لم يعد الشعب السوري اليوم يصدّق سوى العنف الذي يراه ليل نهار، سواء من نظام الأسد وميليشياته الطائفية أو من تنظيم “الدولة الإسلامية” أو حتى من قبل قوات التحالف، ولا يأبه للوعود الأمريكية أو مجرد التحركات التي توحي بتدخل بري مقبل.
ذاق السوريون من نظام الأسد على مدار 4 سنوات الويلات وقتل منهم أكثر من 200 ألف مدني، موثقين بالأسماء حسب الأمم المتحدة؛ لكن ذلك لم يكن مدعاة للتدخل للإطاحة بالنظام وإيقافه عند الخطوط “الحمراء”؛ بل اكتفى الغرب بتجريده من إحدى أدوات القتل الكيماوي مقابل ضوء أخضر باستخدام باقي الأسلحة التي لا تفرق بين مدني وعسكري.
اليوم يتحدث المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة بلسان مبعوثها إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، عن دور الأسد في مرحلة انتقالية، ثم يستدرك بأنه يقصد “الحل السياسي”؛ أي سياسة هذه التي تستطيع الحفاظ على جزارٍ يحكم فرائسه بالساطور، مخوفًا إياهم بالذئاب المتربصة شرقًا وغربًا.
رغم ذلك، لا يزال الأسد يهزأ من المجتمع الدولي تحت أسطوانة الممانعة ومحاربة الإرهاب والمؤامرة الكونية، منكرًا عبر واحدةٍ من أكبر الوسائل الإعلامية، البراميل المتفجرة المتهاوية على البلدات المحررة أمام مرأى العالم، بالقول “أنا على دراية بالجيش.. إنهم يستخدمون الرصاص والصواريخ والقنابل.. لم أسمع باستخدام الجيش للبراميل، أو ربما أواني الطهي”.
إذن من المسؤول عن بقاء الأسد إلى اليوم ووصول البلاد إلى هذه المرحلة الحرجة، وفي مصلحة من يصب نشوء مشاريع طائفية متطرفة في المنطقة؟ نعم لقد دفع المجتمع الدولي الأمور بهذا الاتجاه، ولا عجب بإعادة ترميم الأسد إذا قدّم ما يريده الغرب في المنطقة.
ربما يجمع السوريين إلى الآن قاسمٌ مشتركٌ وحيد، وهو الاستعانة بالشياطين للتخلص من الأسد، ولو أنهم يؤمنون حقًا أن أحدًا لن يتدخل لحمايتهم وإنما سيكون التدخل -إن حصل- لخدمة مصالح المشاركين في المنطقة؛ لقد أضحوا إذن يتمنّون الموت فلا يجدونه.
هيئة التحرير