خيوط الحرية
جريدة عنب بلدي – العدد 27 – الأحد – 5-8-2012
أبواب موصدة وجدران عفنة تفصل بينه وبين أهله وأصدقائه في الخارج… أصوات القيود التي تئن في يديه تكاد تسمعها الجدران… وعيناه ترنوان إلى النافذة الصغيرة في الجدار… النافذة الوحيدة التي تربطه بالعالم الخارجي.. فخيوط الشمس التي تحاول التغلغل إلى زنزانته تحمل معها شيئًا من ذكرياته خارج المعتقل… بعضًا من رائحة الأهل والأصدقاء…
في كل لحظة تصدر صرخة من زميل في الاعتقال كان قد حان دوره في التحقيق… يتألم لألمه ويكاد قلبه ينفطر… ثم تراه يحاول أن يصمّ أذنيه قليلاً عن صوت الصراخ ليسمع من جديد صوت خيوط الشمس تتمايل على جدران الغرفة… وتطير به الذكريات إلى هناك… إلى حيث أتت خيوط الشمس.. إلى الحرية… يتعانق وإياها ويتحدان فتصبح الحرية دينه وديدنه وتحمله إلى خارج الغرفة بعيدًا عن السجن والسجّان… تذهب به إلى البعيد البعيد… تعيده إلى وطنه السليب.. إلى وطن خطّت قيود الاعتقال بعضًا من حروفه على معصميه… تعاود صرخات الألم طرق مسامعه من جديد… تذبح شغاف قلبه… يحاول إسكاتها من جديد… فصوت أنات الألم صار عادةً مقيتةً داخل المعتقل… وخيوط الشمس باتت ضربًا من ضروب المستحيل… قد تزورك مرة كل حين… وهي فرصة لا تعوض… علّق أفكاره بحبائلها وطارت معها إلى حيث يريد…. وهناك فقط… كان ما يريد فلا السجن يعيق خيوط الشمس من الدخول ولا السجان يمنعه من الوصول إليها…
في غرفة السجن المظلمة…. وحدها الحرية تدخل وتخرج إلى قلوب المعتقلين دونما قيد يمنعها..
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :