تشهد العلاقة بين “هيئة تحرير الشام” وتنظيم “حراس الدين” المرتبط بتنظيم “القاعدة” توترًا، بعد الاجتماع الذي جمعهما، أمس الخميس، والذي رفض فيه الأخير طروحات قدمتها الأولى لمستقبل المرحلة المقبلة في الشمال.
ويأتي التوتر بعد توسع نفوذ “تحرير الشام” على حساب فصائل “الجيش الحر” في إدلب، والحديث عن خطوات تقوم بها عسكريًا ومدنيًا لإبعاد أي عمل عسكري من جانب النظام السوري وروسيا عن إدلب، بذريعة “الحرب على الإرهاب”.
وتتمثل الخطوات بتشكيل جسم عسكري واحد في إدلب تحل “تحرير الشام” نفسها فيه، إلى جانب تشكيل حكومة مدنية بعد إجراء تعديلات على الجسم الحالي لـ”حكومة الإنقاذ”.
وتشكل تنظيم “حراس الدين”، في شباط 2018، وضم سبع مجموعات عسكرية هي: “جيش الملاحم، جيش الساحل، جيش البادية، سرايا الساحل، سرية كابل، جند الشريعة”، وفلول “جند الأقصى”، ويقودهم القيادي في “هيئة تحرير الشام” سابقًا، “أبو همام الشامي”.
طروحات يرفضها “حراس الدين”
قائد “حراس الدين”، أبو همام الشامي، والشرعي العام السابق لـ”جبهة النصرة”، سامي العريدي، أصدرا بيانًا، أمس الخميس، قالا فيه إنهما تفاجآ بطروحات قدمها قادة في “تحرير الشام” لهم على رأسهم، أبو محمد الجولاني.
وتتمثل الطروحات بتشكيل مجلس عسكري بقيادة ضابط من الضباط المنشقين عن النظام السوري والملتحقين بـ”الجيش الحر” أو “فيلق الشام”، والأرجح “الفيلق”، ويملك المجلس العسكري قرار السلم والحرب في الشمال السوري.
وإلى جانب ذلك تفتح “تحرير الشام” الأوتوستردات الدولية مع النظام السوري، وأشار القياديان إلى أن هذه الطروحات تنعكس سلبًا على المناطق “المحررة” وخاصة في الوقت الحالي.
وعلى خلفية طروحات “الهيئة” طالب القياديان “تحرير الشام” بتسليم السلاح المتنازع عليه فيما بينهم سابقًا، وقالوا “نرى أنه لا يسعنا السكوت عن حقوقنا وسلاحنا فنحن اليوم نطالبهم بسلاحنا وحقوقنا، ولم يقض فيها ولم يحسم أمرها إلى الآن”.
وأضاف القياديان أن “الوقت الحالي هو وقت النفير العام وكسر شوكة النظام، وإضعافه اقتصاديًا وقطع طرق الإمداد عنه”.
وعقب يوم من بيان العريدي و”الشامي”، أصدر “جيش الساحل”، أحد تشكيلات “حراس الدين”، بيانًا طالب فيه “تحرير الشام” بسلاحه والغنائم التي أخذتها في أثناء المعارك والعمليات العسكرية الأخيرة.
خطة مرسومة
وترتبط طروحات “تحرير الشام” بتقرير نشرته عنب بلدي في 17 من كانون الثاني، عرضت فيه السيناريو المتوقع لإدلب بعد تغير الخارطة العسكرية على الأرض.
وقال مصدر من “الجيش الحر”، له تواصل مع الجانب التركي، إن “الجبهة الوطنية للتحرير” سيتم حلها إلى جانب “هيئة تحرير الشام”، على أن يكون الحل ليس كالمعنى المتعارف عليه بل بصيغة اندماج في جسم موحد لجميع التشكيلات.
وأضاف المصدر أن إدلب ستشهد تقسيمًا سياسيًا وعسكريًا، على أن يكون التمثيل السياسي لفصيل “فيلق الشام” المدعوم من تركيا، والعسكري لـ”الهيئة”.
وأشار المصدر إلى أن “حكومة الإنقاذ” سيتم إعادة تفعيلها، كي تدخل في العمل السياسي، لكن بواجهة جديدة.
وكان “أبو محمد الجولاني” قد سار بعدة خطوات، في السنوات الماضية، لإبعاد تهمة “الإرهاب” عن فصيله في خطوة لأن يكون مقبولًا دوليًا.
