى كنائس، ومنع تداول اللغة والمفردات وكل الأسماء العربية بين السكان، بالإضافة إلى سعي الكنيسة لمحو كل شيء متعلق بالعرب أو الإسلام.

نصف مليون مسلم ومئات اليهود، واجهوا تهمًا تتعلق بهويتهم ودينهم كالتحدث بالعربية أو أكل الطعام العربي، ولا ينتهي الأمر بهم بالبراءة حتى يهانوا بالطرقات.

مقالات متعلقة

كتب

المزيد من كتب