وتمثلت الخطوات بعزل قسم من التيار المتشدد في فصيله، والذي شكل بدوره “تنظيم حراس الدين”، وفيما بعد بدأ الأخير باستقطاب بعض المجموعات “المتطرفة” من “الهيئة” وإدراجها في صفوفه.
وفي حديث سابق مع مصدر مطلع على سير الحركات الجهادية في سوريا قال إنه من المتوقع أن يبدأ الجولاني في المرحلة المقبلة بمهاجمة “حراس الدين”، كخطوة لإثبات “الاعتدال”.
لكنه أضاف أن “الجولاني” لا يملك القرار الكامل لحل “تحرير الشام” حتى اليوم مع وجود قادة مهاجرين يرفضون بشكل قاطع هذه العملية.
قادة في “تحرير الشام” ينفون
ردًا على بيان “حراس الدين” أصدر ثلاثة قادة في “تحرير الشام” بيانًا نفوا فيه الطروحات التي تحدث عنها الأخير، لكنهم أكدوا الجلسة التي أقيمت بينهما.
والقادة هم “أبو قتادة الألباني”، “أبو عبيدة الشامي”، أبو عبيدة المصري”.
وجاء في بيانهم “في يوم الخميس كان لقاء طيبًا اجتمعت فيه القيادة العسكرية لهيئة تحرير الشام مع الإخوة في حراس الدين، وقد استمر اللقاء عدة ساعات تخللتها روح الأخوة حيث كان الكلام عن تعزيز نقاط الرباط وتنظيم العمل العسكري في المناطق المحررة”.
وقال القادة الثلاثة إنه “لم يتم التطرق في الجلسة إلى مسؤول غرفة العمليات العسكرية من أي فصيل هو أو من أي تشكيل عسكري، فقرار مسؤول غرفة العمليات العسكرية في حال تشكيلها يكون بالشورى يوم ترتيب شؤونها، فلذلك لم تُبحث هذه المسألة أصلًا، ولا تطرقنا كذلك في الجلسة المذكورة إلى مسألة الأوتوسترادات الدولية”.
وأضافوا “قد تفاجأنا في البيان الصادر عن الإخوة أبي همام وسامي العريدي أنه عرض عليهم هذا في جلسة رسمية معهم، وحيث إنه لم تعقد معهم جلسة أخرى غير هذه فنبين في هذه الشهادة عدم صحة ما ذكر في ذلك البيان”.
وكان ناشطون قالوا، أمس الخميس، إن “تحرير الشام” اعتقلت “أبو تراب الليبي” القيادي في “حراس الدين” في مدينة كفر زيتا بريف حماة.
وبحسب ما قالت مصادر إعلامية لعنب بلدي فإن “الهيئة” اعتقلت القيادي أبو محمد الحموي من “حراس الدين” أيضًا إلى جانب الليبي، بتهمة خطف شخص في ريف إدلب الشمالي، وطلب فديه قدرها 40 ألف دولار أمريكي.
تناقض في الموقف من “سوتشي”
وكان “حراس الدين” رفض الاتفاق الروسي- التركي حول محافظة إدلب، والذي ينص على إنشاء منطقة عازلة بين مناطق النظام السوري والمعارضة.
وفي بيان نشره عبر معرفاته الرسمية، 22 من أيلول، قال إن “ساحة الجهاد في بلاد الشام تمر بمرحلة حاسمة وخطيرة، واجتمعت قوى الشر على المشروع الجهادي”.
وأضاف البيان، “نحن في تنظيم حراس الدين نرفض البيان والمؤتمرات حول إدلب، ونحذر من هذه المؤامرة الكبرى، ونذكر بما حصل في البوسنة باتفاقية نزع السلاح، وننصح إخواننا بالعودة إلى الله ومحاسبة النفس”.
وجاء بيان التنظيم الجهادي بعد قبول “تحرير الشام” بالاتفاقية لكن بشكل غير مباشر، إذ أصدرت بيانًا عقب توقيعها شكرت فيه تركيا، وقالت “نقدر جهود كل من يسعى في الداخل والخارج إلى حماية المناطق المحررة، ويمنع اجتياحها وارتكاب المجازر فيها”، محذرةً من “مراوغة المحتل الروسي أو الثقة بنواياه”.
–